يعاني سكان الشمال السوري من سوء الخدمات الأساسية، وتردي البنى التحتية بالتزامن مع ارتفاع الكثافة السكانية في مناطق لا تتوفر فيها أدنى مقومات الحياة الأدمية، ومن بينها المخيمات التي لا يتوفر فيها الماء الصالح للشرب، أو الكهرباء، ولا توجد فيها شبكات صرف صحي رغم وجود مختلف أنواع الملوثات التي تجعل السكان أكثر عرضة للإصابة بالأمراض.
وقامت منظمة "إحسان للإغاثة والتنمية" خلال عام 2022، بتنفيذ عدد من المشاريع في قطاع المياه والصرف الصحي، أهمها استبدال شبكات الصرف الصحي في العديد من التجمعات السكانية، وأكد قائد فريق المنظمة غير الربحية، المهندس عيسى كبيش، لـ"العربي الجديد"، أنها تسعى إلى دعم مشاريع الخدمات طويلة الأمد بالتنسيق مع المجالس المحلية، كما تعمل على توظيف المنح التي تقدمها منظمات المجتمع الدولي لدعم مشاريع التنمية داخل مناطق سورية.
يضيف كبيش: "يعد الوصول إلى المياه الآمنة والصرف الصحي من بين الاحتياجات الأكثر أهمية في مناطق شمال غربي سورية، فمن دونها يتزايد خطر الأمراض المنقولة عن طريق المياه، وتتفشى الأوبئة المتعلقة بالصرف الصحي مثل الكوليرا، ما يجعل الأشخاص أكثر عرضة للأمراض والوفاة، وتكون المخاطر أكبر على النساء الحوامل والمسنين، كما أنّ الأطفال الذين يعيشون في تلك المناطق أكثر تعرضاً للوفاة بسبب تلوث المياه، ومن هنا جاءت أهمية تنفيذ مشاريع خدمية، وتأهيل أنظمة الصرف الصحي".
ويوضح أنّ "أهم التجمعات التي جرى استهدافها تشمل بلدات تفتناز، وكفر روحين، والحمامة، وكفرتخاريم، والعلاني، وحربنوش، وترمانين، وبلغ عدد المستفيدين من خدمات الصرف الصحي في هذه التجمعات أكثر من 73 ألف نسمة، كما تم استهداف مخيمات الإيواء في معرة مصرين، ومخيمات كفر روحين، وحربنوش، وتجمع اللج، ومخيم نازحي كفرنبل، وعدد المستفيدين أكثر من 14 ألف نسمة. الهدف الرئيسي من المشاريع هو القضاء على الأمراض والأوبئة التي تنتقل عبر الصرف الصحي المكشوف، وأبرزها الكوليرا".
ويقول النازح من مدينة سراقب، مصطفى المحمود، والمقيم بمخيمات كفر روحين، لـ"العربي الجديد": "مشروع تحسين الصرف الصحي وتأمين مياه الشرب النظيفة من أهم طرق الوقاية من الأمراض المعدية في المخيمات والتجمعات السكانية.
يعاني الناس من انتشار القمل وأمراض كالكوليرا، واللشمانيا، والجرب، والأنفلونزا، وكورونا، وكثير من الأمراض الصدرية".
ويضيف المحمود: "تعرضت طفلتي البالغة من العمر أربع سنوات للإصابة بمرض اللشمانيا (حبة حلب) بعد تعرضها للدغة بعوضة تتكاثر بسبب المستنقعات ومجاري الصرف الصحي المكشوفة، ومنذ أكثر من سنتين يجري علاجها في المراكز الصحية بحقن في مكان الإصابة، بالإضافة إلى المراهم الجلدية، وتركت الإصابة ندبة كبيرة شوهت وجهها، ومثلها العديد من الأطفال في المخيم، ما يستدعي القضاء على السبب للحد من انتشار المرض".
ويؤكد النازح من كفر نبل، سعيد حمدان، المقيم في مخيمات معرة مصرين، لـ"العربي الجديد"، أن السنة الماضية كانت مليئة بالأمراض المعدية والأوبئة، وتعرض عدد كبير من سكان المخيم للإصابة بالكوليرا بسبب تلوث مياه الشرب، وتابع أن "المخيمات ذات كثافة سكانية مرتفعة، وسكانها من الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض المعدية التي تودي بحياة كثيرين في ظل عدم توفر العلاج المناسب، والضغط الكبير على المراكز الصحية".
بدورها، تشير مسؤولة التثقيف الصحي في منظمة "سامز" الطبية، ريهام ويس، إلى أن "انتقال الأمراض عبر المياه شائع في المناطق التي تفتقر إلى الإصحاح البيئي الجيد، كما تزيد احتمالية تلوث مياه الشرب بالصرف الصحي، بالإضافة إلى اعتماد الناس على مياه غير آمنة، مثل مياه الأنهار والآبار لعدم وجود بدائل، وغالباً ما تكون هذه المشكلات أكثر حدّة في المخيمات المكتظة والعشوائيات السكنية، وهذا ما نرصده بعد انتشار جائحة الكوليرا في مناطق الشمال السوري".
وتضيف أن "هناك أمراضاً أخرى منها الزحار الأميبي المعروف باسم الإسهال الدموي، والتيفوئيد الذي تسببه بكتيريا السالمونيلا، والتهاب الكبد، وفي ظل الوضع الراهن، من الضروري الالتزام بإجراءات النظافة العامة، واتخاذ الإجراءات اللازمة للسيطرة على هذه الأمراض، ومنع العدوى، وتتضمن طرق الوقاية التأكد من توفر مصدر مياه آمن للشرب، وفي حال استخدام ماء الآبار أو الصهاريج ينصح بكلورة المياه، أو غليها ثم تبريدها قبل الشرب، وغسل اليدين المتكرر بالماء والصابون، وغسل الفواكه والخضروات جيداً".