استمع إلى الملخص
- جهود المستشفيات المحلية: مستشفى تبنين الحكومي تعرض لغارة أضرت بالبنية التحتية، لكنه يستمر في العمل بفضل جهود العاملين. مستشفى النبطية الحكومي يركز على العمليات الجراحية الطارئة ونقل الحالات الحرجة، ويعانيان من انقطاع المياه والكهرباء.
- دور وزارة الصحة والتنسيق: وزارة الصحة أطلقت نداءً لتوفير كوادر طبية وتمريضية، وخصصت مستشفى رفيق الحريري في بيروت لاستقبال الجرحى. التنسيق مع الجيش اللبناني لتأمين الطرقات ونقل الجرحى، وإنشاء عيادات متنقلة.
كما في قطاع غزة، لم يتردد العدو الإسرائيلي في استهداف المستشفيات في جنوب لبنان حيث تتركز اعتداءاته، بالإضافة إلى البقاع. رغم ذلك، فإن المستشفيات تعمل وفق تنسيق وخطط لمساعدة الجرحى قدر المستطاع.
وضع العدوان الإسرائيلي على لبنان، الذي يتركز في الجنوب والبقاع، المستشفيات الحكومية أمام تحدٍّ كبير في ظل عدد الجرحى المرتفع، الأمر الذي تطلّب منها العمل وفق خطة تحول دون إنهاكها، وخصوصاً أن عدداً من العاملين في القطاع الصحي اضطروا إلى النزوح وعائلاتهم. وحتى قبل بدء العدوان يوم الاثنين الماضي، كان على المستشفيات التعامل مع الكمّ الكبير من الإصابات جراء تفجيرات البيجر واللاسلكي. من جهة أخرى، وعلى غرار قطاع غزة، لم تسلم المستشفيات من القصف الإسرائيلي.
توجهت الأنظار إلى واقع القطاع الصحي في لبنان ومدى قدرته على مساعدة المزيد من الجرحى. وباتت المُستشفيات عرضة للاستهداف المباشر، بعدما أغار العدو الإسرائيلي على محيط العديد من المستشفيات في الجنوب، من بينها مستشفى تبنين الحكومي (قضاء بنت جبيل)، والمستشفى اللبناني الإيطالي (قضاء صور)، ومستشفى النبطية الحكومي.
في مدينة صور (جنوبيّ لبنان)، تعرّض محيط المستشفى اللبناني الإيطالي لخمس غارات لم تُوقع ضحايا من الكادر الصحي أو الجرحى الموجودين في داخله. يقول طبيب الطوارئ إبراهيم فرج، لـ "العربي الجديد"، إنها "ليست المرة الأولى التي نعيش مثل هذه الحروب. والخطة التي وضعها المستشفى مبنية على مواجهة الضغط بأقل كلفة ممكنة ومن دون أي هدر مالي، بهدف مساعدة العدد الأكبر من الجرحى. كذلك عملنا على تقييم حالات الجرحى التي استقبلتها المستشفيات خلال الأيام الأخيرة. كانت الأولوية لإنقاذ حياة الجرحى وإجراء عمليات العيون. والأشخاص الذين يُستلزم بقاؤهم في المستشفى ينقلون إلى مستشفيات آمنة. والخطوة الثانية جولة يومية لإفراغ المستشفى بنسبة 60% من الحالات، لضمان استقبال مزيد من الحالات الطارئة، وهو ما يُقام بطريقة علمية مدروسة وموضوعية دون الاستهتار بحياة المرضى".
يضيف فرج: "المستشفى شكل خلية أزمة تعمل على أن يكون حاضراً على مدار الساعة. هناك ثلاثة أطباء جراحة عامة، وثلاثة أطباء جراحة عظام، وطبيبا طوارئ، وثلاثة أطباء تخدير. وكل هذه الطواقم الطبية والتمريضية تبيت في المستشفى حتى لو خارج دوام عملها لتفادي أي نقص، في ظل احتمال قطع الطرقات من قبل العدو الإسرائيلي لعدم تمكن الطواقم الطبية من الوصول إلى المستشفيات".
ويقول فرج إن "العديد من الممرضات المتقاعدات أطلقن مبادرة فردية والتحقن بالمستشفى لتقديم المعونة للكادر التمريضي، وتخفيف العبء عن الكادر الأساسي من دون أي مقابل مادي". ويقول: "نحن الأطباء نقف بين نارين، وفي الحالتين نشعر بخسارة. من جهة، علينا تلبية واجبنا الطبيعي والإنساني وإنقاذ حياة المرضى. ومن جهة أخرى، فإن التأخر بتلبية الاحتياجات وحماية عائلاتنا قد يؤدي إلى اتهامنا التقصير. وهذا يزيد من شعورنا بالظلم تجاه عائلتنا ويضعنا أمام ضغوط نفسية كبيرة".
وفي ظل خبرته في قسم الطوارئ، يقول فرج إن "عملية النزوح التي شهدها الجنوب منذ يوم الاثنين تخفف العبء عن المستشفيات".
مستشفى تبنين وانقطاع المياه
وتعرّض مستشفى تبنين الحكومي (قضاء بنت جبيل) لغارة لم توقع ضحايا من الكادر الطبي والعاملين. ويشير مصدر في إدارة المستشفى في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الأضرار طاولت ألواح الطاقة الشمسية التي تمد المستشفى بالكهرباء، بالإضافة إلى تضرر سيارات عدد من العاملين والأطباء في المستشفى، وسيارتي إسعاف". يضيف: "منذ فترة، طلبنا من جميع الكوادر الطبية والعاملين عدم الوقوف في الباحات الخارجية للمستشفى، إلا لحالات الطوارئ، حفاظاً على سلامتهم، وليتمكنوا من القيام بواجباتهم". وحال مستشفى تبنين الحكومي مشابه للعديد من المستشفيات، حيث يعمل العاملون فيه على مدار الساعة وخارج دوامهم الرسمي، جراء الخوف من عدم تمكنهم من الالتحاق بمهماتهم في حال تطوُّر الأمور.
وبحسب إدارة المستشفى، فإنه يعاني جراء انقطاع المياه، ويعمل الجيش اللبناني على تأمينها. كذلك هناك انقطاع دائم للكهرباء، ما يجعلهم يتكبدون أموالاً طائلة لتأمين الوقود. وعلى الرغم من ذلك، فإننا مستمرون للقيام بمهماتنا".
ويختم المصدر في إدارة المستشفى حديثه، قائلاً إنه حتى الساعة، لم تستعن المستشفى بأي من الكوادر التمريضية والطبية من المستشفيات المجاورة. ومن أولوياتها معالجة حالات النزف والكسور، قبل نقل الجرحى إلى مستشفات أخرى لاستقبال حالات أخرى. ومستشفى تبنين من أكبر المُستشفيات المحاذية لقرى قضاء بنت جبيل، وبالتالي هو تحت ضغط هائل".
مستشفى النبطية: الوضع ساعة بساعة
يقول مدير مستشفى النبطية الحكومي حسن وزنة، لـ "العربي الجديد": "لم يكن من المتوقع استقبال المستشفى عدداً هائلاً من الجرحى"، لافتاً إلى أن بعض الإصابات استلزمت تدخلاً جراحياً كبيراً. إلا أن هذا الواقع لم يمنع العمل على إنقاذ حياة المصابين". يضيف أن أغلب المستشفيات في الجنوب اعتمدت على تقييم الحالات ومعالجتها حسب الأولوية، وقد "استطاع قسم الجراحة في المستشفى تلبية العمليات الجراحية، فيما نقلت الحالات المصابة بحروق، بالتنسيق مع غرفة عمليات وزارة الصحة، إلى مستشفى الجعيتاوي المتخصص بالحروق في بيروت. كذلك أُخليت الأقسام من الحالات غير الحرجة، وتوقفت العمليات الباردة". وفي ما يتعلق بمرضى الكلى والسرطان الذين يجب عليهم الخضوع للعلاج، يقول إن "بعض المرضى نزحوا إلى مناطق أكثر أمناً. كذلك قد يخشى بعض المرضى القدوم إلى المستشفى لتلقي العلاج".
ويشير إلى أنه لا خوف من نفاد المستلزمات الطبية، لافتاً إلى أن "مخازن المستشفيات مفتوحة، وجرى تأمين احتياطي من الوقود لتأمين الكهرباء على مدار الساعة في المستشفيات". لكنه لا ينكر أن العاملين في المستشفيات منهكون، ولديهم مسؤوليات تجاه تأمين عائلاتهم. يضيف: "بتنا نتعامل مع الوضع ساعة بساعة، نظراً لعدم القدرة على توقع همجية العدوان الإسرائيلي. الأساس تأمين الكادر الجراحي في المستشفى، والتكاتف الصحي وأعلى درجات التنسيق مع وزارة الصحة".
وزارة الصحة تطلق نداءً طبياً
إلى ذلك، تقول مسؤولة غرفة الطوارئ في وزارة الصحة، وحيدة غلاييني، لـ "العربي الجديد"، إنه "بعد المشهد الدموي الذي شهدناه هذا الأسبوع، نحن بحاجة إلى كوادر طبية وتمريضية للالتحاق بأقرب مستشفيات. اضطر العاملون والأطباء في بعض المستشفيات إلى النزوح ونقل عائلاتهم إلى مكان آمن". تضيف غلاييني: "سيخصص مستشفى رفيق الحريري الحكومي في بيروت ما يعرف بالتروما سنتر (مركز)، كي نتمكن من نقل عدد كبير من الجرحى من مستشفيات الجنوب ومعالجتها في بيروت لتخفيف الضغط".
وتنوه غلاييني بالتعاون الفعال بين المستشفيات، ولا سيما المستشفيات في شمال لبنان التي لا تزال تستقبل جرحى من الجنوب". وتوضح أن "نقل الجرحى والمرضى من المستشفيات تعد مهمة صعبة. ففي الأيام العادية، كثيراً ما لا تلبي مستشفيات طلبات مماثلة خشية نقل الجراثيم". وتشير إلى أنه عادة ما توجه الأنظار إلى المستشفيات الجامعية، مؤكدة أن جميع المستشفيات ومن دون استثناء قامت بواجبها الإنساني.
من جهة أخرى، تشير غلاييني إلى أن سيارات الإسعاف قد تستهدف خلال نقل الجرحى، ما يستوجب "التنسيق مع الجيش اللبناني لتقييم وضع الطرقات، ولا سيما بعد أزمة السير الخانقة التي شهدتها طرقات لبنان، فحياة المُسعفين مهمة كالجرحى، ولا يمكننا المخاطرة بأرواحهم. والوقت الأمثل لنقل الجرحى هو في ساعات الصباح الأولى".
وتشير غلاييني إلى إنشاء "عيادة مُتنقلة مخصصة لمتابعة الجرحى في المنازل في العاصمة بيروت، بهدف تنظيف الجروح. وباتت أقسام الطوارئ في المستشفيات الحكومية مخصصة لاستقبال مثل حالات كهذه، ولا سيما أن العديد من الجرحى نزحوا من مكان إلى آخر، وذلك على نفقة وزارة الصحة".