مستشفيات التوليد في فنزويلا تتحول إلى مستودعات للموت

30 يناير 2021
أوضاع مأساوية بمستشفيات الولادة في فنزويلا (جو ريدل/Getty)
+ الخط -

تحيط ورود حمراء وشمعة بنعش أبيض صغير. تمرر ويندي دولسي يدها عليه بصمت. فهذه الأم الفنزويلية تبكي طفلها الذي توفي بعد 39 يوما من ولادته في أحد مستشفيات العاصمة كراكاس، في حالة تعكس واقعا مريرا يعيشه كثيرون.

تروي المرأة البالغة 39 سنة، شريط الأحداث بين خضوعها لعملية توليد قيصرية في الأول من ديسمبر/كانون الأول، في شهر الحمل السابع، إلى معاينتها صغيرها بين مواليد جدد آخرين في غرفة باردة بابها مغلق. تقول ويندي: "لقد كان وحيدا في معركته"، متحدثة عن تقصير من الطاقم الطبي في متابعة وضع رضيعها الذي رأى النور في واحدة من قاعات التوليد الكثيرة التي طاولتها سهام الأزمة الخطرة في البلد الغارق في انكماش اقتصادي منذ سبع سنوات، وتضخم مفرط في السنوات الثلاث الأخيرة.
وتعاني المستشفيات العامة وضعا مترديا للغاية، إذ تفتقر للتجهيزات والطواقم المدرّبة. واختار كثر من أفراد الطواقم الطبية والتمريضية الالتحاق بصفوف أكثر من خمسة ملايين فنزويلي هربوا من البلاد التي ترزح تحت العقوبات الاقتصادية الدولية.
لا تزال ويندي دولسي عاجزة عن تصديق كيف أعادت الممرضات استخدام الحقنة نفسها التي أطعمت فيها رضيعها، وقد أصيب مولودها بجرثومة أنهت حياته، رغم المضادات الحيوية، وهي كادت تفقد حياتها بعد نزيف في الرحم.

منذ وصولها إلى المستشفى الجامعي في كراكاس، والذي كان يُضرب به المثل كأحد أهم المؤسسات الاستشفائية في البلاد، لم تتوقف عن التفكير بأنها "لن تخرج أو الطفل سالمين" من المكان، بعدما رأت الأروقة "مليئة بالبراز والدم والمخلفات".
وزادت معدلات وفيات الأطفال في فنزويلا بنسبة 30 في المائة بين 2015 و2016، مع 11466 وفاة لأطفال رضّع لم يكملوا عامهم الأول، وفق وزارة الصحة، كما زادت وفيات الأمهات خلال الولادة بنسبة 65 في المائة. ويعزو الطبيب خايمي لورنزو، من منظمة "ميديكوس أونيدوس" غير الحكومية، هذه الأرقام إلى "ثغرات بنيوية في البنى التحتية وطواقم العمل" في مستشفيات البلاد.

وكشفت دراسة أجرتها في 2019، جمعية "هومفنزويلا" غير الحكومية، أن أربعا من كل ست مستشفيات تفتقر إلى المعدات الأساسية، وثماني مستشفيات من كل عشر لا تملك ما يكفي من الأدوات الجراحية أو الأدوية. كما أن نصف دور الولادة الفنزويلية أغلقت خدمات التوليد جزئيا أو كليا في 2019.
ويقول لورنزو: "علينا أن نطلب (من المرضى) إحضار كمّ كبير من الأشياء التي يحتاجون إليها للمعالجة"، ويشير إلى أن الاستخدام المتكرر للحقن ينطوي على "خطورة قصوى"، ولا يجب اللجوء إليه إلا كخيار أخير.
وتشير "هومفنزويلا" إلى أن 57 في المائة من النساء الحوامل تلقين في 2019 عناية طبية ملائمة. وتقول فانيسا مارتينيز البالغة 28 سنة، إن إنجاب الأطفال في فنزويلا "مسألة حظ". وتضطر حوامل كثيرات إلى البحث في مستشفيات عدة عن مكان ليضعن فيه طفلهن، وبعد ارتفاع كبير في ضغط الدم لديها إثر تناولها مكملات من الحديد، خضعت فانيسا إلى عملية قيصرية طارئة في شهر الحمل السابع، وهي تدرك أنها محظوظة، وتتطلع لعيش "حياة هانئة" مع طفلتها سامنتا في المنزل العائلي في كاتيا شرق كراكاس.
وتظهر أرقام منظمة الصحة العالمية أن "سبعة آلاف امرأة في العالم تنجب أطفالا ميتين يوميا" كما أن "830 يمتن بسبب مضاعفات متصلة بالحمل أو الولادة". وتحصل أكثرية هذه الحالات في بلدان ضعيفة الدخل، ويمكن تفاديها في أغلب الأحيان، وفق المنظمة.

(فرانس برس)

المساهمون