استمع إلى الملخص
- نزح ما بين مليون و1.3 مليون شخص في لبنان، مع استنفاد مراكز الإيواء طاقتها، وعبر 540 ألف شخص إلى سوريا و35 ألف إلى العراق، مع تأمين 100 مليون دولار من أصل 426 مليون دولار المطلوبة.
- تواجه لبنان تحديات الشتاء، حيث أقر مجلس الوزراء سلفة للمازوت، وتعمل الأمم المتحدة على تأمين مستلزمات الشتاء، مع استمرار القوافل الإنسانية في تقديم المساعدات رغم صعوبة الوصول لبعض المناطق.
تكثف المنظمات الأممية الدولية دعواتها لوقف إطلاق النار الفوري في لبنان، على وقع تصاعد المواجهات العسكرية بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي وانتقالها إلى مرحلة أكثر توسّعاً واحتداماً، خصوصاً أنّ أي استجابة للحاجات الإنسانية ستبقى غير كافية من دونه.
وتشدد مسؤولة في مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية خلود مهدي في مقابلة مع "العربي الجديد" على أنّ "المطلوب اليوم وقف فوري لإطلاق النار فمن دونه أي استجابة للحاجات الإنسانية ستبقى غير كافية، كما أن حماية المدنيين يكرسها القانون الدولي الإنساني، والأمر نفسه ينطبق على البنى التحتية والمستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء وكذلك المنشآت التابعة لوزارة الطاقة ومحطات ضخ المياه وغيرها. مثلاً، من البنى التحتية التي تضررت، 35 على صعيد مرافق المياه، ما يؤثر على حوالي 402 ألف شخص في لبنان".
وتشير مهدي إلى أنه "بحسب تقديرات الحكومة اللبنانية فإنّ عدد النازحين يراوح بين مليون ومليون و300 ألف شخص، يتوزعون على مراكز الإيواء وخارجها، مع الإشارة إلى أنّ هناك 1170 مركزاً للإيواء، من بينها 978 استنفدت طاقتها الاستيعابية، بحيث بلغ عدد المسجلين فيها 187.1 ألف شخص".
وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإنّ 540 ألف شخص عبروا إلى سورية، 37 % منهم لبنانيون، و63 % من السوريين، كما سُجِّل عبور 35 ألف لبناني إلى العراق.
وتلفت مهدي إلى أنّ "حاجات النازحين تتزايد في مراكز الإيواء مع استمرار الأعمال العدائية، وتشمل الاحتياجات المستلزمات الأساسية من فرش ومخدات وغيرها، إلى جانب المواد الغذائية والوجبات الساخنة، وقد جرى تأمين قسمٍ كبير منها"، لافتة إلى أنه "في حال استمرّت الحرب فإنّ الحاجات حتماً ستزداد، خصوصاً تلك المرتبطة بمستلزمات الشتاء، كما أنّ العبء سيزيد على الدولة وأيضاً على المؤسسات الدولية، التي تأمَّن لها مائة مليون دولار من أصل 426 مليون دولار، والسعي مستمرّ لتأمين تمويل أكبر، مع التنبيه دائماً من تداعيات غياب التمويل أو قلّته على الأشهر المقبلة".
لبنان أمام تحدّي فصل الشتاء
من المستلزمات الأساسية لفصل الشتاء، تقول مهدي "أقرّ مجلس الوزراء سلفة لمنشآت النفط بناءً على دراسة لتموين 541 مركز إيواء في المناطق التي تعلو 300 متر عن سطح البحر لتأمين المازوت للتدفئة، وهناك تعاون أيضاً مع منظمات الأمم المتحدة وشركائنا لتأمين مستلزمات الشتاء التي عادة تحتاج إليها المنازل، منها مثلاً إقامة بعض العوازل في الغرف وصيانة الشبابيك لمنع تسرب الهواء، وزيادة كميات الحرامات الموزعة واللباس الشتوي".
وتضيف أنّ "من أنواع المساعدات التي تصل لبنان، خصوصاً من الدول العربية والأجنبية، مستلزمات النظافة، والمعلبات والمواد الغذائية الأساسية، كما تحرص الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية التي تعمل معها على تأمين مساعدات عينية ومستلزمات أساسية من فرش وحرامات ومخدات وحصص غذائية ووجبات طعام ساخنة ومستلزمات نظافة بالإضافة إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي"، لافتة إلى أنّ "هناك أيضاً مساعدات نقدية لمساعدة الأشخاص الأكثر حاجة إلى الحماية، بهدف إيواء النازحين".
وتلفت إلى أن "هناك تركيزاً على النازحين بمراكز الإيواء بداية نظراً إلى الحاجات الكبيرة التي برزت مع توسع الأعمال العدائية في 23 سبتمبر/أيلول الماضي، ولا تزال، أما على صعيد النازحين في المنازل، فقد بدأت المساعدات تصل إليهم خصوصاً من مجلس الجنوب وغيره، وبدورنا سنبدأ كأمم متحدة مع شركائنا بإيصال المساعدات قريباً إلى هذه الفئة، خصوصاً على مستوى الحصص الغذائية أو حتى مساعدات نقدية لتلبية احتياجات النازحين خارج مراكز الإيواء، مع إعطاء الأولوية للعائلات الأكثر حاجة، خصوصاً أن نقص التمويل يحتم إجراء تقييم بالأولويات".
وتردف مهدي "أما الذين اتخذوا من الطرقات مأوى لهم، فعددهم قليل والدولة اللبنانية تسعى مع المحافظين وعلى مستوى لجنة الطوارئ الحكومية لتأمين مراكز إيواء لهم وهذا ما حصل في بيروت، كما العمل على استحداث مراكز جديدة خصوصاً في حال زادت حركة النزوح".
وتشدد المسؤولة الأممية على أنّ "هناك قنوات عدة لتأمين حاجات النازحين وإيصال المساعدات العينية إليهم، منها الجهات الحكومية كاللجنة العليا للإغاثة ومجلس الجنوب المكلفة من الدولة اللبنانية، وعبر لجنة الطوارئ الحكومية برئاسة وزير البيئة ناصر ياسين وذلك من خلال آلية شفافة وُضعت لضمان التوزيع العادل على مراكز الإيواء وخارجها ومن خلال المحافظين، إلى جانب الجهات الدولية، مثل منظمات الأمم المتحدة، والجمعيات الدولية والمحلية التي تعمل معها، إضافة إلى المبادرات الفردية، والدعم الذي تقوم به وزارة الشؤون الاجتماعية خصوصاً للصامدين في قراهم".
آليات لضمان عدالة وشفافية توزيع المساعدات
وتضيف "تعمل الأمم المتحدة ضمن خطة لبنان للاستجابة ووفق آلية تضمن التوزيع الشفاف والعادل للنازحين سواء كان المتعلق بالمساعدات العينية أو النقدية، مع ضرورة التأكيد أنّ المساعدات تأخذ بعين الاعتبار الأولويات على صعيد الفئات الأكثر حاجة، خصوصاً في ظلّ التمويل المحدود والحاجة المستمرة إلى زيادة حجمه، كما التشديد على أنّ المساعدات تشمل المحتاجين من مختلف الجنسيات".
وعلى الرغم من معاناة العديد من البلدات والقرى نقصاً أو تأخراً في وصول المساعدات، نظراً إلى صعوبة الوصول إليها في ظلّ خطورة الطرقات مع استمرار القصف الإسرائيلي، توضح مهدي أنّ "أكثر من 50 قافلة إنسانية محملة بمساعدات عينية تتضمن حصصاً غذائية ومياهاً للشرب ومستلزمات نظافة وغير ذلك وصلت إلى الكثير من المناطق من ضمنها القاع وبعلبك ورأس بعلبك وعرسال، بقاعا، وصور والصرفند ورميش وحاصبيا ومرجعيون والنبطية جنوباً، وغيرها من المناطق".
وتشدد على أنّ "الأساس بالنسبة إلينا سلامة العاملين الذين ينقلون المساعدات عبر هذه القوافل، خصوصاً أنّه سبق أن جرى استهداف إحدى الشاحنات على الطريق المؤدي إلى بعلبك الهرمل، لكن مع ذلك نحرص على مواصلة القوافل الإنسانية التي تتجه إلى المناطق الخطرة وحيث الأهالي ما زالوا صامدين في قراهم، وأي تأجيل يحصل يكون مرتبطاً بظروف أمنية". مؤكدة أنّ "الدولة اللبنانية تعمل على توثيق الانتهاكات وكذلك مكتب الأمم المتحدة OHCHR الذي يقوم بتوثيق الانتهاكات التي تحصل في مختلف المناطق".
وترفع المنظمات الأممية الصوت عالياً لحماية المدنيين والمنشآت المدنية، وتأكيد أنّ المدنيين ليسوا هدفاً عسكرياً، محذرة من تداعيات خطيرة لاستمرار الحرب، في ظل نزوح ربع سكان لبنان، ما يهدد بكارثة إنسانية، ولا سيما أن البلاد أمام تحدٍّ كبير مع قدوم فصل الشتاء وقد كثفت بهذا السياق الأمم المتحدة وشركاؤها جهود الاستجابة الإنسانية ودعم المتضرّرين والنازحين.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على لبنان عن استشهاد 3754 وجرح 15626 بحسب آخر تقرير صادر عن وزارة الصحة العامة يوم أمس الأحد، وبين هؤلاء 240 طفلاً شهيداً و1385 طفلاً جريحاً، إضافة إلى 222 شهيداً من القطاع الصحي.