لا تزال الحاجة مُلحّة في سورية للأطراف الصناعية، مع ما فرضته الحرب التي تجاوزت عقداً من الزمن، من إعاقات وبتر أطراف علوية وسفلية وتشوهات زادت من معاناة أصحابها، خاصّة الفقراء والعاجزين عن أداء تكاليف العلاج على نفقتهم.
ويعدّ مركز "الأطراف الصناعية" في مدينة القامشلي واحداً من المراكز التي تستقبل مصابي الحرب من مبتروي الأطراف أو المصابين بتشوهات، أو من يحتاجون أجهزة المساعدة والتقويم والشلل.
قدّم المركز خدماته مجانياً منذ افتتاحه في عام 2015 من طرف الهلال الأحمر الكردي لأكثر من 5 آلاف شخص، وهو مكون من 3 طوابق مجهزة بما يلزم لخدمة المرضى من عامين وحتى السبعين عاماً. وتبلغ مساحته حوالي 1200 متر مربع، ويقدّر عدد العاملين فيه بنحو 50 شخصاً ما بين فنيين واختصاصيين وإداريين، والعمل فيه يبدأ من التاسعة صباحاً حتى الثالثة مساء.
ولا يقتصر عمل المركز على تقديم الأطراف الصناعية السفلية أو العلوية وحتى أجهزة التقويم، بل إنه يعمل في الوقت الحالي كمركز تأهيل متكامل بكوادر متخصصة بخبرات طويلة في المجال. ويقدم أيضاً خدمات الدعم النفسي والعلاج الفيزيائي.
مدير المركز الدكتور عدنان ملا علي المتخصص في الأطراف الاصطناعية، أحاط "العربي الجديد" بما يقدمه المركز من خدمات لمراجعيه الذين تجاوز عددهم 5 آلاف شخص، موضحاً أنه بالنسبة للدعم النفسي والعلاج الفيزيائي هناك فريق متخصص ميداني يقوم بزيارات للمرضى، بشكل يومي، في منازلهم، خاصة العاجزين عن الحركة، حيث يحصل المركز على معلوماتهم من ذويهم من خلال مراجعة أحدهم للمركز، ويتم ترتيب موعد للزيارة المنزلية، وهناك تقدم لهم مساعدات وأدوات كالكراسي والعكازات بشكل مجاني.
وأوضح المتحدث أنّ قسم العلاج الفيزيائي يتكون من جناح خاص بالرجال وآخر للنساء، إلى جانب الصالة الرياضية، التي تحتوي على تجهيزات ومعدات رياضية تساعد في العلاج الفيزيائي، وذلك تحت إشراف اختصاصيين، مدربين. أمّا الدعم النفسي، فإنه قسم رئيسي في المركز، مهمته مساعدة من لديهم صعوبات بالتعامل مع المحيط.
وينقسم الدعم النفسي إلى عدة مراحل تعتمد أساليب عديدة، ومنها "الماندالا"، وهي عبارة عن رسومات باللغة السنسكريتية تعني الدائرة، وهذه الطريقة عبارة عن رموز ونقوش متوازية تمنح راحة للمريض، وهناك مرحلة الاندماج التي يتلقى فيها المريض كيفية الاندماج في المجتمع لتخفيف الضغط النفسي، ثم التخلص من كلّ الأفكار السلبية السابقة.
وأكدّ علي أنّ "المركز يستقبل السوريين من كافة المناطق دون أي تمييز على أساس الدين أو العرق أو الطائفة، فخدماتنا إنسانية بحتة وليس لدينا مشكلة مع أي جهة".
موضحاً كذلك أنّ "معظم الحالات التي تراجعهم من مبتوري الأطراف العلوية والسفلية، والتكاليف المادية للمرضى مجانية، وهناك جهات تقدم الدعم للمركز، منها شركات وجاليات والهلال الأحمر الكردستاني، وبعض المنظمات الأوروبية".
عمّار (36 عاماً) أحد المرضى المستفيدين من خدمات المركز، قال لـ"العربي الجديد": "بعد بتر يدي اليسرى نتيجة حادث سير عانيت الكثير من المشاكل، وخاصة في المعالجة الفيزيائية التي كانت مكلفة جداً في العيادات الخاصة، قبل أن يتم إرشادي للمركز. هنا أتلقى الرعاية مجاناً".
يذكر أنّ منظمات عديدة في سورية تعمل في مجال الأطراف الصناعية، منها مراكز خاصة تقدم خدماتها بمقابل مادي ومراكز مجانية تمولها منظمات إنسانية محلية وعالمية، منها المشروع الوطني السوري للأطراف الصناعية الذي قدم خدماته لما يزيد عن 6100 شخص منذ تأسيسه، ومنظمة "هاندي كاب"، حيث تطور العمل في هذا المجال على مدار السنوات العشر الأخيرة، نظراً للحاجة الكبيرة والمتطلبات الضخمة.