"مرحب يا زول".. حملة لدحض شائعات تأثير اللاجئين السودانيين على الاقتصاد المصري

24 يونيو 2023
وصول فارين من السودان الذي مزقته الحرب إلى معبر ميناء القسطل البري (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

قوبل توافد أعداد من اللاجئين السودانيين الفارين من الاشتباكات التي يشهدها السودان منذ منتصف إبريل/نيسان الماضي، بالأخص في العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور، إلى الأراضي المصرية؛ بانتشار بعض الشائعات حول تأثيرهم سلبا على الاقتصاد المصري وقيمة العملة، ما دفع منظمات حقوقية لتصحيح مفاهيم مغلوطة عن أوضاع اللاجئين والمنح الدولية المقدمة للدول المضيفة. 

وكان مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي قد أكد في 28 مايو/أيار 2023 حشد الدعم لمصر التي استقبلت أكبر عدد من الوافدين من السودان حتى الآن، مشيراً إلى أن مصر استقبلت نحو 160 ألف وافد، منهم 153 ألف مواطن سوداني.

الشائعات حول تأثير وجود اللاجئين سلباً على الاقتصاد المصري، استندت إلى تدافع أعداد من السودانيين لشراء وحدات سكنية وعقارات في مناطق قيمتها السوقية مرتفعة جداً في شرق القاهرة، حيث المشاريع العقارية الضخمة التي تعتمد في خططها الإنشائية على الرفاهية وجودة الحياة. 

فضلاً عن انخفاض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي في السوق السوداء، نتيجة تدفق كميات من الدولار خلال الأشهر القليلة الماضية، ما ساهم في خفض قيمته من أكثر من 40 جنيهًا إلى نحو 37 جنيهًا مقابل الدولار الواحد. في حين يبقى سعره الرسمي في البنوك بنحو 30.5 جنيه. 

عبر وسم "مرحب يا زول" ردّت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، على ادعاءات غير حقيقية يروجها البعض بأن المنح والمساعدات التي يُقدمها المانحون تعطى في صورة أموال مباشرة للاجئين وبالدولار، وغيرها من الادعاءات التي تساهم بصورة غير مباشرة في عدم قبول اللاجئين. 

وأوضحت المفوضية أن "المنح تعطى للحكومة المصرية والمنظمات العاملة في مصر لتقديم خدمات وإدارة البرامج التي تقدم الدعم الطارئ والدعم النفسي للحالات الصعبة وحماية الأطفال وتوفير بيئة اندماج وفرص تأهيل للحصول على مصدر للدخل. كما أن بعض هذه المنح والتمويلات تساهم في دعم بنية مصر الخدمية وتطوير استجابتها للاحتياجات ومساعدتها على الوفاء بالتزاماتها الواردة بالاتفاقيات الدولية، وتستفيد مصر أيضا من أي خدمات يتم تمويل تطويرها لتشمل اللاجئ - كوحدات الخدمات الصحية الأولية - عن طريق استفادة المصريين من نفس الخدمة بعد تطويرها".

تكاليف الإغاثة لا تدفعها أو تتحملها مصر، بل تكون من تمويلات مصدرها الدول المانحة ومنظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى

كما لفتت المفوضية في منشور آخر عبر الوسم نفسه إلى أن تكاليف الإغاثة لا تدفعها أو تتحملها مصر، بل تكون من تمويلات مصدرها الدول المانحة ومنظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، بل إن عمل الإغاثة وتقديم المساعدات الإنسانية أيضاً ينشطان في مصر بهذه البرامج ويزيد عدد العاملين والخبراء في هذا المجال من مصر. كذلك تحصل مصر أيضاً على منح ومساعدات من دول عديدة بسبب استضافتها للاجئين، وتفكر الحكومة حالياً في الاستفادة من الحالة الراهنة في المطالبة بتخفيض أو إسقاط بعض ديونها.

ومن ناحية الأسعار، أشارت المفوضية إلى أن "الواضح للجميع أن الأزمة الاقتصادية ليست وليدة ما بعد أحداث السودان ودخول السودانيين لمصر، بل نتيجة أزمات سابقة وقرارات اقتصادية كتعويم العملة والخطط مع صندوق النقد والمشروعات المتعددة وأسباب كثيرة أخرى ليس من بينها وجود اللاجئين".

وفيما يتعلق بتأثيرات تدفق اللاجئين على مصر أوضحت المفوضية أن هذه التأثيرات يمكن أن تلقي بظلالها على الاقتصاد المصري، إذ إن الاقتصاد المصري منهك بالأساس، ويعاني من ارتفاع في نسب التضخم التي قفزت خلال فبراير/ شباط الماضي إلى 40.03%، وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري. لكن هناك توقعاً بأن عبء هذه الأعداد على الدولة المصرية يمكن أن يقلل من تأثيره ما يقدمه بعض النازحين السودانيين من مشاريع واستثمارات في السوق المصرية. بل إنه من التأثيرات الإيجابية في الاقتصاد المصري أيضاً، دخول مزيد من التحويلات بالعملات الأجنبية البلاد، كذلك الدعم الدولي والأممي لمصر لمساندتها في الظروف الحالية".

ومن ضمن تأثيرات تدفق اللاجئين أيضًا "وجود التنوع المهني والحرفي في أي مجتمع، الذي يعد إثراء لهذا المجتمع وفرصة تطوير واستفادة من خبرات أخرى في مجالات متعددة كالتجارة والخدمات والصناعة والحرف اليدوية وغيرها".

وأما مجال العمل الخاص باللاجئين، فأشارت المفوضية إلى أنه مقيد بضرورة الترخيص للاجئين بممارسة أعمال تجارية أو الانضمام للنقابات المهنية، ويضطر المهاجرون كأي إنسان إلى البحث عن أعمال بسيطة غير مستديمة لتوفير لقمة العيش لهم و لأطفالهم؛ تماما كما يبحث المصريون في الخارج عن العمل والرزق في دول الخليج وأوروبا وأميركا، ويتمنى هؤلاء المصريون توفير ما يكفي لأبنائهم وعائلاتهم دون التعرض للعنصرية أو التمييز أو الظلم أو غلق أبواب الرزق أمامهم".

ويشار إلى أنه تم الاتفاق عام 2004 ما بين مصر والسودان على الموافقة على حرية التنقل والإقامة والعمل والتملك. وتعتبر هذه الاتفاقية مصدراً رئيسياً في التعامل بين الدولتين. 

ومن منطلق أن الحكومة المصرية تعاونت في إدراج اللاجئين وطالبي اللجوء في خطة الاستجابة الوطنية لمواجهة كوفيد-19، وكذلك في كل من خطط الرعاية الصحية والتطعيم على قدم المساواة مع المصريين على الرغم من العدد المحدود للقاحات المتاحة، أوضحت المفوضية أن "الخدمات الصحية المجانية في مصر في الأصل غير متوفرة أو جودتها منخفضة بالنسبة للمصريين أنفسهم، وأن الخدمات الصحية الأولية التي أحياناً تقدمها الوحدات الصحية مثل رعاية الأم والحوامل والمواليد، هي في الأساس خدمات ممولة من منظمات دولية مثل يونيسف ومفوضية اللاجئين أو منظمة الصحة العالمية، بدون تكلفة من الدولة".

وبشأن ضم اللاجئين وطالبي اللجوء في مصر أيضاً في المبادرات الصحية الوطنية مثل حملة "100 مليون صحة" التي تهدف إلى القضاء على التهاب الكبد الوبائي في مصر بحلول عام 2023، والحملات الوطنية لمكافحة شلل الأطفال التي تستهدف الأطفال حتى سن الخامسة، ومؤخراً، الحملة الحكومة للاكتشاف المبكر لنقص السمع المتاحة في 1346 منشأة صحية في جميع أنحاء مصر، أوضحت المفوضية أن جميع تلك الحملات أو ما أطلق عليها "مبادرات رئاسية" هي منح مقدمة من جهات دولية في الأساس لا علاقة لها باسم الرئيس أو مؤسسة الرئاسة. 

وفسرت المفوضية "حملة 100 مليون صحة مثلاً هي منحة مقدمة من البنك الدولي إلى مصر، نظراً للتفشي الكبير للأمراض المستوطنة في مصر، كذلك بقية الحملات ممولة من منظمات كالصحة العالمية والاتحاد الأوروبي، كما تقدم منظمة "يونيسف" كل الدعم والتكاليف الخاصة بتطعيمات الأطفال، ويستفيد من تلك المنح المصريون أولاً بالإضافة إلى اللاجئين والمقيمين، فلا يتحمل الاقتصاد المصري أية أعباء من تقديم تلك الخدمات".

المساهمون