مراكز التجميل تتزايد في بغداد... إقبال رغم تكرار الأخطاء الطبية

07 فبراير 2021
الرجال كذلك ينشدون التجميل (زيد العبيدي/ فرانس برس)
+ الخط -

 

لطالما كان التجميل هدف كثيرين، من النساء والرجال على حدّ سواء، وإن حالت ضوابط اجتماعية في السابق دون الاهتمام بالمظهر. أمّا اليوم فتختلف الحال في العراق كما في كل العالم.

تشهد العاصمة العراقية بغداد تزايداً بأعداد مراكز التجميل التي لم تعد تستقبل النساء فقط، بل ثمّة رجال باتوا يلجؤون إليها كذلك للخضوع إلى عمليات جراحية تندرج بمعظمها ضمن خانة ترميم الندوب وآثار الحوادث وإدخال تعديلات على مواضع مختلفة من الجسم والوجه، من قبيل شفط الدهون وتجميل الأنف وغيرها. وعلى الرغم من الإقبال المتزايد على تلك المراكز وشيوعها في العراق، فإنّها تتسبّب كذلك في مشاكل تتعلق بالأخطاء التي ترافق العمليات.

في خلال السنوات الماضية، برزت حالات تشوّه عدّة تناولتها مواقع التواصل الاجتماعي التي أضاءت على مجموعة من الأخطاء وقعت على أيدي خبراء تجميل لا يملكون شهادات وتراخيص رسمية، فيما يؤكد أطباء متخصصون في التجميل أنّ مراكز كثيرة باتت تشكل خطراً صحياً على النساء والرجال الذين يقصدونها، إذ إنّها تُدار من قبل شابات قضينَ فترة قصيرة في التدرّب على مهنة التجميل في بلدان مجاورة وحصلنَ على شهادات غير معترف بها.

تفيد مصادر في وزارة الصحة العراقية "العربي الجديد" بأنّ "في بغداد وحدها نحو 20 مركز تجميل، غالبيتها مرخّصة من قبل الوزارة ونقابة الأطباء، في حين ثمّة حملات دائمة لإغلاق تلك التي تتجاوز القوانين ومعاقبة القائمين عليها، لكنّ هذا لا يمنع وجود مراكز تجميل محميّة من بعض الجهات السياسية". وتوضح أنّ "مراكز التجميل بمعظمها مملوكة لمستثمرين وجهات مدعومة من سياسيين عراقيين، ومراكز أخرى لمستثمرين لبنانيين وإيرانيين، لكنّ العاملين هم من المختصين في مجال التجميل". تضيف المصادر نفسها أنّ "وزارة الصحة تتلقى شكاوى كثيرة مقدّمة من نساء تعرّضنَ إلى تشويه بسبب الأخطاء الطبية وبعض الحقن غير السليمة وبعض الحقن التالفة. وعلى الأثر تعمد الوزارة إلى التنسيق مع وزارة الداخلية والقضاء العراقي من خلال اتخاذ قرارات بإغلاق المركز المتورّط بشكل نهائي"، لافتة إلى "عدم توفّر إحصائيات واضحة للواتي تعرّضن إلى تشوّه أو أضرار جانبية لعمليات التجميل لكنّها تحدث باستمرار".

في السياق، تقول نور القريشي، وهي طبيبة عراقية تدير مركزاً للتجميل، إنّ "توفّر مراكز التجميل الرصينة في بغداد أمر يتماشى مع التطوّر الذي يعرفه العالم في عصرنا، وثمّة مراكز في العراق تستخدم معدات ومنتجات التجميل نفسها التي تستخدم في بلدان العالم المتطوّر، ولسنا أقلّ من أي دولة في هذا المجال". تضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "ثمّة وعيا كبيرا من قبل النساء والرجال الذين يقصدون المراكز، وهم على معرفة كاملة بالمنتجات التي يستخدمونها". وتلفت القريشي إلى أنّ "ثمّة مراكز تضمّ خبراء بالتجميل يتسببون أحياناً في أخطاء تؤدي إلى تشويه ومشاكل صحية، لأنّ ثمّة فارقاً بين خبير التجميل والطبيب المختص بالتجميل"، مبيّنة أنّ "ثمّة خبراء كانوا يعملون مع أطباء وتعلّموا منهم بعض المهارات وباتوا يقومون بعمليات تجميل للنساء، مع أنّ هذا الأمر يتطلب سنوات من الدراسة والتعرف على الأوردة ومناطق الوجه بشكل خاص. كذلك فإنّ ثمّة خبراء حصلوا على شهادات تتيح لهم العمل بعد دورات تقوية ومعاهد متخصصة".

وتتوجّه نجمات عديدات في مجال الإعلام المحلي العراقي والفنون، إلى امتلاك مراكز خاصة بهنّ، وقد دخلنَ على خط العمل التجاري، كونه رائجاً ويحقق أرباحاً جيدة. وفي هذا الإطار، تقول نور الفيلي التي تعمل في مركز تجميل في حي المنصور ببغداد لـ"العربي الجديد" إنّ "مراكز التجميل صارت من أهم المشروعات التجارية المعروفة والرابحة"، موضحة أنّ "هذه التجارة باتت تنتشر في كل مكان. وعلى الرغم من ذلك، فإنّ تكاليف عمليات التجميل لا تشهد أيّ انخفاض بل تستمر بالارتفاع، وذلك بسبب دخول الأجهزة الطبية الحديثة". تضيف الفيلي أنّ "الزبونات هنّ بمعظمهنّ من المحافظات، وسط تراجع في إقبال نساء بغداد على المراكز"، شارحة أنّ "أكثر العمليات المطلوبة هي الفيلر والبوتكس ونحت الجسم وإزالة الشعر وشد الوجه. فالمؤسسات الصحية الحكومية لا تقدم الخدمات التجميلية للمواطنين بخلاف ما هي الحال في البلدان المتطورة، لذلك بات التوجه نحو المراكز التجميلية الخاصة. وهو أمر طبيعي لا يدل على رفاهية كبيرة لدى العراقيين، إنّما من الجيّد أن يحسّن الإنسان مظهره الخارجي".

من جهته، يؤكد عضو نقابة الأطباء العراقيين أمير نجم لـ"العربي الجديد" أنّ "أكثر ما أدّى إلى زيادة عدد التشوهات والأخطاء الطبية في مراكز التجميل هو دخول المستثمرين الذين لا علاقة لهم بالأطباء أو بالمجال الصحي بصورة عامة، فاستثمروا في هذا المجال وبعضهم مدعوم من قبل جهات حزبية وفصائل مسلحة لأنّ مراكز التجميل بمعظمها تسدد مبالغ مالية لجهات مسلحة في سبيل ضمان حمايتها واستمرارها في العمل"، مضيفاً أنّ "وزارة الصحة تعلم بهذا الأمر، لكنّها لا تستطيع التدخل ولا تريد الاصطدام مع أيّ جهة". ويوضح نجم أنّ "ثمّة اختصاصيين عراقيين باتوا يعملون على تنفيذ عمليات جراحية، وقد حصلوا على شهادات في هذا المجال من بلدان مجاورة. وبسببهم تزداد حالات التشوّه، الأمر الذي يصل أحياناً إلى المحاكم ويؤدي إلى نزاعات عشائرية". ويتابع أنّ "النقابة وبالتنسيق مع وزارة الصحة مستمرة في إغلاق المراكز غير المرخصة"، لافتاً إلى "مراكز فتحت أبوابها أخيراً في مناطق سكنية وداخل منازل وتجري عمليات خطيرة، منها تجميل الأنف، ونحن نتلقى الشكاوى ونلاحق هذه المراكز غير القانونية".

المساهمون