مدرسة افتراضية للتلاميذ المهاجرين على الحدود المكسيكية الأميركية

06 يونيو 2021
أسّست فيليشا رانغل مدرسة "سايدووك" عام 2018 (فرنسوا بيكار/ فرانس برس)
+ الخط -

من مطبخ منزلها في ماتاموروس على ضفاف نهر ريو غراندي الذي يفصل بين الولايات المتحدة والمكسيك، تحرّك ألمى بياتريس سيرانو راميريز لوحاً صغيراً أمام شاشة هاتفها، للفت انتباه التلاميذ الذين يتابعونها من الطرف الآخر، إلى درس الرياضيات الذي تقدّمه.

وكانت هذه المهاجرة المتحدّرة من هندوراس، البالغة 38 عاماً، تحلم بالاستقرار في الولايات المتحدة لكنها لم تصل حتى الآن إلّا إلى مدينة ماتاموروس المكسيكية الواقعة على ضفاف نهر ريو غراندي الذي يفصل البلدين. أما تلاميذها، فهم أداليد وكيمبرلي وأوزفال، ومجموعة من أبناء مهاجرين آخرين، كثر منهم يعيشون على مسافة حوالي 90 كيلومتراً في رينوسا، وهي بلدة حدودية أخرى حيث أقيم مخيّم يضم حوالي 700 شخص.

وفيما أحدث وباء كوفيد-19 فوضى في العديد من جوانب الحياة، انشغلت مدرسة "سايدووك" بدرجة كبيرة، إذ كانت تستقبل التلاميذ شخصياً في أحد مخيمات المهاجرين في ماتاموروس، وأصبحت تشمل تلاميذ من مدن حدودية أخرى.

وفي برنامجها للتعليم عن بعد، رحبت المدرسة بالتلاميذ الذين كانوا في السابق يشعرون بالحرج الشديد جرّاء افتقارهم إلى التعليم، بحيث لا يملكون شجاعة كافية لدخول الصف. والحصص الدراسية التي يقدّمها طالبو لجوء، سواء كانوا مدرّسين سابقين أو مساعدي أساتذة، تشمل كل شيء من الكتابة مروراً بالرياضيات وحتى اليوغا، وتوفّر راحة نادرة للتلاميذ في المدن الممتدة من تيخوانا على ساحل المحيط الهادئ إلى ماتاموروس قرب خليج المكسيك.

وتلاميذ سيرانو راميريز، الذين يتحدّرون من هندوراس وغواتيمالا وهايتي، هم من بين عدد لا يحصى من اللاجئين الذين ما زالوا يتدفقون على الحدود الأميركية مقتنعين بأنّ إدارة الرئيس جو بايدن الجديدة ستسمح لهم بالدخول. وبعد رؤية الحدود معزّزة ومغلقة بإحكام، أصبحوا عالقين الآن في المكسيك في عدد من البلدات التي غالباً ما يسيطر عليها تجّار المخدرات، في انتظار مراجعة الولايات المتحدة طلباتهم لمنحهم صفة لاجئ.

اشترت رانغل وشريكها في إدارة المدرسة فيكتور كافازوس، 300 جهاز لوحي رقمي حتى لا يُترك التلاميذ والذين تراوح أعمارهم بين 4 و18 عاماً، دون تعليم

 

قالت سيرانو راميريز، لوكالة "فرانس برس": "في هندوراس، كنت أعطي دروساً وجهاً لوجه. لم أتخيل أبداً أن أعيش تجربة مماثلة (...) إنه أمر صعب، لكن مع مرور الوقت، تعتاد عليه".

وأسّست فيليشا رانغل مدرسة "سايدووك" في ماتاموروس عام 2018، بعدما صدمت بالظروف البائسة التي يعيشها عشرات المهاجرين الذين التقتهم تحت جسر. ورغم أنها لا تتحدث الإسبانية، شعرت بأنّ عليها مساعدة المهاجرين الذين اعتبرتهم ضحايا سياسات الهجرة التي انتهجها الرئيس السابق دونالد ترامب.

ووالد رانغل مكسيكي، لكنها تعتبر نفسها أميركيةأإفريقية، هي مدرّسة سابقة لحقت بزوجها من هيوستن إلى براونزفيل. وقالت آنا غابرييلا مارتينيز فاخاردو، وهي طالبة لجوء تعيش في ماتاموروس وتتعاون مع منظمة غير ربحية كمدرّسة، "في البداية، كانت مجرد مسألة ترفيه الأطفال وتعليمهم بعض الأمور". وأوضحت الشابة البالغة من العمر 26 عاماً: "مع وصول عدد متزايد من الأطفال، أصبح واضحاً أنّ الفصول الملائمة ضرورية لأنهم لم يكونوا يتابعون دراستهم". بدأت مدرسة "سايدووك" النمو، فيما توافد المهاجرون على ماتاموروس بأعداد تجاوزت القدرة الاستيعابية القصوى للمخيم الذي يتسع لثلاثة آلاف شخص.

عندما انتشر كوفيد-19، اشترت رانغل وشريكها في إدارة المدرسة فيكتور كافازوس 300 جهاز لوحي رقمي حتى لا يُترك التلاميذ والذين تراوح أعمارهم بين 4 و18 عاماً، دون تعليم.

 

 إخفاء الهوية 

وخلال الوباء، شهد البرنامج ازدهاراً. ووجد العديد من التلاميذ الأكبر سناً، الذين لا يعرفون القراءة والكتابة، الراحة في إخفاء هوياتهم، وهو أمر يوفّره التعلّم عن بعد.

وقالت رانغل التي أفادت بأنّ تلاميذ أكبر سناً قد يتركون البرنامج أحياناً بسبب وجودهم مع تلاميذ أصغر سناً في الفصل نفسه، "يمكنكم ترك شاشتكم مغلقة ولا يستطيع أي شخص أن يرى أنكم في صف روضة الأطفال". وهذا هو السبب في أنه حتى بمجرد وصولهم إلى الولايات المتحدة، يواصل بعض الأهالي تسجيل أطفالهم في حصص تعليمية عبر الإنترنت بدلاً من المدارس العامة، وهو أمر تقول رانغل إنه مؤسف. ويعبر مدرّسون أيضاً الحدود إلى الولايات المتحدة. وفي الأشهر الأخيرة، انتقل 17 مدرساً من أصل 19 عبر الحدود حيث يعيشون حالياً في مناطق مثل كنتاكي وميشيغن وفيرجينيا. لكن ما زالت مدّرستان في ماتاموروس بانتظار دخولهما الولايات المتحدة.

(فرانس برس)

المساهمون