مدد خان... لاجئ يرعى المواشي في باكستان

26 مايو 2021
"كنت شاباً لمّا جئت إلى باكستان والآن صرت عجوزاً" (العربي الجديد)
+ الخط -

قبل نحو 40 عاماً، وصل مدد خان إلى باكستان لاجئاً من أفغانستان، علماً أنّه كان حينها شاباً مراهقاً. وقد أمل آنذاك أن يعود إلى بلاده في وقت قريب، تماماً كما كان يحلم اللاجئون الأفغان جميعاً. لكنّ الحروب المتواصلة أجبرته على البقاء في باكستان، إلا أنّه يزور أفغانستان بين الحين والآخر، فيلتقي بأقاربه ويأتي ببعض المحاصيل الزراعية التي يحصّلها الفلاحون من أراضيه.
يقول مدد خان لـ"العربي الجديد": "كنت شاباً لمّا جئت إلى باكستان والآن صرت عجوزاً وما زلت هنا. لم نكن نتوقّع أن يحلّ بأفغانستان ما حلّ، فدُمّرت منازلنا وكل ما نملك من جراء الحرب والويلات الناجمة عنها". ولا يخفي مدد خان أنّه يعشق بلاده، وهو مستعد أن يغادر باكستان ويعود إليها على الرغم من كلّ شيء، لكنّ المعضلة الرئيسية التي يواجهها هي كسب لقمة العيش. فهو قصد أفغانستان مرات عدّة، آخرها الشتاء المنصرم، علّه يؤسس عملاً هناك، فيصطحب عائلته ويعود نهائياً. لكنّه رجع إلى باكستان يائساً وقد لاقى صعوبات كثيرة في طريقه. ويشرح مدد خان: "لا أملك جواز سفر، وقد جئت عبر طريق قندهار في الجنوب، وعبرت مدينة كويته في جنوب غربي باكستان، ومنها وصلت إلى مدينة راولبندي. وقد قررت بعد ذلك التخلي عن فكرة العودة إلى أفغانستان في الوقت الحالي، إلى حين تحسّن الأحوال. لكنّه يشير إلى أنّ "الحياة صعبة جداً في باكستان، لا سيّما مع تواصل ملاحقات الشرطة".
وتعود أصول خان إلى قرية علا أباد في مديرية دشت أرجي بإقليم قندوز شمالي أفغانستان. وفي هذا الإطار، يعبّر عن قلقه، قائلا "أبنائي ترعرعوا في خارج البلاد ولا تربطهم أيّ علاقة بالوطن. وهم لا يوافقونني في فكرة العودة"، علماً أنّ ابنه البكر ويدعى محمد، يقول إنّ "العودة إلى البلاد والعيش فيها باتا حلماً لا أتوقّع تحققه في القريب العاجل، نظراً إلى انعدام الأمن وفرص العمل كذلك".

وكان مدد خان قد عاش وأسرته في مدينة مينوالي في شمال غربي باكستان، على مدى أعوام عدّة، قبل أن ينتقل إلى مدينة راولبندي، علماً أنّه عمل في مهن مختلفة. هو حاول العمل في كلّ ما توفّر له بهدف تأمين تعليم أبنائه، لكنّ حلمه هذا لم يتحقق، نظراً إلى تبعات اللجوء وعدم رغبة أبنائه في ذلك. ويقول مدد خان: "عرفت أياماً مريرة لا تصفها كلمات. هي كانت صعبة جداً، لكنّني على الرغم من كل المشكلات حاولت جعل أبنائي يتابعون تعليمهم. لكنّ ذلك لم يحصل". يضيف: "لقد انتقلنا من مدينة مينوالي إلى مدينة راولبندي المجاورة للعاصمة بحثاً عن عمل أفضل، وقد عملت لأعوام عديدة في سوق الخضار والفواكه قبل أن يباشر ابني محمد العمل. واليوم، تقدّمت في السنّ، وأكتفي بأن أرعى المواشي للناس في مقابل بعض المال". يُذكر أنّ عائلة مدد خان تعيش في منزل من الطين في قرية طينية بضواحي مدينة راولبندي، لكنّ المشكلة الأساسية التي يواجهونها اليوم هي أنّ السلطات الباكستانية أمهلتهم شهراً كي يخلوا منزلهم لأنّها سوف تعمد إلى هدم القرية. وهذه مشكلة كبيرة بالنسبة إلى كل اللاجئين الأفغان فيها.

المساهمون