مدارس النظام السوري مهملة والصيانة على نفقة الأهالي والمنظمات

12 ديسمبر 2022
تخلو المدارس من أبسط التقنيات (سمير الدومي/ فرانس برس)
+ الخط -

يحارب الواقع التعليمي في المحافظات الخاضعة لسيطرة النظام السوري الانهيار. المدارس المهملة تعتمد بالكامل على ركيزتي مساعدات منظمات العمل الإنساني، والجهود التي يبذلها الأهالي لدعم التدريس.
في مدارس محافظة الحسكة، الوضع يرثى له على صعيد التجهيزات والبنية التحتية، علماً أن منشآتها غير مخصصة أصلاً للتدريس، بحسب ما يقول الأستاذ عيسى الأحمد لـ"العربي الجديد"، مضيفاً: "المنشآت التي تقع في المربعات الأمنية ليست مباني مدارس، وبعضها مراكز ثقافية، وأخرى تابعة لمديرية التربية، أو غرف جُهّزت لتكون صفوفاً، وهي لا تضم باحات، وتعلّم فقط المواد الأساسية من دون حصص الرسم والموسيقى والرياضة. كما أنها مكتظة ويضم الصف الواحد فيها ما بين 60 و70 طالباً، ويعين معلموها بحسب الولاء والانتماء لحزب البعث، فيما تفتقد تقنيات مثل الشاشات ومختبرات العلوم وغيرها".
وفي ريف حمص الشمالي، رمّم الأهالي المدارس على نفقتهم الخاصة، بينما أعادت منظمات محلية في عامي 2016 و2017 تأهيل تلك التي لم تتعرض لأضرار بالغة جراء قصف النظام السوري، وفق ما يقول الناشط الإعلامي خضر العبيد لـ"العربي الجديد"، مضيفاً: "اعتمد الترميم على تعاون الأهالي ونشاطهم في تسديد مبالغ لإدارات المدرسة، وأيضاً على مشاريع مشتركة بين منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) والهلال الأحمر السوري. وحالياً يشتري الأهالي وقود التدفئة في معظم المدارس، لأن مديريات التربية تتجاهل هذا الأمر".
بدورهم، يطلق الأهالي في السويداء بين فترة وأخرى نداءات عبر صفحات مواقع التواصل المحلية لتأمين مستلزمات المدارس، كما جمعت بعض المدارس من الطلاب مبالغ مالية لشراء أوراق لطباعة أسئلة الامتحانات.
وفي العام الدراسي الحالي، يساهم مغتربو السويداء ومحسنون وجمعيات خيرية للعمل الإنساني في ترميم مدراس وتجهيزها وتأمين احتياجات رئيسية، مثل المازوت والقرطاسية وأجهزة تعليمية وملابس وحقائب، وحتى الطعام في بعضها، في مقابل تكثيف مسؤولي التربية وفروع الحزب والشبيبة والطلائع نشاطاتهم الاحتفالية المكلِفة، وسط عجزهم الكامل عن إصلاح بوابة أو سور أو جهاز كومبيوتر أو خزان مياه إذا كانت توجد فيه مياه في الأصل.
ويرى المعلم المستقيل محمد الشامي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "الموارد الضئيلة لمديريات التربية تذهب إلى الأماكن الخطأ، ومنها مشروع لتركيب كاميرات في قاعات الامتحانات الذي أهدر مليارات الليرات، من دون أن يحل مشاكل الغش، وفي مقدمها تسريب الأسئلة قبل الامتحانات". 

تكيّف صعب للتلاميذ مع الإهمال (لؤي بشارة/ فرانس برس)
تكيّف صعب للتلاميذ مع الإهمال (لؤي بشارة/ فرانس برس)

وعموماً ظهرت بوضوح الانعكاسات السلبية لتردي الواقع الاقتصادي في أنحاء سورية على القطاع التعليمي في مجالين تحديداً، أولهما النقص في الكادر التعليمي المتخصص الناتج عن الهجرة والاستقالة والاستبعاد لأسباب سياسية، أو طلب المدرسين الذكور للخدمة العسكرية والاحتياط، والثاني تدهور البنية الهيكلية المعمارية والخدمية، إضافة إلى التجهيزات الأساسية لسير العملية التربوية والتعليمية.
وتسعى مديرية التربية في السويداء مع بداية كل عام دراسي إلى ترميم ما يمكن من احتياجات أساسية للمدارس، مثل أبواب ونوافذ وألواح كتابة ومقاعد ودورات مياه، في حين تعجز عن توفير معظم احتياجات ترميم وإصلاح باحات وملاعب وتجهيزات كهربائية ومخبرية وفنية ورياضية.
ويعلّم بعض أساتذة مادة الكومبيوتر في المرحلة الإعدادية التلاميذ على أجهزتهم بسبب عدم قدرة المدارس على إصلاح الأجهزة الموجودة لديها منذ سنوات. وفي بلدة الصورة، أصلح الأهالي أجهزة الكومبيوتر، ورمموا تجهيزات مدرسية أخرى.

أما في مدرسة اللواء التي تقع على طريق قنوات، وهي ثانوية عامة، فاضطر التلاميذ إلى تشغيل أضواء جوالاتهم في الدروس الصباحية. وإذا تصادف الدرس الصباحي مع ساعة التغذية الكهربائية، يتمثل العائق في عدم وجود مصابيح كهربائية في معظم الصفوف. ويتحدث معظم الطلاب عن انعدام وسائل توضيح الدروس وتنفيذ التجارب المخبرية، لذا ينحصر الدور التعليمي في قدرة المدرّس على الشرح والتوضيح.
وكانت معلمة في مدرسة "ابن خلدون الابتدائية" قد طالبت الأهالي بإرسال أوراق بيضاء لطباعة أسئلة للطلاب، في حين اعتذرت معلمة أخرى من الأهالي لعدم إمكانية طباعة الأسئلة على الورق، وأبلغتهم بأن "الطابعة في المدرسة معطلة وتحتاج إلى صيانة".
وفي اللاذقية، لا يقل وضع المدارس سوءاً. ويلخص الناشط حسام الجبلاوي المشاكل لـ"العربي الجديد" بالقول: "كل المدارس بلا تدفئة وغير مجهزة بإضاءة، وغالبيتها مكتظة، ودورات المياه في حالة يرثى لها، وبعضها في الأصل بلا أبواب أو مغاسل في دورات المياه، وهذا جزء بسيط فقط من واقع البنى التحتية السيئة جداً لمدارس اللاذقية".

المساهمون