مدارس اللاذقية "المهملة" تهدر وقت التلاميذ

01 أكتوبر 2022
مدارس اللاذقية في حالة سيئة (أمير قريشي/ فرانس برس)
+ الخط -

يشتكي سكان محافظة اللاذقية من البنية التحتية غير الصالحة للتعليم والمدارس المكتظة، وغياب الاهتمام في المدارس الذي أصبح سمة عامة في المؤسسات التربوية التابعة للنظام السوري.
يقول الناشط الإعلامي يونس الجبلاوي لـ"العربي الجديد": "تواجه مشاكل كثيرة أولياء الطلاب، في مقدمتها ارتفاع أسعار القرطاسية، وعدم تنفيذ حكومة النظام مشاريع ترميم وتأهيل للمنشآت في عموم مناطق ومدن اللاذقية، علماً أنه لم تشيّد أي مدرسة جديدة بعد عام 2011".

ويوضح أيضاً أن "مقاعد المدارس لم تستبدل أو تخضع لصيانة منذ أكثر من 11 عاماً، كما أن الكتب التي مُنحت للطلاب هذا العام الدراسي شبه تالفة. والحقيقة أن الأهالي لم يعد لديهم أي ثقة بالتعليم في مدارس النظام، والصفوف الدراسية تضم أعداداً كبيرة من الطلاب، وقد تحتضن بعضها أكثر من 40 طالباً، والنظام لا يولي أي أهمية للتعليم".
يتابع: "خلق فقدان الثقة بالتعليم فجوة بين الطلاب، فالأهالي القادرون مادياً على إرسال أبنائهم إلى المعاهد، أو تقديم دروس خصوصية لهم، أوجدوا فارقاً بين الطلاب تسبب بعدم اهتمام المدرسين بالطلاب في المدارس الحكومية، ما زاد سوء التعليم. وبالنسبة إلى المدارس في سورية عموماً، ومدارس منطقة الساحل خصوصاً، هناك مشاكل تحتاج إلى حل لكن يجري تجاهلها، فغالبية المدارس تعاني من سوء المرافق، مثل دورات المياه، ولا تتضمن أماكن مخصصة للعب الأطفال وأي ألعاب أيضاً، وكذلك مياه آمنة ونظيفة أو حمامات صالحة. ومع انتشار الكوليرا تزداد المخاطر على التلاميذ". 
ويؤكد الجبلاوي أن مدارس اللاذقية لا تحتوي على أي وسائل تعليم حديثة، مثل أجهزة العرض البصري أو الشاشات، ما يجعل التدريس في الساحل يعتمد على آليات ووسائل وتقنيات تعود إلى عقود سابقة عدة".
ويتحدث المدرس سامر العبد الله لـ"العربي الجديد" عن المشاكل والواقع التعليمي في اللاذقية، ويوضح أن "المشاكل كثيرة في المدارس، ما حتم وصول التعليم إلى نقطة سيئة، فأولاً بات الكادر التدريسي بلا خبرة، بعدما غادر أصحاب الخبرة المدينة، وبات بعضهم في مرحلة التقاعد. وهناك أيضاً أزمة الفارق الكبير بين التعليم الخاص والحكومي التي تعود إلى ما قبل الثورة، وظهرت عام 2006 مع ازدياد عدد المدارس الخاصة. وقد توجه المدرسون خصوصاً أولئك المتخصصين في الرياضيات والفيزياء والكيمياء واللغات للعمل في معاهد خاصة، واهتموا بمنح دروس خصوصية، فيما يتعاملون مع المدارس على أنها توفر رواتب هي تحصيل حاصل بالنسبة إليهم، ويتعاملون معها بفكرة أن لا طائل من بذل جهد كبير مقابل راتب لا يتجاوز 30 دولاراً.

الصورة
يعتقد بعض الأهالي بأن ذهاب الأولاد إلى المدرسة هدر للوقت (أمير قريشي/ فرانس برس)
يعتقد بعض الأهالي بأن ذهاب الأولاد إلى المدرسة هدر للوقت (أمير قريشي/ فرانس برس)

ويلفت أيضاً إلى مشكلة اكتظاظ الصفوف، "فالصف الواحد قد يضم 50 طالباً، علماً أن كثيرين من سكان المحافظات نزحوا إلى اللاذقية، ما زاد عدد الطلاب في المدينة التي لم يتعامل معها أحد بطريقة مناسبة، على صعيد تجهيز مدارس لاستيعاب الأعداد، أو حتى صيانة منشآتها. وباعتبار أني كنت مدرساً في اللاذقية، ومطّلعا على الواقع، أؤكد أنه لم يجر تحسين أي شيء في المدارس، فالمقاعد بقيت ذاتها ويزيد عمرها عن 20 عاماً، علماً أننا كنا نستخدم براغي بعض المقاعد لتثبيت أخرى، وبعضها لا تتضمن أماكن لوضع حقائب. ومع حلول الشتاء، هناك مشاكل كثيرة منها التدفئة غير المتوفرة في مدارس كثيرة أو بكميات قليلة جداً، والطلاب يعانون بالتالي من البرد الذي يزيده تحطم كثير من النوافذ، واستخدام لواصق لتثبيتها. الوضع سيئ للغاية في مدارس اللاذقية، وحال مدارسها مثل معظم المدارس السورية". 
ويخبر معن (43 عاماً)، أحد سكان مدينة جبلة "العربي الجديد"، أن ولديه في مدرسة لا يتلقيان فيها أي اهتمام من المعلمين، ويقول: "معيب ما يحدث في مدارس جبلة، وكأن المعلمين في عالم آخر. حين أعاين الدروس الممنوحة لولديّ وواجباتهما، أقتنع بأن ذهابهما إلى المدرسة هدر للوقت. أحد ولدي في الصف الرابع، والمعلمة في صفه لا تبدي أي اهتمام بالطلاب، وتمضي معظم الحصة الدراسية في استخدام الهاتف الخليوي، والصراخ على الطلاب".
يتابع: "أنبّه ولديّ دائماً إلى عدم شرب الماء من الصنابير في المدرسة، أو دخول حماماتها التي لا تحتوي على صابون لغسل اليدين، ولا تنظف حتى مرة خلال العام الدراسي، ما يجعل الأوساخ فيها تصل إلى درجة القرف. وفي الشتاء هناك أزمة البرد، وعدم وجود إضاءة. الإهمال وعدم الاكتراث لحال المدارس جريمة، والكتب القديمة المهترئة التي تسلّمها الطلاب وعليها كتابات أسوأ ما يمكن تقديمه لطالب. ولا أظن أنني مخطئ إذا قلت إن التعليم ذاهب إلى الانهيار، أو أن التعليم الحقيقي في المدارس العامة قد انتهى".

ووفق بيان أصدرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونسيف" عام 2021، يزيد عدد الأطفال السوريين خارج المدارس عن 2.4 مليون، ويعاني نظام التعليم في سورية من إجهاد ونقص في التمويل، وهو غير قادر على توفير خدمات آمنة وعادلة ومستدامة لملايين الأطفال.

المساهمون