مخاوف في تونس من تجدّد سيناريو حرائق الصيف

19 يوليو 2023
من عمليات إخماد الحرائق في ملولة التونسية اليوم (فيسبوك)
+ الخط -

تُواصل وحدات الدفاع المدني التونسي، منذ أمس الثلاثاء، محاولاتها للسيطرة على حريق اندلع في منطقة ملولة الغابية على الشريط الغربي للبلاد، وسط مخاوف من توسّع رقعة الحرائق وتضرّر مساحات واسعة، في خضم موجة حرّ قياسية.

وأعلنت الإدارة الجهوية للحماية المدنية في محافظة جندوبة شمال غربي تونس، على صفحتها الرسمية في "فيسبوك"، انضمام وحدات إطفاء من محافظات عدّة، إلى وحداتها، من أجل السيطرة على الحريق والحدّ من الخسائر في المنطقة الغابية.

ومع ارتفاع درجات الحرارة، تتكرّر في تونس مخاطر نشوب الحرائق في المناطق الغابية الممتدّة أساساً على الشريط الغربي للبلاد، الأمر الذي يسبّب خسائر في الغطاء الغابي الذي يؤثّر بدوره على جودة الحياة والهواء في المناطق السكنية والمدن المحاذية للغابات التي تلتهمها النيران.

وقال المتحدث باسم الدفاع المدني بمحافظة جندوبة عادل العبيدي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "جهود الإطفاء متواصلة منذ 24 ساعة، وسط محاولات للسيطرة على الحريق في غابة ملولة التي تبعد سبعة كيلومترات عن الحدود الجزائرية". وأكّد العبيدي أنّ "أعمال الإطفاء استمرّت على مدى ليل الثلاثاء والأربعاء (18-19 يوليو/ تموز الجاري)، بعد وصول تعزيزات من أجهزة كاسحة وعتاد إطفاء وعناصر بشرية تابعة للدفاع المدني وأخرى تابعة لمصالح الغابات، بالإضافة إلى تخصيص طائرتَي إطفاء تابعتَين للجيش التونسي".

وكشف العبيدي عن "تضرّر مساحات واسعة من غابة ملولة الحدودية"، مشيراً إلى أنّ "الخسائر النهائية تُحدَّد بعد السيطرة الشاملة على الحريق وإطفاء الجيوب النارية".

ويُعَدّ شهر يوليو من بين الأشهر الصعبة في المناطق الغابية، إذ ترتفع مخاطر نشوب الحرائق في مساحات واسعة تنجم عن ارتفاع في درجات الحرارة أو بفعل فاعل. وفي العام الماضي سجّلت تونس، في مثل هذا الشهر، أكثر من 15 حريقاً كبيراً، أبرزها حريق جبل بوقرنَين القريب من العاصمة والذي يُعَدّ المتنفّس الطبيعي الأبرز لأكثر من مليونَي تونسي يقيمون في المدن المحاذية للجبل. وقد تسبّب حريق غابة بوقرنَين حينها في خسارة أكثر من 500 هكتار من الغابات، وفي تلف كبير في الرئة الطبيعية التي تتنفّس منها مدن إقليم تونس الكبرى.

وتخلق الغابات في تونس ديناميكية اجتماعية-اقتصادية كبيرة وتوفّر فسحات لممارسة الرياضة في مسالك صحية، بالإضافة إلى كسب أسر كثيرة رزقها من الموارد الغابية. وبهدف استعادة الغطاء الذي أتلفته النيران قد يتطلّب الأمر عقوداً من الزمن.

وتطالب شبكات المنظمات المدنية الناشطة في المجال البيئي بانخراط مواطنيّ أوسع في حملات التشجير، من أجل ترميم الخسائر في الغطاء النباتي والغابي التي تسبّبها الحرائق سنوياً، مع الاتجاه نحو زرع ما هو أكثر مقاومة للنيران من قبيل شجرة الخرّوب ذات المردود الاقتصادي العالي.

وفي هذا الإطار، قال حسام حمدي وهو ناشط في جمعية "سولى قرين" التي تساهم في الحملة الوطنية للتشجير، إنّ "الجمعية نجحت، في خلال موسمَين، في غرس نحو مليونَي شجرة في إطار خطة تهدف إلى زرع 12 مليون شجرة على امتداد خمس سنوات، بمعدّل شجرة واحدة لكلّ مواطن تونسي".

أضاف حمدي لـ"العربي الجديد" أنّ "الجمعية نجحت في استقطاب مئات المتطوّعين الذين يشاركون دورياً في حملات تشجير، غير أنّ التعبئة العامة لتحويل التشجير إلى عملية مواطنية مكثّفة تبقى ضرورية". ولفت حمدي إلى "بروز أنواع جديدة من الحرائق التي تطاول الجبال والغابات القريبة من الأحياء السكنية أمر يفرض خططاً جديدة للحدّ من الخسائر والمساهمة في تحسين جودة الحياة في المدن التي تعاني من تلوّث كبير في الهواء".

وتمثّل حرائق فصل الصيف الخطر الأكبر الذي يهدّد تونس، لا سيّما أنّ التشخيص الذي تعدّه مصالح الغابات لم يكشف بعد ما هي الأسباب الحقيقية لاندلاع الحرائق التي تُقيَّد 90% منها ضدّ مجهول. يُذكر أنّ مدير تنمية الغابات والمراعي في وزارة الزراعة جمال كعيلان كان قد أفاد، في تصريحات إعلامية سابقة، بأنّ "القرائن تؤكّد أنّ الحرائق التي تنشب في غابات تونس تحدث بفعل فاعل، أي إنّها مفتعلة، غير أنّه لا يُصار إلى التعرّف إلى مقترفيها، وبالتالي تُنسَب إلى مجهولين في 90% منها".

المساهمون