حُرم عدد كبير من الأطفال في مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين (جنوب العاصمة اللبنانية بيروت)، من الدراسة نتيجة عوامل عدّة، كما أنّ عدداً كبيراً من التلاميذ يتسربون من المدارس لأسباب اجتماعية واقتصادية مختلفة، ففَتَحت روضة منارة القدس أبوابها للتلاميذ المتسربين، بالإضافة إلى صفوف لمحو الأمية.
تقول مديرة الروضة منال حيدر: "حصلنا على علم وخبر لروضتنا عام 2010، ولدينا مشروع تربوي للأطفال يشمل صفوف الروضات ودروس تقوية لصفوف المرحلة الابتدائية، إضافة لصفوف خاصة للتلاميذ المتسربين من المدارس. كما يتضمن المشروع صفوفاً لمحو الأمية".
تتابع: "معظم المتسربين من المدارس هم في سن المراهقة، ونسعى إلى دعمهم وتقويتهم بالمواد الأساسية، وإرشادهم قدر الإمكان"، مشيرة إلى أن "المراهق يخشى البوح لأهله بأمور عدة، ما يضطرنا أحياناً إلى الحلول مكان الأهل، بهدف حمايتهم قدر المستطاع". تضيف: "طلابنا في الروضة من جنسيات عدة، لبنانية وفلسطينية وسورية. والنسبة الأكبر من التلاميذ هم من الجنسية السورية".
بالإضافة إلى ما سبق، تركز الدورة على الثقافة العامة وكيفية التواصل باحترام مع الآخرين. وتراوح أعمار تلاميذ محو الأمية ما بين 8 سنوات و18 سنة. أما بالنسبة للتلاميذ المتسربين من المدارس، فمعظمهم في سن المراهقة. تقول حيدر: "إحدى الفتيات التي عادت إلى المدرسة في عمر الـ14، باتت تساعدني في الروضة في مقابل ما تيسر من مال، إذ لا نحصل على مساعدات أو دعم من أحد". وتشرح أن المشروع عبارة عن جهد ومبادرة فردية، "كما أن التعليم شبه مجاني، فالمبلغ الذي نتقاضاه من كل تلميذ هو مبلغ رمزي قيمته المادية خمسون ألف ليرة لبنانية (2.5 دولار)، فالهدف الأساسي هو تحسين الأداء التعليمي للتلاميذ".
من جهتها، تقول ملك فرحات (14 عاماً)، من مدينة بعلبك (شرق لبنان)، والمقيمة في حي فرحات في بيروت: "تعلمت حتى الصف الخامس الأساسي، إلا أنني توقفت عن الدراسة بسبب انفصال والدَيّ، فعشت مع أمي التي تعمل في مكتب، حيث تعد القهوة والشاي للموظفين. وعندما علمت بالمشروع في الروضة، التحقت به لأتعلم ما فاتني. وعندما تمكنت من الدروس، صرت أعمل في الروضة، وأعلّم تلاميذ محو الأمية، وأتدرب على الدرس قبل يوم من تعليمه للتلاميذ، وفي اليوم التالي أدرسه لهم. وفي الوقت نفسه، أتقاضى أجراً مقبولاً نوعاً ما".
تتابع فرحات: "صرت أعرف القراءة والكتابة، وأتعلم ما يتعلمه بقية التلاميذ، وأعلمهم القراءة والكتابة، وهذا العمل يجعلني سعيدة، لأنني أشعر بأنني حققت ما كنت أسعى إليه، كما أنني أدرّس الأولاد حتى لا يعيشوا تجربتي، وأعمل على تطوير نفسي من خلال تعلمي الكمبيوتر والالتحاق بدورات في اللغة الإنكليزية".
أما آية رزق (15 عاماً)، وهي من درعا في سورية، فتساعد في تدريس التلاميذ علماً أنها في الصف السابع الأساسي، وقد تأخرت عامين عن الدراسة. تقول: "كان يجب أن أكون في الصف العاشر، لكن عندما أتينا إلى لبنان لم يكن هناك مدارس للتلاميذ السوريين. في ذلك الوقت، كان يجب أن أكون في الصف الرابع، لكنني تقدمت للتسجيل في مدرسة وامتحنوني ولم يقبلوني إلا في الصف الثاني". تتابع آية: "عندما أعلّم التلاميذ، أشعر بسعادة لأنني أقوم بعمل نافع، وفي الوقت نفسه، أحصل على أجر لقاء عملي".
ويقيم أحمد فهد (12 عاماً)، الذي يتحدّر من دير الزور في سورية، في مخيم شاتيلا، ولم يسبق له أن دخل مدرسة من قبل. يقول: "في البداية، لم أكن أحب المدرسة، ولم أرغب في التعلم. كان أهلي يسجلوني في المدرسة لكنني لم أكن أذهب إليها، لكن عندما كبرت صرت أشعر بحرج، فلا أستطيع قراءة المعلومات التي تمر أمامي. التحقت بالروضة وصرت أعرف قراءة وكتابة اسمي باللغتين العربية والإنكليزية".
أما إيمان بكار (13 عاماً)، المتحدرة من مدينة حلب في سورية، فتقول: "تعلمت حتى الصف الأول الأساسي فقط. لم تكن لدي رغبة في التعليم، ولم أكن أحب المدرسة، ولم أعرف القراءة والكتابة. لذلك، قررت الالتحاق بصف محو الأمية لأتعلم القراءة والكتابة. وتشجعت حين رأيت الأولاد يتعلمون في وقت كنت عاجزة عن الأمر. طلبت من أمي أن تسجلني في الروضة، وكان لي ما أردت وبدأت التعلم".
أما مادلين عبد الرازق (12 عاماً)، وتتحدر أيضاً من مدينة حلب السورية، فتقول إنها تركت المدرسة بسبب لجوئها إلى لبنان مع عائلتها. تضيف: "لا أعرف الحروف العربية ولا حتى الإنكليزية. كما لا أعرف القراءة والكتابة، لذلك صرت أحضر إلى صف محو الأمية حتى أتعلم، وأنا الآن أتعلم العربية والإنكليزية إضافة إلى الرياضيات".