تحوّلت محطة قطارات مدينة أوديسا التاريخية، والتي تم إنشاؤها عام 1905 وتعد شريان التواصل بين مختلف المدن الأخرى، إلى نقطة تجمّع للنازحين الأوكرانيين القادمين من المدن المحاصرة من قبل القوات الروسية جنوبي البلاد، لاسيما ميكولايف، قبل بدء رحلة اللجوء إلى دول الجوار الأوكراني.
وتعج المحطة اليوم بقصص مأساوية لأوكرانيين، عايشوها خلال رحلة هروبهم من جحيم المدن التي تتعرض للقصف الروسي المتواصل.
مراسل "العربي الجديد" جال في المحطة التاريخية، والتقى بالمواطنة لودميلا، التي وصفت القصف الروسي بـ"الجحيم"، وقالت إنها رأت الموت بعينها داخل مدينة ميكولايف، ولأنها لم تعد تتحمل كل هذا الجحيم؛ قررت مغادرة المدينة باتجاه أوديسا، ومن بعدها الذهاب إلى أي مكان آمن.
لكن الوضع الذي عانته لودميلا، عاشته كذلك الطفلة كاميلا، ابنة ميكولايف أيضاً، التي رأت شظايا الحرب تحاصرها طوال الوقت، وأجبرتها على العيش في الملاجئ تحت الأرض، خاصة مع اقتراب التفجيرات من منزلها وتدمير منزل جارهم بالكامل.
وفي تصريحات لـ"العربي الجديد"، قال مسؤول فرق الإغاثة الأوكرانية، يوري سيرغي، إنّ المحطة ومنذ هدوء الأوضاع في ميكولايف تستقبل يومياً ما بين ألف إلى خمسة آلاف شخص.
ويضيف سيرغي، أنه منذ بدء عمليات الإجلاء إلى أوديسا؛ استقبلت محطة القطارات نحو 150 ألفاً من سكان ميكولايف، البالغ عددهم نحو 500 ألف نسمة، قبل بدء الاجتياح الروسي لأوكرانيا.
وتحظى مدينة ميكولايف في الجنوب الغربي من أوكرانيا، والتي تبعد عن العاصمة كييف شمالي البلاد قرابة 600 كيلومتر؛ بأهمية بالغة خلال الأيام الماضية، بعد نجاحها في التصدي للقوات الروسية باتجاه الجنوب الشرقي، نحو محور زابوريجيا.
وعلى مدار نحو أسبوعين، دارت معارك شديدة بين القوات الأوكرانية ونظيرتها الروسية، التي كانت تحاول عبور ميكولايف، باتجاه مدينة أوديسا الاستراتيجية على البحر الأسود، لعزل كامل أوكرانيا عن المياه الدافئة.
لكن المدينة أثبتت تفوقاً كبيراً على القوات الروسية، ما أجبر الأخيرة على التراجع إلى الجنوب والتركيز على مهاجمة مدينة زابوريجيا من مدينة خيرسون، التي أعلنت سيطرتها الكاملة عليها، فيما تتحدث القوات الأوكرانية عن استعادة أجزاء منها.
واليوم، تعيش ميكولايف هدوءاً حذراً، يخيم على مركز المدينة، رغم القذائف الروسية التي تضرب أطرافها بين الحين والآخر، في ظل تمركز القوات الروسية على بعد 20 كيلومتراً من جهة الجنوب و60 كيلومتراً من جهة الشرق.
وفي ظل هذا الهدوء الحذر؛ قرر عدد من أبناء المدينة مغادرتها باتجاه مدينة أوديسا، التي تقع جنوب غربي ميكولايف، على بعد 120 كيلومتراً، عبر عدد من الحافلات التي خصصتها بلديتا ميكولايف وأوديسا، لنقل المدنيين العالقين في المدينة، حيث تم تخصيص نقطة تجمّع للنازحين من ميكولايف، داخل محطة القطارات.