مجموعة متشدّدة تعتدي على ملهى في بيروت بزعم ترويجه للمثليين

بيروت
ريتا الجمّال (العربي الجديد)
ريتا الجمّال
صحافية لبنانية. مراسلة العربي الجديد في بيروت.
24 اغسطس 2023
مجموعة "جنود الرب" المتطرفة تهاجم ملهى في بيروت بزعم "دعم المثليين"
+ الخط -

حاصر شبّان ينتمون إلى جماعة متشدّدة في لبنان تطلق على نفسها اسم مجموعة "جنود الرب"، مساء أمس الأربعاء، ملهى في منطقة مار مخايل، شرقيّ العاصمة اللبنانية بيروت، بسبب تنظيمه حفلاً خاصاً "يروّج للمثليّين" بحسب ما ادّعت المجموعة، وقد طالبت بإقفال الملهى.

وأطلق هؤلاء الشبّان المتشدّدون هتافات مناهضة للمثليّين، فيما احتجزوا زبائن ملهى "مدام أوم" في داخله مهدّدين باقتحامه، قبل أن يصل عناصر من قوى الأمن الداخلي اللبناني إلى المكان ويغادر الزبائن، وسط معلومات أفادت بتعرّض عددٍ من الأخيرين لاعتداءات، في حين حطّم شبّان "جنود الربّ" بعضاً من لوازم الملهى في الخارج.

وقد ظهر أفراد من المجموعة في تسجيلات فيديو، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وهم يحذّر الموجودين في داخل المقهى إلى عواقب الترويج للمثليّين والمثليّة الجنسية، ومتوعّدين بأن هذا ما هو إلا "البداية".

وفي هذا الإطار، يقول الناشط ضومط القزي دريبي لـ"العربي الجديد" إنّ عرضاً كوميدياً يُعرَف باسم "دراغ شو" كان يُقدَّم، ليل أمس الأربعاء، في مقهى "مدام أوم" الذي يُعَدّ صديقاً لمجتمع "الميم عين"، والذي يستقبل جميع الناس باختلاف ميولهم الجنسية وهويّاتهم الجندريّة.

يضيف دريبي أنّ "أمام المقهى، وُضع ستاند (كشك) يحوي منشورات وتذاكر لحضور العرض. وعند مرور أحد أفراد جنود الرب، بدأ بالتصوير معبّراً عن انزعاجه من المحتوى، وراح يطلق شتائم قبل أن يغادر المكان. لكنّه عاد مع مجموعة من الأشخاص راحوا يلتقطون الصور ويطلقون هتافات مناهضة لأفراد مجتمع الميم عين". ويتابع دريبي: "دخلتُ وتحدّثتُ إلى منظّمي العرض الذين حاولوا إنهاءَه سريعاً، لكنّها ما هي إلا دقائق أو ثوانٍ حتى هجم أفراد المجموعة على المكان وراحوا يعتدون على من كانوا خارج الملهى. وقد أصيب هؤلاء بكدمات على وجوههم". ويذكر أنّ "لدى محاولة الشبّان اقتحام المقهى، سارع الموجودون في الداخل إلى إقفال الباب، ولو لم يفعلوا لكانت مجزرة حقيقية وقعت".

ويشير دريبي إلى أنّ "القوى الأمنية حضرت، وقد تعاملت مع المجموعة (جنود الرب) بحنيّة كبيرة، ودخلت إلى المقهى في محاولة منها للبحث عن أيّ دليل يدين الضحايا الذين تعرّضوا للهجوم، وذلك في تصرّف مريب جداً، علماً أنّه معروف ممّن يتلقّى أفراد جنود الرب أوامرهم... ومن أيّ جهات سياسية".

ويوضح دريبي أنّ "أربعة أشخاص تعرّضوا لاعتداء جسدي"، مبيّناً أنّ منظمة حلم (المنظمة غير الحكومية الأولى التي تُعنى بحقوق مجتمع الميم عين في العالم العربي) تحاول التواصل مع هؤلاء، وتشجيعهم على توثيق حالاتهم من خلال تقارير طبيّة وصور لآثار الاعتداءات بالإضافة إلى التواصل معها. ويؤكد دريبي أنّها تسعى إلى "اتّخاذ إجراءات قانونية ضدّ المعتدين، في انتظار موافقة الأشخاص المعنيّين، إذ إنّهم هم المتضرّرون".

ويعبّر دريبي عن أسفه لأنّ "الأمور تذهب في منحى تصاعدي، لا سيّما لجهة وتيرة التعرّض لأفراد مجتمع الميم عين، وقد بدأت تخرج عن إطارها المقبول لتصل إلى حدّ العنف والدعوة إلى القتل"، لافتاً إلى "خطاب أخير للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله" في سياق متصل. ويحذّر الناشط من "تضاؤل مساحة الحريات في لبنان تدريجياً".

من جهته، دان رئيس المركز اللبناني لحقوق الإنسان وديع الأسمر ما حصل ليل أمس الأربعاء في منطقة مار مخايل بالعاصمة اللبنانية. وفي منشور له على منصّة "إكس" (تويتر سابقاً) اليوم الخميس، حمّل الأسمر مسؤولية ما قام به "جنود الرب"، وهم محميّون من جهات سياسية في بيروت، "كلّ من حرّض على المثليّين تحت غطاء الدين والأخلاق"، مشيراً خصوصاً إلى "النواب والمسؤولين".

في السياق، رأى النائب ميشال الدويهي أنّ العنف، الذي ارتكبه من يطلقون على أنفسهم اسم "جنود الرب" مساء أمس الأربعاء، هو "اعتداء على حرية الناس العامة والفردية". وشدّد في منشور له على منصّة "إكس"، اليوم الخميس، على أنّه "لا يحقّ لأيّ كان فرض آرائه على الآخرين".

وشدّد الدويهي على أنّ حرية الناس "مكفولة بالقانون وبالدستور وتحميها الدولة ومؤسساتها"، وأنّ "العمل العنفي مدان ومرفوض رفضاً تاماً"، داعياً الجميع إلى "إدانة هذا التصرّف".

بدوره، حذّر النائب مارك ضو، في منشور على منصّة "إكس" اليوم الخميس، من أنّ "الحريات بخطر"، داعياً إلى عدم السكوت والانتظار إلى حين تحلّ المصيبة "وأنتم سهرانون". ودعا القضاء إلى التحرّك وتوقيف كلّ من اعتدى على ضحايا حادثة مساء أمس الأربعاء، في حين توجّه إلى "المواطنين والمواطنات" داعياً إيّاهم إلى "نبذ كلّ من باسم الله ينشر الحقد والعنف والإرهاب والقمع".

ومجموعة "جنود الرب"، التي بدأت تبرز قبل أقلّ من ثلاثة أعوام، تعرّف عن نفسها على موقعها الإلكتروني بأنّها ليست حزباً ولا منظمة ولا تتبع أيّ شخصية، وأنّ لا صلة لديها بـ"أيّ شيء أرضي" وليس لها أيّ نشاط أمني أو مدني، وتدّعي أنّها "تحمل تعاليم الرب يسوع، ومؤتمنة على وصاياه".

وتثير هذه المجموعة جدالاً كبيراً في لبنان، وكذلك قلقاً بين كثيرين من سكان المنطقة التي يُطلَق عليها الأشرفية (تضمّ إلى الأشرفية مناطق الرميل والصيفي والمدوّر والمرفأ)، شرقيّ بيروت، حيث تنشط خصوصاً، وذلك بناءً على تحرّكات تنظّمها بين حين وآخر لمناهضة ومعاداة الزواج المدني والأفكار العلمانية والشيوعية والمثلية الجنسية.

ويرتدي أفراد هذه المجموعة زياً أسود اللون ويحملون صلباناً ويرفعون شعارات دينية. وثمّة معطيات متداولة حولها بأنّها مدعومة من قبل أحد كبار المصرفيّين وبأنّها محميّة سياسياً وحزبياً.

ذات صلة

الصورة
أنشطة ترفيهية للأطفال النازحين إلى طرابلس (العربي الجديد)

مجتمع

أطلقت منظمات وجمعيات أهلية في مدينة طرابلس اللبنانية مبادرات للتعاطي مع تبعات موجة النزوح الكبيرة التي شهدتها المدينة خلال الفترة الأخيرة.
الصورة
دمار جراء غارات إسرائيلية على بعلبك، 25 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة غارات دموية على مناطق عدّة في محافظة بعلبك الهرمل اللبنانية أدت إلى سقوط عدد كبيرٍ من الشهداء والجرحى وتسجيل دمار كبير
الصورة
غارة جوية على قرية الخيام جنوب لبنان، 3 أكتوبر 2024 (فرانس برس)

سياسة

يكثّف جيش الاحتلال الإسرائيلي من سياسة تدمير المربعات السكنية ونسفها في جنوب لبنان على غرار الاستراتيجية التي يعتمدها في غزة منذ بدء حربه على القطاع
الصورة
آلية عسكرية إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة، 6 أكتوبر 2024 (ميناحيم كاهانا/فرانس برس)

سياسة

شهر أكتوبر الحالي هو الأصعب على إسرائيل منذ بداية العام 2024، إذ قُتل فيه 64 إسرائيلياً على الأقل، معظمهم جنود، خلال عمليات الاحتلال في غزة ولبنان والضفة.
المساهمون