تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع قرارًا يدين منع حركة "طالبان" النساء الأفغانيات من العمل ضمن صفوف الأمم المتحدة في أفغانستان، ويدعو إلى "التراجع السريع" عن القيود التي فرضتها على النساء.
وبحسب نص القرار الذي صاغته الإمارات واليابان، فإن منع "طالبان" النساء الأفغانيات من العمل في الأمم المتحدة في أفغانستان "يقوض حقوق الإنسان والمبادئ الإنسانية".
ويدعو القرار إلى مشاركة النساء والفتيات الكاملة والمتساوية والآمنة في ما يتعلق بمجالات الحياة المختلفة كالتعليم، والتنقل، والعمل، وغيرها، كما يدعو "طالبان" "إلى التراجع السريع عن السياسات والممارسات التي تقيد تمتع النساء والفتيات بحقوق الإنسان والحريات الأساسية الخاصة بهن، بما في ذلك ما يتعلق بوصولهن إلى التعليم والعمالة وحرية التنقل ومشاركة المرأة الكاملة والمتساوية والهادفة في الحياة العامة".
وكرر القرار مطالبته "جميع الأطراف بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع وآمن، من دون عوائق، لموظفي الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة وشركائها والجهات الفاعلة الإنسانية الأخرى ومقدمي الخدمات الأساسية، بغض النظر عن الجنس".
ويشدد مجلس الأمن في القرار على الحاجة الملحة لمواصلة معالجة الحالة الاقتصادية والإنسانية المتردية في أفغانستان، بما فيها الخدمات الأساسية للسكان الأفغان.
كما يؤكد القرار أهمية المساعدة في معالجة التحديات الكبيرة التي تواجه الاقتصاد الأفغاني، بما في ذلك من خلال الجهود المبذولة لتمكين استخدام الأصول المملوكة للبنك المركزي الأفغاني لصالح الشعب الأفغاني".
ويشدد القرار كذلك على الأهمية الحاسمة لاستمرار بعثة الأمم المتحدة وصناديقها وبرامجها الأخرى في جميع أنحاء أفغانستان ويكرر دعمه كذلك للبعثة وممثل الأمين العام الخاص فيها.
كما يدعو جميع الجهات السياسية الأفغانية الفاعلة وأصحاب المصلحة المعنيين بما في ذلك السلطات المعنية، وكذلك الجهات الفاعلة الدولية، إلى التنسيق مع بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان في تنفيذ ولايتها وضمان سلامة وأمن وحرية تنقل موظفي الأمم المتحدة والأفراد المرتبطين بها في جميع أنحاء البلاد.
وشدد القرار على أهمية الحوار والتشاور والمشاركة بين جميع أصحاب المصلحة الأفغان لتحقيق تسوية سياسية، مرحباً بالجهود الدبلوماسية في هذا الصدد.
من جانبها، قالت سفيرة الإمارات لانا نسيبة، أمام مجلس الأمن قبل التصويت على القرار، باسم بلادها وباسم اليابان كالبلدين الحاملين الملف الأفغاني، إن دعم أكثر من تسعين دولة من المنطقة ودول إسلامية لنص القرار يوجه رسالة واضحة مفادها أن العالم لن يصمت أمام محاولات محو نساء أفغانستان من المجتمع.
وأكدت أن "الرسالة واضحة بأن الاستقرار والمصالحة السياسية لن تتحقق من دون إشراك النساء والفتيات بهذه العملية".
وبعد تبني القرار، رحب نائب السفيرة الأميركية، رتشارد وود، بتبني القرار، وشدد على أن المجلس وجه رسالة واضحة ومتحدة لـ"طالبان" مفادها أن المجلس "لن يقبل بمعاملته (طالبان) للنساء اللواتي حرمن من التعليم والمدارس والجامعات والعمل مع الأمم المتحدة وفي كل قطاعات الحياة.. إن ذلك غير مقبول ولا نراه في أي مكان في العالم".
ولفت الانتباه إلى البيان الذي صدر عن منظمة التعاون الإسلامي الذي أُكد فيه أن "الشريعة الإسلامية تدعو لتعلم النساء والعمل ومشاركتهن في الحياة العامة".
واعتبر "أن سلوك (طالبان) يلحق ضررا كبيرا بأفغانستان ويبعد الحركة عن هدفها بتطبيع علاقاتها مع المجتمع الدولي".
أما الصين فشددت على ضرورة استمرار الحوار، وأكدت مشاركتها قلق المجتمع الدولي وأسفه بعد حظر "طالبان" النساء من العمل.
كما شدد نائب السفير الصيني، غينغ شوانغ، على أن التنديد والضغط وحدهما لن يؤديا إلا إلى نتائج عكسية، وأكد في الوقت ذاته ضرورة العمل لإجراء تحسينات في بعض المجالات.
وقال إن "القرار الذي اعتمد للتو يقر بأن أفغانستان تواجه تحديات عديدة بما فيها أزمة اقتصادية وأمنية وإنسانية، بالإضافة إلى الإرهاب والمخدرات".
وحول الأصول الأفغانية المجمدة في الخارج، قال إن "الولايات المتحدة الأميركية جمدت ما يزيد عن سبعة مليارات دولار من الأصول الأفغانية، بعد أن سحبت قواتها على عجل.. وبعد الضغط الدولي، سُحب نصف هذه الأصول لإنشاء صندوق ائتماني بذريعة استخدامه لدعم أفغانستان، ولكن إلى يومنا هذا، كل ما رأيناه هو أن هذه الأصول قد نقلت من حساب إلى آخر ولم يعد فلس واحد للشعب الأفغاني".
وأضاف: "إن القرار الذي اعتمدناه للتو ينص صراحة على تقديم المساعدة لمواجهة التحديات الأساسية الماثلة أمام الوضع الاقتصادي، لا سيما البنك المركزي الأفغاني، لصالح الأفغان".
وناشد الولايات المتحدة باتخاذ إجراءات في أقرب وقت ممكن لتنفيذ المتطلبات المنصوص عليها في القرار، "لاستدراك ما ألحقته من ضرر بالشعب الأفغاني بدلا من مواصلة مفاقمة معاناته".