حجم الأضرار في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا (جنوب لبنان) كبير. تضرّرت ودمّرت مئات البيوت، وبات الكثير منها غير صالح للسكن. كما أحرقت ودمرت مئات المحال التجارية، بالإضافة إلى عدد كبير من السيارات. ولا تزال الأوضاع في المخيم على حالها. الطرقات مغلقة بالشوادر وحركة الناس خفيفة. يتفقد الناس ممتلكاتهم ويتحسرون على ما حل بها، وخصوصاً أنهم عاجزون عن ترميمها أو تصليحها بسبب الفقر وخسارتهم أعمالهم من جراء الاشتباكات. ولا يبدو أن هناك من يعوضهم على المدى القريب.
يملك حسين الجشي، المتحدر من بلدة السميرية في فلسطين، والمقيم في مخيم عين الحلوة، محلاً للحلاقة. يقول: "أعمل في هذا المحل منذ ثلاثين عاماً. يقع محلي في شارع الصفصاف وقد تضرر بشكل كبير. ولا أستطيع حتى تركيب زجاج بدلاً من الذي تكسر. لا أعمل في الوقت الحالي وقد خلا الشارع من الناس. ما من يعوض علينا هذه الخسارة غير الله".
يتابع الجشي: "لدي ثلاث بنات، اثنتان منهن في المدرسة. وفي ظل هذا الواقع، لن تفتح المدارس في المخيم أبوابها، إذ تضررت مدرسة ابنتي بشكل كبير. انتهى العام الدراسي قبل أن يبدأ. وفي الوقت نفسه، لا أستطيع تسجيلهما في مدارس خارج المخيم. لا طاقة لي على تحمل أعباء مدرسة خاصة. وحتى إن كانت رسمية، أعجز عن تأمين مصاريف النقل".
يضيف: "خرجنا من بيتنا تحت القصف. تعاني ابنتي الصغرى منذ ولادتها من مشكلات صحية. وبسبب شدة خوفها من أصوات الرصاص والقذائف، ارتفعت درجة حرارة جسمها. في الوقت الحالي، لجأنا إلى منزل أحد أقاربنا بعدما تضرر بيتنا، على الرغم من أنه قريب من المعارك. وأخشى أن تتجدد الاشتباكات ونعيش مأساة الخروج من المخيم مجدداً".
من جهته، يقول أحمد زيدان، وهو من بلدة الطيرة بفلسطين، والمقيم في مخيم عين الحلوة: "أملك محلاً لبيع العصائر. ولدي ابنان يعملان ويسعيان إلى تأسيس مستقبلهما. واليوم، انقصف محل العصير وخسرنا كل شيء وسنبدأ من جديد، لكن لا نعلم كيف نبدأ". يتابع: "خرجنا من المخيم تحت وطأة القصف والقذائف. وحين توقفت الاشتباكات، عدنا لنجد أن المحل قد قصف، وأصبحنا بلا عمل". وفيما يتعلق بالتعويضات، يقول: "يدمرون بيوتنا ولا نحصل على تعويضات أو مساعدات"، مضيفاً: "وحدهم يستفيدون".
أما موفق مصلح، المقيم في المخيم، فقد احترق بيته ومحله. كان يبيع الملابس المستعملة. يقول: "في اليوم الأول للاشتباكات كنت في المحل، فاحترقت أمام محلي سيارة، وكنت أشاهد ذلك بأم العين. وفي اليوم الثاني، كانت عمتي في المحل، فجئت إليها ونقلتها إلى مستشفى النداء الإنساني. وعندما عدت، وجدت أن النيران تشتعل في المحل. بيتي في الطابق العلوي للمحل أصابته القذائف والرصاص بشكل كبير وتضرر بفعل النيران".
يضيف: "محلي عبارة عن ثلاث غرف، وقد اخترقتها القذائف وذابت الأعمدة. ليس هناك مجال للترميم ولا بأي شكل من الأشكال. بيتي ومحلي يحتاجان إلى الهدم وإعادة البناء. وهذا مستحيل لأنه ليست لدي إمكانات مادية. خلال المعارك السابقة، تعرض منزلي للقصف أيضاً، وهذه هي المرة الثالثة التي يقصف فيها. وانتظرت عامين قبل أن أحصل على تعويض من قبل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)".
يتابع: "تقطن عائلتي اليوم عند ابنتي بعدما بات بيتنا غير صالح للسكن، كما قطع التيار الكهربائي والمياه. حاولت إصلاح خزان المياه وبعض الأسلاك الكهربائية، إلا أن الكلفة هي 250 دولاراً. فكيف إذاً سأتمكن من تصليح البيت؟". ويوضح أن "التنظيمات لا تقدم أية مساعدات، علماً أن أفرادها يتقاضون رواتبهم، بينما أصبحنا في الشارع".
بدوره، يقول وليد أبو طربوش الذي يملك محلاً من الزنك لبيع السكاكر: "اشتريت بضاعة جديدة للمحل قبل بدء الاشتباكات بيوم واحد. سقطت قذيفة على المحل فتكسرت زجاجات العصير والمياه وأتلفت أنواع من السكاكر، وتبلغ قيمة خسارتي حوالي الألف دولار". يتابع: "بعد انتهاء الاشتباكات، عملت على تنظيف المحل وانتقاء ما هو صالح من البضاعة. حتى منزلي تضرر بفعل القذائف وبات يحتاج إلى ترميم". ويسأل: "ما الذي حصدناه من جراء هذه الاشتباكات؟ أين الخير الذي سيأتينا؟ تدمرت البيوت وخسرنا رزقنا وأعمالنا. تيتم أطفال وترملت نساء. لم يتأثر بما حصل غير الشعب الذي يقيم في هذا المخيم. هذا هو واقعنا".
وعن إمكانية فتح أبواب المدارس، يقول: "لا أظن أن المدارس ستفتح أبوابها في المخيم. تضررت مدرستان تابعتان للأونروا تقعان على مقربة منا بشكل كبير. حتى الطلاب لن يستطيعوا التعلم. كيف سيتعلمون في ظل هذه الظروف؟ ليس هناك قيادات فلسطينية تسأل عن الناس وعن وجع الناس، علماً أنهم مضطرون للعودة إلى بيوتهم لأنهم لا يملكون مكاناً آخر على الرغم من تضررها. ليس لدي مياه في البيت، ولا من يسأل عن وجعنا. لا فصائل ولا منظمة التحرير. لو كانوا يهتمون لأمرنا لما قبلوا بهذا الخراب".
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
