مبادرة تشريعية لإقرار الأمازيغية لغة للتقاضي في المحاكم المغربية

30 يناير 2023
أُقرّت دستورية اللغة الأمازيغية ورسميتها في المغرب منذ عام 2011 (جلال مرشيدي/الأناضول)
+ الخط -

تستعد معركة "إدماج الأمازيغية" لاستعادة زخم النقاش في المغرب، بعد أن طرح الفريق النيابي لحزب "الحركة الشعبية" المعارض، الأسبوع الماضي، أمام البرلمان مقترح قانون يقضي بإدراج اللغة الأمازيغية لغةً للتقاضي في محاكم المملكة.

ويشتكي عدد من المواطنين المغاربة، الذين يتحدثون الأمازيغية فقط، من العراقيل اللغوية التي تواجههم أثناء التقاضي، ما يضطرهم إلى البحث عن مرافقين يتحدثون اللغة العربية لترجمة كلامهم في الشكاوى التي يقدمونها أمام المحاكم المغربية، بالرغم من دستورية اللغة الأمازيغية ورسميتها في المغرب منذ عام 2011، وصدور قانون تنظيمي يقضي بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في كل مجالات الحياة العامة الحيوية.

دستورية اللغة الأمازيغية في المغرب منذ عام 2011، وصدور قانون تنظيمي يقضي بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في كل مجالات الحياة

واعتبر الفريق الحركي أن إدماج الأمازيغية لغةً للتقاضي "يعتبر مطلبا ملحا تفاديا للمشاكل التي تحدث في مختلف درجات التقاضي وتيسير التواصل بين المتقاضين وجهاز العدالة، خاصة أن الترجمة إلى الأمازيغية تطرح إشكالا كبيرا، بالنظر لعدم وجود مترجمين محلفين بالعدد الكافي من جهة، وعدم توفر المترجمين المتطوعين على تكوين قانوني، علما أن مبدأ الترجمة نفسه غير مقبول، لأنه يعتبر الأمازيغ أجانب داخل وطنهم".

وقال الفريق الحركي، في المذكرة التقديمية لمقترح القانون، إن الدولة مطالبة بأن تكفل للمتقاضين والشهود الناطقين بالأمازيغية حق استعمالها والتواصل بها خلال إجراءات البحث التمهيدي وإجراءات جلسات المحاكم والبحث التكميلي، وكذا النطق بالأحكام، والوثائق الرسمية وإجراءات التبليغ والتنفيذ وغيرها، كما هو منصوص عليه في المادتين 30 و31 من القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، حيث حدد كأجل أقصى لتنزيل هذا المقتضى داخل،  أجل عشر سنوات ابتداء من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية.

وأوضح أن مراجعة وتعديل القانون رقم 3.64 الصادر بتاريخ 26/01/1965 المتعلق بتوحيد المحاكم يعتبر ملحا، ولا سيما فصله الخامس الذي ينص على أن اللغة العربية هي وحدها لغة المداولات والمرافعات والأحكام، الأمر الذي لا يستقيم مع دستور 2011 الذي ارتقى باللغة الأمازيغية إلى لغة رسمية باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة من دون استثناء.

ولفت الفريق إلى أن نفس الشيء يشمل القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، لا سيما أن بعض المحاكم المغربية سجلت في توقيت سابق عدة حالات سمح فيها القضاء بالمناقشات باللغة الأمازيغية، خاصة في القضايا الأسرية أو المدنية أو الاجتماعية، في المناطق ذات الامتداد الأمازيغي، إلا أن محتوى القانون المذكور لا يتضمن مقتضى الترافع باللغة الأمازيغية، وهو ما دفع بالفريق الحركي للتقدم بهذا المقترح من أجل الملاءمة.

المنسق العام لـ"العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان" (غير حكومية) بوبكر أونغير يرى أن المبادرة التشريعية المتمثلة باعتماد الأمازيغية لغةً للتقاضي "مسألة منطقية ومنصفة وضرورية، ومن شأنها إعادة الاعتبار للغة الأمازيغية وللناطقين بها في عدة مناطق من المغرب"، لافتا، في تصريح لـ"العربي الجديد"، اليوم الإثنين، إلى أن "هذه المبادرة لا بد أن تبدأ بتكوين المواد البشرية الضرورية وتأهيلهم لغويا ثم اعتماد اللغة الأمازيغية في مراكز تكوين القضاة وجميع رجال القضاء".

وقال أونغير إن كل المبادرات الهادفة إلى دعم الأمازيغية والإسراع بتنزيلها تبقى مهمة وأساسية، من أجل إنصاف جزئي لشريحة هامة ومكون أساسي من مكونات الشعب المغربي، داعيا إلى ضرورة الإسراع بتعديل عدد من القوانين في المسطرة الجنائية وغيرها التي تتكلم فقط عن استعمال اللغة العربية.

وكانت وزارة العدل و"المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية"، وهو هيئة استشارية أنشئت بمرسوم أصدره العاهل المغربي الملك محمد السادس في 2001، قد وقعا في 24 يونيو/ حزيران 2020 اتفاقية تعاون وشراكة، من أجل إدماج اللغة الأمازيغية في منظومة العدالة.

وبمقتضى اتفاقية التعاون، التزمت وزارة العدل بإعداد معجم المصطلحات القانونية والقضائية، واعتماد متحدّثين بالأمازيغية في مراكز الاستقبال والمكاتب في الوزارة والمحاكم، زيادة على تعزيز الإعداد الأساسي في مجال الأمازيغية داخل المعهد العالي للقضاء، وبرمجة حصص للتعليم المستمر في مجال الأمازيغية.

وكان رئيس الحكومة عزيز أخنوش قد وعد، خلال تقديمه برنامجه الحكومي أمام البرلمان في أكتوبر/ كانون الأول 2021، بإحداث صندوق خاص لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية بحلول عام 2025، بميزانية تفوق 100 مليون دولار.

والتزم أخنوش بتخصيص الصندوق لـ"إدماج الأمازيغية في مجالات التعليم والتشريع والمعلومات والاتصال والإبداع الثقافي والفني، فضلا عن استعمالها في الإدارات وفي مجموع المرافق العمومية".

المساهمون