مبادرات أهالي السويداء لمساندة منكوبي الزلزال: نقوط عروس وحصالات أطفال وبيع شعر

13 فبراير 2023
جهود وتضامن واسع مع المتضررين (عمر حاج قدور/ فرانس برس)
+ الخط -

تستمر حملات الإغاثة بأشكال مختلفة في سورية لصالح متضرري الزلزال الذي ضرب تركيا وسورية، الأسبوع الماضي، ما بين التبرع بـ(نقوط) العرس، وبيع الشعر الطويل، وحصالات الأطفال، وبين التوجه بشكل فردي مع المال نحو أقصى الشمال السوري بعيداً عن الحواجز الأمنية التابعة للنظام السوري ومؤسساته الرسمية.

وتتواصل في محافظة السويداء جنوب سورية، الحملات الإغاثية لدعم المتضررين من الزلزال، وانتشرت على صفحات التواصل الاجتماعي الدعوات للمساعدة العاجلة في المساهمة بإنقاذ المكوبين، ومساعدة الذين باتوا بلا مأوى، حيث نظمت محافظة السويداء بالتعاون مع جمعيات أهلية وتجار حملة من المواد الغذائية والبطانيات والأدوية وحليب الأطفال نحو الشمال. وعلى الجانب الآخر، كانت مبادرات علنية من بعض القرى والبلدات التي سيرت عدة مركبات مع متطوعين نحو الشمال، مثل بلدة القريا جنوب غرب السويداء، وقرية أم الزيتون.

وقال مصدر من قرية أم الزيتون لـ"العربي الجديد"، إن الأهالي تواصلوا مع أشخاص موثوقين في اللاذقية، الذين أكدوا بدورهم أنهم بحاجة "للخبز اليابس" حسب تعبيره، كناية على الحاجة الماسة لأي مساعدة من أي نوع، ولا مجال في هذه الظروف الكارثية لتبييض الوجوه حسب تعبيره، مشيرا إلى أن قافلة محملة بالأغذية والملابس توجهت نحو مدينة جبلة المنكوبة وتم توزيع موادها بحضور أحد أبناء المدينة. في المقابل، تحركت الهيئات الدينية ممثلة بالهيئة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين الدروز، ودار الطائفة والكنائس والجامع الكبير لتنظيم حملات الإغاثة بالتعاون مع المجتمع المحلي والمغتربين في الولايات المتحدة الأميركية. وقد شملت الحملات المتتالية حتى اللحظة كلا من حلب واللاذقية وحماة وأشرف عليها الشيخ حكمت الهجري بوجود سبعين شاباً من المتطوعين الذين قرروا المساعدة بكل الوسائل الممكنة في حلب.

مبادرات شبابية

وصل المتطوع (س. عزام) ورفاقه بعد يومين من كارثة الزلزال إلى مدينة حلب شمال سورية، وانقطعت أخبارهم ليلاً بشكل كامل، إذ كانت وجهتهم ريف إدلب الخارج عن سيطرة قوات النظام السوري، حسبما أكد مقرب من عزام لـ"العربي الجديد".
وأوضح المتحدث، أن هذه المجموعة كانت مصممة على دخول إدلب بأي طريقة للمساهمة المعنوية مع فرق الإنقاذ على الرغم من صعوبة العودة، وأضاف أنها أغلقت الاتصال بشكل كامل مع العالم الخارجي لعدم التشويش عليهم، وهم مؤمنون بأن سورية واحدة رغم كل الجراح. فيما قرّرت (ميس. ش) مع أربعين شاباً وشابة التوجه إلى حلب بحملة لا تشبه الحملات الإغاثية المعتادة، وأوضحت لـ "العربي الجديد"، أنهم قرروا عدم الحصول على موافقات أو المرور بحواجز تابعة للنظام، وسافروا حاملين معهم حقائب متوسطة فيها بعض الطعام واللباس، وأموال جمعوها من معارفهم المغتربين، وكان الهدف الوصول إلى أبعد نقطة ممكنة ضربها الزلزال في سورية، أو التوجه إلى الذين لا يلتفت إليهم أحد من المنظمات والمؤسسات التابعة لحكومة النظام السوري.

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، استفسارات من المغتربين إلى الداخل تتحرى عن طريقة إرسال المال والمواد الإغاثية إلى إدلب وجنديرس، وتواصلوا مع عدد من الناشطين، في حين وجد عدد آخر من المغتربين طريقة للوقوف مع الشمال السوري من خلال التشبيك من الخارج مع ناشطين في المناطق المنكوبة.

مبادرات رمزية

ومنذ اليوم الأول للزلزال، انتشرت مبادرات أخرى رمزية أبطالها أطفال صغار ويافعون من متلازمة داون، تبرعوا بحصالاتهم، وشابات تبرعن بشعورهن، وتجار كبار أرسلوا حوالات مادية إلى زملائهم في حلب للتصرف بالمال بعيداً عن أي حملات رسمية، وعرسان تبرعوا بـ"نقوطهم" وأعلنوا ذلك عبر مواقع التواصل، حيث يقوم المتبرع بالتوجه إلى مبنى المحافظة حيث يتم جمع التبرعات أو يودعها عن طريق الجمعيات المحلية ومنها جمعية "الإنسانية تجمعنا".
وقال مصدر خاص لـ "العربي الجديد": "بالنسبة لنقوط العروس، تعلن العروس عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن تلقيها، ومن ثم تتجه إلى مبنى المحافظة حيث يتم جمع التبرعات، ويتم تداولها عبر صفحات فيسبوك"، أما فيما يخص قص الشعر فأفاد بأنه "يتم في صالونات الحلاقة ويباع ويتم التبرع بهذه المبالغ عن طريق مبنى المحافظة أو عن طريق الجمعيات المحلية منها جمعية "الإنسانية تجمعنا".
وأضاف أنه من بين الفتيات في السويداء اللواتي تبرعن بثمن شعرهن، أسماء الغزال. أيضا أعلن بعض الشبان المقبلين على الزواج في مدينة السويداء تأجيل زفافهم كنوع من التعاضد مع أهالي ضحايا الزلزال، وهذه المبادرات فردية في الوقت الحالي.
فيما قامت مجموعة عائلة نتالي المكونة من 150 طفلاً بإقامة صلاة جماعية وأضاءت الشموع كرسالة تعزية ومحبة إلى كل أطفال سورية في كل مكان، والتبرع بمبلغ 10 ملايين من قبل أطفال مدينة شهبا إلى أطفال مدينة حلب. وجاء في الرسالة التي اطلع عليها "العربي الجديد": "نحن أيضاً معكم تحت الأنقاض، تحت أنقاض الخيبة والعجز، تحت أنقاض الخذلان والضعف والهوان، نعم نحن نختنق أيضاً ونشعر بالبرد يأكل أرواحنا والرعب يغزو قلوبنا بعيدون في الجغرافيا، لكن لا معنى للمسافات في لحظات الوجع. كلماتنا عاجزة ومشاعرنا ضائعة ودموعنا حائرة، واعذروا تقصيرنا وعجزنا".
المساهمون