ما العلاقة بين الجلطات الدموية ولقاح أسترازينيكا؟

03 ابريل 2021
تتواصل الأبحاث العلمية لتحديد سبب الجلطات (الأناضول)
+ الخط -

أعلنت وكالة الأدوية البريطانية، اليوم السبت، أنّ سبعة أشخاص تلقوا لقاح أسترازينيكا المضاد لفيروس كورونا توفوا بسبب جلطات دموية، من إجمالي ثلاثين حالة تمّ تسجيلها حتى الآن، داعية في الآن نفسه إلى الاستمرار في أخذ اللقاح. 
وقالت الوكالة إنها تلقت حتى 24 مارس/ آذار تقارير عن 22 حالة تخثر دموي وريدي دماغي وثماني حالات أخرى لجلطات مرتبطة بنقص الصفائح الدموية من إجمالي 18,1 مليون جرعة تم إعطاؤها. وأكد جون راين، مدير الوكالة، في بيان أرسل إلى وكالة "فرانس برس": "فحصنا المعمق لهذه التقارير مستمر".
وكانت هيئة تنظيم الأدوية البريطانية، قد أعلنت، أمس الجمعة، تسجيل ثلاثين حالة من حالات تخثر الدم النادرة في بريطانيا، بين أكثر من 18 مليون شخص تلقوا لقاح أسترازينيكا. وقالت هيئة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية: "إنّ فوائد التلقيح ضدّ كوفيد-19 ما زالت تفوق أي مخاطر"، وحثّت المواطنين على الاستمرار في أخذ اللقاح.
وفيما أشارت الهيئة إلى أنّ "خطر الإصابة بهذا النوع المحدد من الجلطات الدموية ضئيل للغاية"، أضافت في بيان، أنّ "عدد وطبيعة الآثار السلبية التي تمّ الإبلاغ عنها حتى الآن، ليسا غير مألوفين مقارنة بأنواع أخرى من اللقاحات المستخدمة بشكل روتيني".
لكن التقارير حول الجلطات يتزايد عددها بعدة بلدان مختلفة، وبالأخص في القارة الأوروبية، حيث يتم استخدام لقاح أسترازينيكا بشكل واسع. ودفع ذلك بعض البلدان إلى وقف هذا اللقاح بشكل كلي، فيما اختارت أخرى عدم تقديمه لبعض الفئات العمرية. وفي هذا الصدد أنجزت شبكة "سي إن إن" تقريراً مفصلا حول ما نعرفه حتى الآن حول لقاح أسترازينيكا.
البلدان التي سجلت إصابات
ذكر تقرير "سي إن إن" أن هولندا أعلنت الجمعة بأنها ستوقف تقديم اللقاح للأشخاص الذين يفوق سنهم 60 عاما كـ "إجراء احتياطي"، وذلك بعدما أعلنت هيئة الأدوية في البلاد تسجيل جلطات دموية في صفوف نساء تتراوح أعمارهن بين 25 و65 سنة. ولحدود أمس الجمعة أعطت هولندا 400 ألف جرعة تلقيح.
وسارت هولندا على خطى ألمانيا، التي أقرت الأمر نفسه بعد تقارير عن 31 حالة تجلط دموي. وأوردت وكالة "رويترز" عن هيئة الأدوية بألمانيا أن 29 من الحالات الـ31 المسجلة تهم نساء تتراوح أعمارهن بين 20 و63 سنة، وقد توفي 9 من المصابين.
ولحدود أمس تلقى 2.7 مليون من الألمان الجرعة الأولى من لقاح أسترازينيكا، وهو ما يعني أن الجلطات الدموية المسجلة تظل نسبيا جد ضئيلة، وفق "سي إن إن"، التي أضافت أن المضاعفات التي تم تسجيلها تمثل 1 من 100 ألف عملية تلقيح بأسترازينيكا، حسب وزارة الصحة الألمانية، التي لم تكشف عن طبيعة تلك المضاعفات أو درجة خطورتها.
وحتى حدود 30 مارس/ آذار، تم تسجيل ثلاث وفيات بالنرويج لدى الأشخاص الذين عانوا من جلطات دموية، إضافة لقلة الصفحات الدموية والنزيف الدموي، وذلك بعد مرور ثلاثة إلى 14 يوماً على تلقيهم اللقاح. وقد أعطت النرويج على الأقل جرعة واحدة من أسترازينيكا لأكثر من 134 ألف شخص.

وذكرت هيئة الأدوية في البلاد في بيان أنها تعتقد "بوجود رابط محتمل بين اللقاح والإصابات المسجلة، لكننا بحاجة للمزيد من الأبحاث لتوضيح العامل المسبب لذلك بدقة".
كما سجلت الدنمارك حالتي تجلط دم وتقلص عدد الصفائح الدموية بعد التلقيح، وكانت إحدى الحالتين مميتة.
كيف يمكن للعلماء تحديد إن كان هناك عامل؟
قال تقرير "سي إن إن" إن أحد المؤشرات التي ينبغي الانتباه إليها هو معدل الإصابة، مضيفا أن أسباب الجلطات الدموية شائعة لدرجة أن عدداً من الأشخاص قد يصابون بها جراء عوامل مختلفة في أي يوم من أيام السنة. وبالتالي فإن شخصا ما تلقى اللقاح وبعد ذلك أصيب بجلطة دموية، فإن ذلك لا يعني بالضرورة أن اللقاح تسبب بالجلطة.
وبعد التقارير الأولى التي تطرقت للجلطات الدموية الشهر الماضي، سارعت أسترازينيكا إلى الإشارة إلى أن معدل الإصابات بالجلطات لدى من تلقوا لقاحها يظل أقل بالمقارنة مع مجمل السكان، وذلك في البلدان التي تستخدم اللقاح.
ومن أجل الحصول على صورة أوضح، يقوم العلماء بإجراء أبحاث حول الجلطات الدموية التي تم تسجيلها، علماً أن الجلطات الدموية تظل نادرة ما يصعب تحديد إن كان هناك ارتفاع في معدل الإصابات.
وكانت الوكالة التنظيمية للأدوية ومنتجات الرعاية الصحية ببريطانيا قد قالت إن 15.8 مليون شخص قد تلقوا على الأقل جرعة واحدة من لقاح أسترازينيكا. وبعد تسجيل 30 حالة تجلط دموي في بريطانيا، فإن معدل الإصابة المحتمل بجلطات دموية هو 1.89 لدى مليون شخص.
إلى ذلك، أشار تقرير "سي إن إن" إلى أن العلماء وجدوا أنه من الأجدى التركيز على تحديد نوعية الجلطات الدموية، وتشير بعض الأدلة الحديثة إلى أن بعض حالات الإصابة بعد تلقي التلقيح تظهر لديها أعراض غير معتادة. وتتركز الأبحاث بخصوص المصابين بالجلطات الدموية حول ظهور أعراض لديهم ترتبط بتراجع عدد الصفحات الدموية التي تمنع في العادة تجلط الدم.
فوائد التلقيح تفوق أي مخاطر.. بأي درجة؟
أوضح تقرير "سي إن إن" أنه إذا تم النظر إلى فوائد التلقيح مقابل المخاطر المحتملة، سواء على المستوى العالمي، أو على مستوى الدول، فإن النتيجة تشير إلى أن فوائده تفوق أي مخاطر بشكل كبير جداً.
فمثلا عندما بدأت بريطانيا في تلقيح مواطنيها في 7 ديسمبر/ كانون الأول وحتى 21 مارس/ آذار، تم تسجيل 30 حالة من التجلطات الدموية النادرة، توفي 4 منها. وخلال الفترة نفسها، أصيب أكثر من 2.5 مليون شخص بفيروس كورونا، وتوفي منهم 63 ألفا و82 شخصا، وفق البيانات الحكومية.
هل الجلطات الدموية مميتة؟
أشارت "سي إن إن" إلى أنه بما أن حالات الإصابة بالجلطات الدموية جد ضئيلة، يظل من الصعب وضع أي خلاصات حول نسب الإماتة. ففي ألمانيا توفي 9 من 31 حالة ممن أصيبوا بالجلطات الدموية، وفي بريطانيا أربعة.

وفي الصدد، قال مجموعة من الخبراء في التجلطات الدموية يقومون ببحث الروابط المحتملة بين اللقاح وحالات الوفيات التسع المسجلة بألمانيا إن وجود التجلطات مع تراجع عدد الصفحات الدموية لدى المصابين يتشابه مع حالة اختلال دموي معروفة تدعى "الجلطات الدموية التي يتسبب بها دواء الهيبارين". وأوضح الخبراء أن هذه الحالة يمكن علاجها إذا تم تحديدها في وقت مبكر.
وتظهر هذه الحالة كرد فعل جانبي على وجود الهيبارين، وهو دواء لتخثر الدم يوصف لعلاج الجلطات الدموية. ودعت مجموعة الخبراء مهنيي الطب إلى التوقف عن استخدام الهيبارين لدى الأشخاص الذين تظهر عليهم الإصابة بالجلطات الدموية إذا كانوا قد تلقوا لقاج أسترازينيكا، بما أنه يجعل حالتهم تسوء أكثر.

المساهمون