ليبيا: ملف خطف الناشطين مغيّب

21 مارس 2021
عمليات خطف واسعة شهدتها ليبيا منذ عام 2011 (عبد الله دوما/ فرانس برس)
+ الخط -

الخطف في ليبيا الذي يصفه كثير من المراقبين بالملف المنسي، بسبب غياب القانون والفلتان الأمني المتزايد، ينتظر جهوداً مضاعفة من سلطات ليبيا الجديدة، وسط تجدد مطالب الحقوقيين والناشطين بالكشف عن مصير زملائهم، تحديداً، على الرغم من اقتراح بعضهم معالجة المسألة الأمنية كمقدمة لحلحلة الملف الشائك.
وما زالت عشرات الملفات تقبع في أدراج الجهات الضبطية والأمنية معنونة بعبارة "يُحفظ" على حدّ تأكيد نعيم معيوش، الناشط الحقوقي، مشيراً إلى أنّ ملف الناشطين يستخدم في الوقت نفسه، بشكل عام، من دون تفاصيل عن نتائج التحقيق فيه لأغراض سياسية يؤكد من خلالها قادة البلاد في المحافل المتصلة بحقوق الإنسان الدولية، سعيهم لمعالجته.

ويمتنع معظم الناشطين الذين أطلق سراحهم بعد خطفهم من جهات مجهولة عن الحديث حول تفاصيل ما شاهدوه أو لاحقوه، وأسباب خطفهم، ويكتفي أغلبهم بالغياب عن ميدان النشاط قبل أن يطوي الزمن صفحة الأنباء التي رافقت أحداث خطفهم، كما يقول معيوش لــ"العربي الجديد". ويضيف: "قبل أيام، خُطف محمد الراجحي، وهو عضو لجنة حقوقية أهلية وأطلق سراحه بعد أيام من دون أن يعرف أيّ شيء عن تفاصيل خطفه والجهة التي تقف وراء انتهاك حقوقه في النشاط والتعبير والعمل" مشيراً إلى أنّ خطف الراجحي تزامن مع خطف الناشط الإعلامي زياد الورفلي. واختفى الورفلي لعدة أيام قبل أن يعلن عن إطلاق سراحه، وسط تكهنات وسائل إعلام بعلاقة خطفه بمشاركته في مؤتمر صحافي لرئيس الحكومة الجديدة، عندما وجه له سؤالاً عن مصير نجل الزعيم الراحل، معمر القذافي، هنيبعل الذي ما زال مغيباً في السجون اللبنانية. ويلفت معيوش إلى حالة، يصفها بـ"الغريبة" في ملف الخطف تتعلق بخطف مجموعة مسلحة طبيباً متطوعاً ضمن حملة ناشطين لمجابهة انتشار فيروس كورونا الجديد، بمدينة سبها جنوبي البلاد، الشهر الماضي، من دون أن تعلن الجهات الأمنية نتائج التحقيق في حادثة اختفائه. يضيف: "في سبتمبر/ أيلول الماضي، أيضاً، خُطف الطبيب عبد المنعم الغدامسي، من منزله في طرابلس، وتزامن ذلك مع خطف الناشط ربيع العربي في مدينة بنغازي بسبب مشاركته في احتجاجات على الفساد والمفسدين في حكومات ليبيا"، ويؤكد أنّ كلّ هذه الحالات تنتهي إما باختفاء كلي أو بإطلاق سراح المخطوف من دون الإعلان عن نتائج التحقيق.
وعلى مدار السنوات الماضية، أعلنت الجهات الأمنية التابعة لحكومات ليبيا بدء التحقيق في قضايا اغتيال عدد من الناشطين، لكنّها لم تعلن عن نتائجها حتى الساعة، ومنها اغتيال الناشطة الحقوقية، حنان البرعصي، في بنغازي، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، برصاص مسلحين ملثمين في وضح النهار، والناشطة المدنية انتصار الحصائري في طرابلس، في فبراير/ شباط 2015، وقبلها الناشطة الحقوقية سلوى أبوقعيقيص، في يونيو/ حزيران 2014، وقبلها بشهر من ذلك العام عثر على جثة الصحافية نصيب كرفانة، في سبها، جنوبي البلاد، مذبوحة من الوريد إلى الوريد، رفقة خطيبها.
وعلى الرغم من استمرار ملف خطف ستة أطباء متطوعين، في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، وهم في طريقهم من طرابلس إلى غدامس، ضمن حملة تطوعية، بحسب الناشطة الحقوقية بدرية الحاسي، فإنّ قضايا أخرى لم تخضع للتحقيق مطلقاً كقضية خطف مؤسس حراك "صوت الشعب" محمد البوعة، ورفيقه، سالم قدمور، في أكتوبر/ تشرين الأول 2019 أيضاً.
ومن أبرز الناشطين المغيبين حالياً عبد المعز بانون، منذ يوليو/ تموز 2014، إذ لم تعلن أيّ جهة حكومية عن فتح تحقيق للكشف عن مصيره، وفق الحاسي. تتابع لـ"العربي الجديد" أنّ تعهد رئيس المجلس الرئاسي الجديد، محمد المنفي، بأولوية ملف "المصالحة الوطنية" سيتصدره ملف المخطوفين، والكشف عن مصير المغيبين منهم حتى الآن. وتتساءل الحاسي عن "جدوى المصالحة الوطنية فيما المئات بين مفقود ومقتول، وكثير من الأسر لا تقبل بمبدأ جبر الضرر قبل الكشف عن مصير أبنائها المغيبين قسراً". وتشير إلى أنّ عدداً من الناشطين والجهات الحقوقية تطالب بالانضمام إلى لجنة تقصي الحقائق التي أرسلها مجلس حقوق الإنسان الأممي إلى ليبيا.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وترى الناشطة الحقوقية أنّ العمل مع جهة دولية قد يمكّن الناشطين من الإدلاء بتصريحاتهم وتقديم حقائق وأدلة في هامش من الحرية والأمان، وتضيف: "يخشى خفافيش الظلام، أي المسلحون الذين تقف وراءهم جهات مسؤولة، من الانكشاف أمام الجهات الدولية، ولذلك، قد يوفر التعامل مع لجنة تقصي الحقائق نوعاً من ضمان أرواح الناشطين".
وحثت اللجنة الدولية للحقوقيين بعثة تقصي الحقائق الأممية على إشراك الناشطين الليبيين في أعمالها، مشيرة إلى أنّه لا يمكن تحقيق العدالة والمحاسبة في ليبيا من دون مشاركتهم.

المساهمون