ليبيا: مراكز التقوية جزء من التعليم

20 أكتوبر 2021
مراكز التقوية باتت جزءاً من التعليم الليبي (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

تشهد مراكز تقوية القدرات الدراسية للطلاب إقبالاً كبيراً في ليبيا، في ظل حال الإرباك في عملية التعليم الحكومية التي كررت، خلال أعوام الحرب الأهلية والأشهر الأخيرة المرتبطة بتفشي جائجة كورونا، ظاهرة إنهاء العام الدراسي من دون أن يستكمل الطلاب المناهج المقررة.
ويلجأ هؤلاء إلى مراكز التقوية لتعويض ما فاتهم من حصص والاستعداد للعام الدراسي التالي، وهو ما تفعله منذ ثلاث سنوات الطالبة من طرابلس في المرحلة الإعدادية صالحة فليليح، التي تعتبر مراكز التقوية جزءاً من عملية التعليم في البلاد. 
وفي إبريل/ نيسان الماضي، أعلنت وزارة التعليم في حكومة الوحدة الوطنية خطة حددت نهاية العام الدراسي للمرحلة الأساسية في مطلع أغسطس/ آب الماضي، ونهاية المرحلة الإعدادية في الأسبوع الثاني من أغسطس/ آب أيضاً، والمرحلة الثانوية مطلع سبتمبر/ أيلول الماضي. لكنها عدلت هذه المواعيد في منتصف يونيو/ حزيران عبر تقديمها شهراً واحداً بالنسبة للمرحلتين الابتدائية والإعدادية إلى يوليو/ تموز الماضي، وكذلك للمرحلة الثانوية إلى أغسطس/ آب، ما أربك المعلمين والمدارس. 
تقول مديرة مدرسة عين زاره للتعليم الأساسي الحكومية سارة الشفتري لـ"العربي الجديد": "اضطرتنا القرارات المفاجئة إلى مضاعفة الجهود وتسريع منح الحصص في شكل غير لائق تعليمياً من أجل إكمال المناهج، وذلك بسبب فوضى القرارات الحكومية غير المدروسة". 
وتابعت: "أرادت الوزارة عبر تقديم مواعيد إنهاء العام الدراسي بالنسبة لكل الصفوف التمهيد لإطلاق العام الدراسي الجديد في موعد متقدم في سبيل تجنب تأخير إطلاق الدراسة، كما حصل في السنوات الماضية. لكن القرار كان سيئاً، ولم يخضع لدراسة جيدة لوضع المناهج، تمهيداً لإعادة مواعيد بدء وإنهاء العام الدراسي تدريجاً الى وضعها الطبيعي". 

وفيما تقرّ الشفتري بحاجة الطلاب الى دورات تقوية كي يستدركوا ما فاتهم، أكدت فليليح في حديثها لـ"العربي الجديد" أنها مضطرة إلى اللجوء إلى المدارس الخاصة لتعويض ما فاتها "ما يجعلني أنفق أكثر من طلاب المدارس الخاصة، وأضطر أحياناً إلى التنقل بين أكثر من مركز للبحث عن الأفضل". 
وتحاول فليليح مع ثلاثة من زميلاتها يدرسن في المدرسة ذاتها اللحاق بحصص أكثر من ثلث المنهج الدراسي للسنة الثانية من المرحلة الإعدادية. وتقول: "نحن الآن على أعتاب العام الدراسي الجديد، وسنبدأ بعد شهرين في أفضل الأحوال عاماً دراسياً جديداً، لذا قررت وزارة التعليم إجراء الامتحانات الخاصة بكل المنهج، رغم أن جميع مسؤوليها يعلمون أن المدارس لم تكمله". 

بعض التلاميذ لم يكملوا نصف المناهج في العام الأخير (حازم بدر/ فرانس برس)
بعض التلاميذ لم يكملوا نصف المناهج في العام الأخير (حازم بدر/ فرانس برس)

وتدأب المدارس الخاصة على إطلاق دورات التقوية خلال فترات الإجازة الصيفية. ويؤكد مدير مركز "المتوفق للدورات التخصصية" الخاص محمد عامر أن عدد المراكز يتجاوز 300 في العاصمة طرابلس وحدها، ويستقبل كل منها أسبوعياً 180 طالباً على الأقل، خصوصاً أولئك في المراحل الإعدادية والثانوية الذين يستعدون لتقديم الامتحانات النهائية. ويقول عامر لـ"العربي الجديد": "لم يدرس بعض التلاميذ نصف المنهج الدراسي، خصوصاً العام الماضي الذي شهد تعليق وزارة التعليم الدروس لأسباب عدة بسبب ارتفاع الإصابات بوباء كورونا الذي أفضى إلى سلسلة إغلاقات، وارتفاع درجات الحرارة نهاية العام الدراسي، ثم ترك السلطات صلاحية اتخاذ القرار في شأن وقف الدراسة أو عدمها لمكاتب التعليم في البلديات، ما أربك عملية التعليم".

وتنتقد الشفتري وضع مؤسسات التعليم في ليبيا التي تصفها بأنها "منهارة"، وتسأل: "هل لدى كل الأسر الليبية قدرة مادية على إلحاق أولادها بمراكز خاصة للتقوية، وتعويض ما فاتهم من المقرر الدراسي؟ هذا أمر مستحيل، ويعني أن نسبة كبيرة من الطلاب سيلتحقون بالعام الدراسي التالي من دون أي أساس لفهم المنهج الدراسي الجديد المخصص لهم". 
وتابعت: "تأسس القطاع الخاص لتحقيق أرباح مادية، ولا تضم غالبية مراكزه مقومات توفير تعليم راقٍ، وبينها أماكن الدراسة، إذ يوجد القسم الأكبر منها في بيوت سكنية مستأجرة، كما تفتقر كوادره إلى معلمين ذوي كفاءات عالية وخبرات كبيرة في مجال تعويض النواقص في الحصص، ما يجعلهم غير قادرين على تأدية أدوراهم في شكل مثالي، في وقت يحاولون لفت الأنظار إلى قيمتهم في مجال التعليم عبر تنظيم احتجاجات ضد ما يعتبرونه قرارات عشوائية، يطالبون بوقفها تمهيداً لممارسة عملية تعليم سلسلة وصحيحة".

المساهمون