ازدادت المخاوف من إمكانيّة ارتفاع أعداد المهاجرين السريّين عن طريق البحر، بهدف الوصول إلى الشواطئ الأوروبية، بعد حملات اعتقال واسعة شنّتها السلطات الليبية، وفرار جماعي للمهاجرين من أحد مقرات الاحتجاز في العاصمة طرابلس خلال الأسابيع الماضية.
وأخيراً، أعلن حرس السواحل الليبي عن إنقاذ أكثر من 305 مهاجرين من جنسيات أفريقية مختلفة، كانوا على متن ثلاثة قوارب في عرض البحر. وأعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن غرق 15 مهاجراً خلال عملية الإنقاذ ذاتها بسبب تحطم قاربين من أصل ثلاثة.
من جهته، يعرب الضابط في خفر السواحل الليبي محسن الدرباك عن مخاوفه من إمكانية استغلال المهربين للظروف التي يعيشها المهاجرون، وخصوصاً الفارين منهم من مركز إيواء غوط الشعال، إذ لن تعود غالبيتهم إليه. ففي الأسبوع الأول من الشهر الماضي، فرّ مئات المهاجرين من مركز إيواء غوط الشغال وسط العاصمة طرابلس، مستغلين ضعف حراسة بوابة المركز، كما يقول أحد ضباط الغرفة الأمنية في جنزور سفيان عكاشة، لـ "العربي الجديد"، لكنه يؤكّد أن الفرق الأمنية تمكّنت من تطويق الفارين ونقلهم إلى مقرات أخرى لإيواء المهاجرين.
وأقرّ عضو المجلس الرئاسي موسى الكوني، خلال مؤتمر صحافي، باستمرار فرار نحو ثلاثة آلاف مهاجر، مشيراً إلى أن السلطات الليبية أعطت الحق للمهاجرين العائدين إلى مراكز الإيواء بالإقامة في طرابلس وممارسة بعض المهن، أو العودة إلى بلدانهم.
وسبقت حادثة الفرار عملية أمنية واسعة نفذتها وزارة الداخلية في حي قرقارش، اقتحمت خلالها أوكاراً قالت إنها للخمور والمخدرات أقامها المهاجرون. وعلى الرغم من اتهامات منظمات دولية ومنها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين السلطات الليبية بالاعتداء على المهاجرين في قرقارش واعتقالهم واستخدام القوة المفرطة بحقهم، إلا أنها طالبت بضرورة التحقيق في الحادثة، بالإضافة إلى حادثة الفرار الجماعي من مركز إيواء غوط الشعال. لكنّ السلطات الليبية أكدت وقوع تجاوزات كبيرة من قبل المهاجرين، ومن بينها إقامة أوكار للخمور والدعارة.
ويلفت الدرباك في حديث لـ "العربي الجديد"، إلى أن تبادل التصريحات والمواقف بين السلطات الليبية والمنظمات الدولية غيّب جانباً مهماً في الأمر وهو إمكانية أن يقع المهاجرون فريسة سهلة للمهربين لتدفعهم مخاوفهم إلى الهرب عبر البحر.
ويؤكد الدرباك أن مؤشرات عدة تؤكد ذلك، منها تزايد أعداد المهاجرين عبر البحر. ويقول: "الأمر لا يقاس بعدد الذين عثر عليهم في عرض البحر وتم إنقاذهم بل هناك عشرات النقاط الأخرى التي فر عبرها المهاجرون باتجاه البحر".
وتصريح الدرباك يؤكده إعلان منظمة "سي ووتش"، الأسبوع الماضي، عن تمكنها من الحصول على إذن رسو من السلطات الإيطالية بميناء بوتسالو في جزيرة صقلية، أخيراً، بعد إنقاذ 400 مهاجر من عرض البحر بعد مغادرتهم الشواطئ الليبية.
ويلفت الدرباك إلى أنّ استمرار فرار 3000 مهاجر، بحسب الكوني، يزيد الخوف من استعانتهم بالمهربين للهجرة عبر البحر. ويرى أنّ تصريحات الكوني، التي تفيد بأن المهاجرين لم يعودوا محتجزين ولهم الحق في التنقل والعمل، جاءت في سياق الضغط على المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته حيال المهاجرين، مؤكداً أن من عاد إلى مراكز الاحتجاز لن يرجع إلى بلده.
ويبدو أن تلك الضغوط التي بدأت ليبيا في ممارستها دفعت بالمنظمات الدولية، وخصوصاً الأوروبية منها، للضغط من جهتها لإعادة الرحلات الجوية وإعادة المهاجرين إلى بلدانهم. وأعلنت المنظمة الدولية للهجرة أنها استأنفت رحلات الإجلاء الإنساني للمهاجرين في ليبيا بعد توقفها لأشهر عدة، لافتة إلى أنّ القرار جاء بعد حادثة الفرار الجماعي للمهاجرين من مركز إيواء طرابلس، والحملة الأمنية التي شنتها السلطات الليبية على حي قرقارش.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة، في بيان، إنّها أجلت 127 شخصاً من ليبيا إلى غامبيا، مشيرة إلى أن هذا العدد هو من أصل آلاف المهاجرين الذين ينتظرون العودة إلى وطنهم من خلال برنامج العودة الطوعية الذي تنظمه ليبيا بالتنسيق مع المنظمة.
وفي إطار المخاوف من تزايد المهاجرين بعد حادثة الفرار الجماعي من مركز إيواء غوط الشعال، تؤكد المنظمة الدولية للهجرة أن نحو 10 آلاف رجل وامرأة وطفل محتجزون في ظروف سيئة بمرافق الاحتجاز الرسمية في طرابلس.