ليبيا: جدل اختيار الموفدين للدراسة بالخارج

25 أكتوبر 2022
جامعات ليبيا متضررة بسبب الصراع (عبد الله دومة/ فرانس برس)
+ الخط -

أنهت حكومة الوحدة الوطنية جدلاً محتدماً في ليبيا بشأن إيفاد عدد من أبناء الشهداء والجرحى للدراسة بالخارج، بعد أن ألغت قراراً صادراً عن وزارة التعليم بإيفاد 650 منهم. 
نقل قرار الحكومة صلاحية الإيفاد للدراسة بالخارج إلى مجلس الوزراء بدلاً من وزارة التعليم، على خلفية اتهامات لوزير التعليم العالي، عمران القيب، باعتماد المحسوبية في اختيار الموفدين الذين ضمهم القرار، وتسرب نص القرار إلى مواقع التواصل الاجتماعي بعد أيام من صدوره، وخلف جدلاً واسعاً بعد اكتشاف أن عدداً كبيراً من الموفدين من أسرة واحدة، إضافة إلى كون أغلب الموفدين ينتمون إلى المنطقة التي ينحدر منها الوزير. 
ودافعت الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء والمفقودين والمبتورين (حكومية) عن قرار الإيفاد، وعبرت عن استغرابها من الجدل الدائر، قائلة إنها لاحظت الكثير من اللغط والتأويل على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن ارتكاب وزارة التعليم العالي مخالفات وتجاوزات، وأن ذلك "على عكس الحقيقة"، مضيفة أن القرار صدر "وفق صحيح القانون"، وبررت كون كثيرين من أسرة واحدة بأن لوائح الإيفاد تنص على أنه "بحق لكل من يستكمل متطلبات الدراسة الاستفادة منها، ولا يوجد نص يمنع استفادة أكثر من فرد من أسرة الشهيد بهذه المزايا". 
بدوره، دافع وزير التعليم العالي عن موقفه، مؤكداً أن وزارته لم تقم بإضافة أسماء على قائمة الإيفاد، وأنه نبّه هيئة الشهداء إلى أنّ القائمة فيها أسماء من عائلة واحدة، وأضاف القيب، في تصريح صحافي، أن الهيئة ردّت على ملاحظاته بشأن القوائم بأن قانون أسر الشهداء والجرحى والمفقودين الصادر عن مجلس النواب في عام 2018 يعطي الأولوية لأسر الشهداء بالدراسة في الخارج من دون تحديد عدد الأشخاص، وأنه نفذ القرار بناء على مراسلة الهيئة. 

كثير من طلاب ليبيا محرومون من الإيفاد (عبد الله دومة/فرانس برس)
كثير من طلاب ليبيا محرومون من الإيفاد (عبد الله دومة/ فرانس برس)

وفي خضم الجدل، تساءل صلاح الأزهري، وهو شقيق أحد الشهداء وابن عم شهيد آخر في انتفاضة فبراير/ شباط 2011: "حقنا في الدراسة سيتم هضمه أيضاً بعد أن هضمت حقوق أخرى، فأسرة أخي لم تتقاض أية تعويضات منذ وفاته، وكذلك أسرة ابن عمي، على الأقل يتمكن أولاد الشهيدين من الحصول على فرصة للدراسة بالخارج". 
ويضيف الأزهري لـ"العربي الجديد" أن "أسرتي شقيقي وابن عمي لم يدخل أي من أولادهم في قائمة الموفدين، ونحن نطالب بحق أسر الشهداء في الدراسة منذ أكثر من عشرة أعوام، وكان يتم إيفاد المئات سنوياً من دون النظر في أهليتهم، ومن بينهم أبناء عمومة في القرار الواحد، ولم نسمع من يعترض على هذه القرارات". 
وتلفت نور الهدى باكير، وهي خريجة جامعية، إلى أن "قرار وزارة التعليم لم يشمل توضيحاً لمعايير اختيار الموفدين من أسر الشهداء"، مضيفة لـ"العربي الجديد" أن "القوائم لم توضح مؤهلات الموفدين، ولا معدلاتهم الدراسية ليتم إرسالهم للدراسة بجامعات في الخارج، بينما أنا وغيري تنتظر ملفاتنا في أدراج الحفظ لدى السلطات منذ عام 2014، مع أن القوانين تعطينا الأولوية كوننا من المتفوقين الذين يستحقون إيفادهم إلى الخارج". 
وتعبر باكير عن أسفها حيال سياسات التعليم في بلادها، قائلة: "تؤكد الوزارة في تصريحات مسؤوليها المتعاقبين على وجود خطط لرفع المستوى، من بينها الإيفاد للخارج، بهدف عودة الموفدين بكفاءة أعلى، لكننا لا نرى إلا المحسوبية والوساطة كمعيار للإيفاد". 

طلاب وشباب
التحديثات الحية

وانتقد العديد من النشطاء طريقة اختيار الموفدين من قبل هيئة الشهداء، وقال الناشط المدني رمزي المقرحي إن "الهيئة قامت سابقاً بإضافة أسماء لقتلى في الحروب التي لا تحمل معاني الشهادة في سبيل مبادئ الثورة، وإنما هي حروب على علاقة بالصراع السياسي"، مضيفاً لـ"العربي الجديد" أنه "حتى الحروب القريبة زمنياً يتم إدراج قتلاها في منظومة الشهداء، من دون أي معايير أو ضوابط، وأعتقد أن هذا كان سبباً من أسباب الجدل الحاصل. تصور أن أبناء قتيلين كانا في جبهتين تقاتل كل منهما الأخرى، يتم إدراجهم في قوائم الشهداء، ويوفدون للدراسة بالخارج، فأي معنى للشهادة هنا؟".
ويرد الأزهري بالقول: "هذه ليست مشكلة أسر الشهداء، بل مشكلة الحكومات، ويمكنها أن تقتصر على شهداء الثورة فقط، أو تجري تصفية عبر آليات معينة، لكن أن يتم وضع الجميع في سلة واحدة فهذا ظلم يضاف إلى مظالم وقعت على أسر الشهداء طيلة عقد من الزمن".
ويرى المقرحي أن المبدأ الذي انطلقت منه رؤية إيفاد أبناء أسر الشهداء للدراسة قد يكون جيداً، خصوصاً أن أبناء بعض الشهداء بالفعل حملوا السلاح، والإيفاد للدراسة بالخارج هو من باب إعادة التأهيل، "لكن لا يزال هذا المشروع بعيداً عن التطبيق في ظل الصراعات والفوضى الحالية التي تعيشها البلاد". 

المساهمون