تقلص نشاط مهربي المهاجرين السريين عبر سواحل ليبيا بعد حملات أمنية واسعة نفذتها السلطات في مناطق غرب البلاد وشرقها، في حين أعربت البعثة الأممية عن قلها إزاء ما وصفته بـ"الاعتقال التعسفي الجماعي للمهاجرين"، ودعت في بيان، إلى وقف إجراءات الاعتقال الجماعي، ومعاملة المهاجرين بكرامة وإنسانية.
وأوضحت البعثة الأممية أنه تم اعتقال آلاف الرجال والنساء والأطفال من الشوارع، ومن منازل في مداهمات لما توصف بأنها مخيمات ومستودعات، من دون أن تحدد أماكن الاعتقال، مشيرة إلى أن "من بين المهاجرين المعتقلين نساء وأطفال احتجزوا في ظروف غير صحية بأماكن مكتظة، كما أن بعض المهاجرين ممن دخلوا إلى ليبيا بشكل قانوني تعرضوا للطرد الجماعي من دون التدقيق في إجراءاتهم، وتزامن ذلك مع تصاعد مقلق لخطاب الكراهية العنصري ضد الأجانب"، مطالبة السلطات الليبية بمنح وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية حق الوصول من دون عوائق إلى المهاجرين المحتجزين.
وجاء البيان بالتزامن مع مواصلة حكومة الوحدة الوطنية قصف مواقع مهربي المهاجرين في مناطق غرب طرابلس بواسطة الطيران المسير، إضافة إلى حملات أمنية موسعة تنفذها مليشيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر في مناطق الشرق، اعتقلت خلالها المئات من المهاجرين، وأغلبهم يحملون الجنسية المصرية، ورحلت كثيرين منهم إلى بلادهم عبر الحدود البرية. وتناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع مقاطع فيديو تظهر مئات المهاجرين الذين تم ضبطهم في شرق ليبيا، وهم يسيرون في طوابير برفقة أفراد الأمن الليبي باتجاه الحدود مع مصر.
وخلال تواصله مع "العربي الجديد"، تحفظ ضابط أمن الجمارك في منطقة مساعد الحدودية مع مصر خالد الحبوني على التعليق على بيان البعثة الأممية، وما إذا كان البيان مرتبطاً بفيديوهات ترحيل المهاجرين، مؤكداً أن "إجراءات توقيف المهاجرين السريين وترحيلهم صحيحة"، من دون تقديم أي تفاصيل أخرى.
وبدأت عمليات استهداف أوكار التهريب في 26 مايو/ أيار الماضي، وأكدت الحكومة "تدمير 7 قوارب معدة للاتجار بالبشر، و6 مخازن أسلحة ومعدات لتجار المخدرات والعصابات الإجرامية، و9 صهاريج تُستخدم لتهريب الوقود"، وأن الضربات الجوية شملت خلال المرحلة الأولى عدة مواقع داخل مدينة الزاوية، وفي مدن صبراتة، وصرمان، والعجيلات، وبئر غنم، فيما لم تعلن نتائج المرحلة الثانية التي بدأت في 31 مايو الماضي، والتي شملت مواقع في مدينة زوارة الحدودية مع تونس.
ويؤكد الضابط في إدارة القوافل الصحراوية التابعة لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية نصر الشويطر، لـ"العربي الجديد"، أن "نشاط المهربين وحركة نقل المهاجرين تراجعا بشكل كبير، حتى أن وسائل الإعلام لم تعد تتناقل أخبار الغرقى أو ضبط قوارب المهاجرين في عرض البحر قبالة الساحل الليبي"، معتبراً أن بيان البعثة الأممية "غير منصف وغامض، وجاء بصيغة عامة من دون تحديد السلطات التي يعنيها، على الرغم من معرفة الأمم المتحدة بأن ما يحدث في شرق ليبيا منفصل عن عمليات القصف الجوي في الغرب، فكلا الطرفين يعمل بمعزل عن الآخر، والصيغ العمومية تضع الجهود في سلة واحدة، وخصوصاً أن وراء إحدى الحملتين دواع سياسية".
وعبرت منظمات حقوقية دولية عن قلقها إزاء استمرار عمليات ترحيل المئات من المهاجرين المصريين، من بينها "هيومن رايتس ووتش"، التي انتقدت عمليات الترحيل وطريقة تعامل مليشيا حفتر مع المهاجرين أثناء ترحيلهم.
وفي حين اتهم مجلس النواب والحكومة المنبثقة عنه حكومة الوحدة الوطنية باستغلال الحملة على المهربين وأوكار الجريمة لتصفية حسابات سياسية، يرى الناشط الحقوقي عقيلة الأطرش أن حملة مليشيا حفتر في شرق البلاد لها أسباب سياسية أيضاً، ويقول لـ"العربي الجديد": "قد تتعلق الحملة الأمنية بخلافات سياسية بين حفتر والقاهرة، فمن غير المنطقي أن يكون كل المهاجرين في شرق البلاد مصريين، كما قد تكون للحملة علاقة بمحاولة حفتر التماهي مع المطالب الإيطالية للحد من رحلات الهجرة التي نشطت أخيرا، وخصوصاً أنه كان في إيطاليا قبل أسابيع، وكان ملف الهجرة ضمن محاور لقاءاته في إطار سعيه لحشد دعم دولي".
وتابع الأطرش: "ملف المهاجرين في ليبيا لا ينفصل عن السياسة ودهاليزها، فما نشاهده في فيديوهات تهجير المصريين عبر الحدود لاإنساني، ووفق المعلومات الواردة، فإن مليشيا حفتر تواصل عمليات الاعتقال، والتي تستهدف بعض من دخلوا إلى البلاد بشكل رسمي، وتوجه للجميع تهمة محاولة المغادرة عبر شواطئ ليبيا باتجاه أوروبا من دون أي إثبات".
وفي ما يتعلق بالقصف الجوي في غرب البلاد، يحذر الناشط الحقوقي من إمكانية أن يعرض القصف المهاجرين لخطر الموت، ويضيف: "ما عرضته الحكومة هو إحصاء للمواقع المستهدفة، لكن ماذا عن إمكانية وجود مهاجرين داخلها، أو بالقرب منها، وهناك ضرورة لوجود رقابة دولية تصاحب إجراءات الترحيل، أو استهداف مواقع المهربين".
وفي مطلع الشهر الجاري، أعلنت قوات أمنية في طبرق إطلاق حملة ضد ما سمّته "عمليات التهريب التي تتم عبر الحدود الليبية المصرية"، وأعقبتها عملية تهدف إلى "محاربة الجريمة وفرض القانون"، تمت خلالها مداهمة العديد من أوكار المخدرات ومخازن تجميع المهاجرين في طبرق والمناطق المحيطة بها.