بدأت وزارة الصحّة في ليبيا إمداد مراكز العزل ومراكز إجراء فحوصات فيروس كورونا في مختلف مناطق البلاد بالأدوات والمواد الطبية اللازمة، وسط مخاوف كبيرة من تفشي الفيروس، وخصوصاً المتحوّر "دلتا" منه (المتحور الهندي)، وذلك بعد وصوله إلى دول الجوار. وقبل أيام، أصدرت الحكومة قرارين منفصلين لرفع الجهوزيّة لمواجهة تفشي "دلتا". ويُلزم القرار الأوّل المرافق الخاصة والعامة باتخاذ التدابير الوقائية لمواجهة الفيروس، كالتباعد الاجتماعي ووضع الكمامة وغسل اليدين. فيما فرض القرار الثاني على وزارة الصحة رفع الجهوزية في مراكز العزل وفرق الرصد والتقصي والاستجابة السريعة، وإجراء المزيد من الفحوصات وتحليل العينات للتأكّد من عدم انتشار "دلتا". وشدّدت القرارات الحكومية على الجهات ذات العلاقة ببذل جهودها لرفع مستوى الوعي المجتمعي عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والندوات وخطب الجمعة والمدارس وغيرها. في هذا الإطار، يؤكد مدير المركز الوطني لمكافحة الأمراض بدر الدين النجار أن "احتمال دخول المتحور الهندي إلى ليبيا كبير بعد تفشيه في دول الجوار، وتحديداً مصر وتونس".
ونشرت الحكومة الليبية عبر صفحتها الرسمية على "فيسبوك" قراراً يقضي "بإغلاق المقاهي وصالات المناسبات الاجتماعية لمدة أسبوعين، ومنع إقامة المآتم والأفراح واستخدام وسائل النقل الجماعي، والسماح للمطاعم بالعمل بنظام خدمة التوصيل". كما قررت الحكومة خفض عدد العاملين في مؤسسات الدولة والقطاع الخاص إلى 25 في المائة فقط، ولمدة أسبوعين قابلة للتمديد.
ويعرب النجار عن خوفه من احتمال تفشي المتحور الهندي بشكل كبير نظراً لسرعة انتشاره، مؤكداً أنّه قد يكون أقوى بكثير من المتحورات الأخرى. وعلى الرغم من إعلان الحكومة حالة الطوارئ ورفع الجهوزية تحسّباً لتفشي "دلتا"، فإنّ النجار يؤكّد أنّ "مراكز العزل في عدد من المناطق تعاني ضغطاً كبيراً بسبب زيادة أعداد الإصابات". وكان المركز الوطني لمكافحة الأمراض قد طالب فرق الرصد والتقصي والاستجابة السريعة بإرسال تقارير يومية وأسبوعية عن الوضع الوبائي، مشيراً إلى أن مراقبة الوضع قد تتطلب اتخاذ إجراءات إضافية، كإيقاف الرحلات الجوية وإغلاق المعابر الحدوية لفترة، "في حال خروج الوضع عن السيطرة".
ويتّفق عضو إدارة الرصد والتقصي طارق انبيه مع النجار، مشيراً إلى أن الخطورة تكمن في أن البلاد تفتقر إلى الأجهزة الخاصة بالكشف عن المتحوّر. ويؤكّد انبيه، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ وزارة الصحّة تعمل جاهدة على استيراد الأجهزة التي تساعدها في التعرف على "دلتا". ويسأل: "إذا كانت البلاد خالية من هذا النوع من الأجهزة، فكيف نقول إن الفيروس غير موجود في البلاد حتى الآن؟". ويلفت إلى تصريحات المسؤولين التي تفيد بأن البلاد تحتاج لأكثر من أسبوع للتأكد من وصول الفيروس "تعني أنهم ينتظرون وصول الأجهزة". وقبل أيام، أعلن المركز الوطني لمكافحة الأمراض عن فحصه 3974 عينة في مختلف مختبرات البلاد، موضحاً أن 1781 عينة جاءت موجبة، أي بنسبة 44.8 في المائة، وتعد هذه النسبة هي الأعلى منذ انتشار الوباء في ليبيا العام الماضي.
على المستوى الشعبي، لا يبدو أيوب أبو حليقة، الذي يعيش في طرابلس، مرتاحاً لكيفية متابعة الحكومة تفشي الوباء، وخصوصاً المتحوّر الهندي منه. يقول لـ"العربي الجديد" إن "قرارات الحكومة مثيرة للسخرية. فهل يكفي التشديد على غسل اليدين لمواجهة متحوّر فتاك؟". ويؤكّد أنّ القرارات الحكوميّة لا ترقى إلى مستوى مواجهة الفيروس، مطالباً بفرض إجراءات أكثر صرامة، كفرض حظر تجول جزئي ومنع السفر إلى الدول الموبوءة بالمتحور، قبل وقوع الكارثة.
من جهتها، أعلنت وزارة الصحة عن بدء السعي لتوفير كل الإمكانيات اللازمة لمواجهة خطر الفيروس بشكل عام، والمتحوّر الهندي بشكل خاص، مشيرة إلى تفعيلها مذكرة التفاهم مع وزارة الصحة المصرية لبدء إرسال شاحنات محملة بالأوكسجين.
وأكدت الوزارة تأمين الأوكسجين بشكل مستمر لتغطية القطاع الصحي من مستشفيات ومراكز عزل، مشيرة إلى أنها تعمل على استيراد كميات كافية من الأجهزة الخاصة بالكشف عن الفيروس. كما اعتبرت الوزارة أن تفعيل الاتفاق الصحي مع مصر سيكون خطوة من ضمن جملة من الخطوات لتطوير القطاع الصحي عملياً وتقنياً وفنياً على مستوى البلدين.