ليبيا: برنامج العودة الطوعية لا يحمي المهاجرين

18 ابريل 2022
ينتظر المهاجرون السريون إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية (الأناضول)
+ الخط -

 

يعدّ ملف المهاجرين السريين من الملفات الأساسية في ليبيا. وعلى الرغم من تراجع مظاهر الحرب وانخفاض مستوى التوتر الأمني، إلا أن موجات الهجرة ما زالت مستمرة، وتزدحم مقار إيواء المهاجرين بالآلاف الذين يعيشون ظروفاً سيئة. ومن بين الاقتراحات المطروحة لحل أزمة المهاجرين السريين في ليبيا برنامج العودة الطوعية للمهاجرين إلى بلدانهم. إلا أن عدد الذين يلتحقون به ما زال قليلاً بسبب عدم رغبة كثيرين في العودة إلى بلادهم. 

وأشار تقرير أعدّته المنظمة الدولية للهجرة مؤخراً إلى أنها ساعدت نحو 60 ألف مهاجر سري في ليبيا على العودة إلى بلادهم طواعية بطريقة آمنة. ونقلت عن مسؤوليها في ليبيا أنها ما زالت تقدم المساعدة لدعم برنامج العودة الطوعية الذي بدأته عام 2015، مؤكدة عزمها على زيادة هذا الدعم استناداً إلى تقارير تبعث على القلق إزاء الانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون السريون. ولم تسم المنظمة الدول التي ساعدت المهاجرين على العودة إليها، لكنّ الناشط الحقوقي الليبي رمزي المقرحي، يؤكد أنّها دول أفريقية باعتبار أنّ غالبية المهاجرين القادمين إلى ليبيا يتحدرون من دول أفريقية.

وتؤكد المنظمة الدولية للهجرة أنها تعمل على تأمين وصول المهاجرين إلى بلادهم بإنسانية وحمايتهم من الاستغلال، والعمل على إعادة دمجهم في مجتمعهم وممارسة حياتهم بشكل طبيعي. وتقول إن "نحو 47 في المائة من العائدين الذين تمت مساعدتهم كانوا في مراكز الاحتجاز، في وقت تعيش البقية في المدن". ويسأل المقرحي خلال حديثه لـ "العربي الجديد" عن "مصير بقية المهاجرين من هذه النسبة المعلنة"، لافتاً إلى أن "النسبة المتدنية تؤكّد فشلاً نسبياً لتحقيق أهداف برنامج العودة الطوعية".

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

ونهاية مارس/ آذار الماضي، أعلنت وزارة الخارجية السودانية عن بدء برنامج تسهيل العودة الطوعية للراغبين من أبناء الجالية السودانية من المهاجرين السريين، مشيرة إلى أن هذا البرنامج يجري بالتنسيق مع الجانب الليبي. وبحسب بيان الخارجية، اتفق القنصل العام للسودان في بنغازي عبد الله أبكر مع مسؤولين في المنظمة الدولية للهجرة على أن تستخرج القنصلية المستندات المطلوبة للسودانيين العائدين إلى بلادهم، مضيفة أنه تم الاتفاق على تسيير رحلات جوية من بنغازي إلى العاصمة السودانية الخرطوم من قبل المنظمة للمرحّلين والراغبين في العودة الطوعية.

ويرى المقرحي أن المصالح السياسية هي أحد أسباب أزمة المهاجرين السريين، مشيراً في الوقت نفسه إلى "التكاليف الكبيرة التي تدفعها الدول الأوروبية لإنقاذ المهاجرين في عرض البحر وإرجاعهم إلى ليبيا. كما أن دعم خفر السواحل الليبي كفيل بحل نسبة كبيرة من الأزمة في حال وجهت هذه التكاليف إلى خلق مشاريع تنموية من الدول المصدرة للمهاجرين". ويقول إن "غالبية الدول المعنية بأزمة المهاجرين تدرك أن الأسباب التي تدفع الأفارقة إلى الهجرة هي انعدام وسائل الحياة والأمن".

الصورة
يواجه المهاجرون السريون ظروف احتجاز قاسية (محمود تركية/ فرانس برس)
يواجه المهاجرون السريون ظروف احتجاز قاسية (محمود تركية/ فرانس برس)

وما زالت المنظمات الدولية والمواقع الإخبارية تنقل أخباراً عن غرق مهاجرين قبالة الشواطئ الليبية، على الرغم من التقارير التي تتحدث عن برامج للحد من المعاناة في ملف المهاجرين. ويرى المقرحي أن "برنامج الهجرة الطوعية يعدّ حلاً غير متكامل". ويسأل: "لماذا يعودون إلى بلدانهم التي هجروا منها بشكل غير قانوني بسبب انعدام مظاهر الحياة؟".

وأعلنت منظمة "أطباء بلاحدود" منتصف الأسبوع الماضي أن 96 مهاجراً سرياً لقوا حتفهم قبالة السواحل الليبية بسبب غرق قاربهم الذي يقل 100 مهاجر، مشيرة إلى أن غرق القارب جاء بعد أربعة أيام من مغادرته أحد مراكز تهريب المهاجرين على الشواطئ الليبية. وفي 30 مارس/ آذار الماضي، أعلن خفر السواحل الليبي إنقاذ 203 مهاجرين سريين شمال منطقة أبو كماش أقصى الغرب الليبي. ويقول ضباط في خفر السواحل إن "أفراد نقطة حرس سواحل مدينة الزاوية غرب طرابلس، تمكنوا خلال عمليتين من إنقاذ قاربين مطاطيين شمال منطقة أبو كماش البحرية، من دون أن يوضحوا وجود وفيات بين المهاجرين على متن القاربين".

وتطالب الحكومة الليبية في مناسبات عدة، المجتمع الدولي بضرورة العمل على إنهاء معاناة المهاجرين، مؤكدة أنّها ليست مسؤولة لوحدها عن هذا الملف كونها "دولة عبور"، بحسب بيان سابق لوزارة الخارجية الليبية. ويدعو "الجميع للتكاتف لمعالجة الأزمة من دول المصدر"، مقترحة جملة من الإجراءات، من بينها إحلال مشاريع تنموية في الدول المصدر للحد من تفكير مواطنيها في الهجرة بحثاً عن ظروف حياة أفضل.

وكانت السلطات الليبية قد أعلنت، منذ منتصف العام الماضي، دعم برنامج العودة الطوعية للمهاجرين بالتنسيق مع الأمم المتحدة، والبدء في ترحيل أعداد من المهاجرين المتواجدين في مراكز الإيواء إلى بلدانهم. ويعرب المجلس الرئاسي الليبي، في بعض المناسبات، عن خشيته من نية بعض الأطراف الدولية توطين المهاجرين السريين في ليبيا، مطالباً بضرورة تضافر جهود المجموعة الدولية لوضع الحلول الناجعة له، ومنها "نقل المعركة ضد تدفق الهجرة من البحر إلى الجنوب لتجنب المهاجر مخاطر الطريق، وقبل وصوله البحر".

المساهمون