ليبيا: انقطاع متجدد للتيار الكهربائي مع حلول الشتاء

05 ديسمبر 2020
احتجاجاً على انقطاع التيار الكهربائي أمام مقر حكومة الوفاق بطرابلس (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

زادت ساعات انقطاع التيار الكهربائي مجدداً في ليبيا، مع بداية فصل الشتاء، في الوقت الذي تستمر فيه مقاضاة مسؤولي الشركة العامة للكهرباء أمام المحاكم، بعدما ثار المواطنون ونظموا تظاهرات خلال الصيف الماضي

بدأت معاناة ليبيا مع سوء التغذية الكهربائية والخدمات المرتبطة بالكهرباء، قبل نحو سبعة أعوام. هذه الأعوام أرهقت المواطنين، ومنعت عنهم في كثير من الأحيان تلبية احتياجات أساسية، بسبب الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، وطول فترة الانقطاع اليومية. بعض المناطق الليبية تعيش في ظلام دامس لعدة أسابيع، حتى، وهو ما دفع مواطنيها للخروج في تظاهرات أكثر من مرة، في مدن عدة، من بينها العاصمة طرابلس، وبنغازي، في أواخر أغسطس/ آب الماضي. وفي مقابل الوعود الحكومية، أعقب التظاهرات، تحسن في خدمات الكهرباء، طوال أسابيع، لكنّ مواطنين من طرابلس أكدوا الانقطاع المتجدد للتيار، طوال خمس ساعات يومياً.

في هذا الإطار، تعرب منال عيسى، وهي من طرابلس، عن مخاوفها من عودة ظاهرة غياب الكهرباء مع اقتراب وقت الذروة الشتوية واحتياج أسرتها للتدفئة خصوصاً. تقول لـ"العربي الجديد" إنّ "الجديد في هذه الوعود هي أوامر الاعتقال، وحبس مسؤولي شركة الكهرباء، وهو ما بعث فينا شيئاً من الطمأنينة وقبول تلك الوعود بحذر" إذ تشعر أنّ تلك الوعود ستتبخر عما قريب. وتذكر منال أنّ الكهرباء تكون مستقرة في الأحوال الطبيعية لكن "ما إن تتساقط الأمطار أو يعلن عن موجة برد مقبلة، حتى نشهد الانقطاع في التيار مجدداً من دون مبرر".
في أعقاب تظاهرات المواطنين، في أغسطس/ آب الماضي، أعلن مكتب النائب العام في طرابلس، عن أوامر تقضي بمنع 17 مسؤولاً في الشركة العامة للكهرباء من السفر، واعتبارهم رهن التحقيق في قضايا تتعلق بالفساد وإساءة استخدام الوظيفة، بل أمر بضبط وإحضار أربعة منهم، من بينهم المدير العام للشركة، للتحقيق معهم على خلفية تقارير لديوان المحاسبة تؤكد أنّ أسباب انقطاع الكهرباء لساعات طويلة "إهمال متعمد" من مسؤولي الشركة لمحطات التوليد وخطوط نقل الكهرباء. وكان ديوان المحاسبة قد نشر تقريراً، في سبتمبر/ أيلول الماضي، حول فساد مسؤولي الشركة العامة للكهرباء يتضمن "إهمالاً متعمداً يرقى إلى جرائم جنائية"، مؤكداً أنّ أزمة الكهرباء وطرح الأحمال (التقنين الكهربائي بمعنى قطع التيار بدوافع اقتصادية) المتزايد في كلّ عام سببه "تسيّب قد يكون مقصوداً في إدارات الشركة المتعاقبة طوال الأعوام الماضية". وفي سلسلة إجراءات جديدة، أعلن مكتب النائب العام، عن إحالة مسؤولين آخرين بالشركة العامة للكهرباء على محكمة جنوبي طرابلس بتهمة "إساءة استعمال سلطات الوظيفة". لكنّها اجراءات غير كافية بحسب حمزة الكوني، المواطن من سبها، الذي يؤكد أنّه استعد للشتاء بصيانة مولد الكهرباء الخاص بمنزله. ويعلق: "أين نتائج التحقيقات فلا يبدو أنّها حقيقية خصوصاً أنّ انقطاع الكهرباء تجدد؟". ويطالب الكوني بخطوات عملية لتعزيز شبكة الكهرباء، ويقول لـ"العربي الجديد": "ما يفيدني وأسرتي استقرار الشبكة، أما المحاكمات فلن توفر لي الكهرباء". يضيف: "لا أثق في كلّ الوعود والقرارات المكررة منذ سنوات طويلة".
وتناقلت وسائل إعلام ليبية بشكل واسعة حادثة وفاة أسرة مكونة من تسعة أفراد في طرابلس، قبل أيام، بعد اختناقهم بدخان مولد كهرباء استخدموه بسبب انقطاع الكهرباء في أول أيام فصل الشتاء. وبينما أكد المستشار الإعلامي في وزارة الصحة لحكومة الوفاق، أمين الهاشمي، وفاة الأسرة بسبب الاختناق بأدخنة مولد كهربائي، أشار أيضاً إلى أنّ المنطقة التي تسكنها الأسرة تعاني من انقطاعات مستمرة في التيار الكهربائي.
في المقابل، لا تتوقف الصفحة الرسمية لشركة الكهرباء عن الإعلان عن توصيلات جديدة للشبكة وإدخال وحدات لمحطات التوليد الرئيسية استعداداً للذروة الشتوية، لكنّها في الوقت عينه، تعلن عن تعديات على خطوط النقل وسرقة آلاف الأمتار من أسلاك النحاس وأعمدة الكهرباء في ضواحي مناطق غربي البلاد. ويقول منصور الدروعي، الموظف بمحطة توليد الهضبة بطرابلس، إنّ "التعديات وسرقة آلاف الأمتار من الأسلاك، ستؤثر، لا شك، في فعالية شبكة الكهرباء، كما أنّ الأضرار في تزايد" مؤكداً أنّ جهود الصيانة ورفع كفاءة الشبكة لا تكفي من دون قوة تحمي الشركة وكوادرها. ويتحدث الدروعي لـ"العربي الجديد" أنّ أشهر الذروة سواء الصيفية أو الشتوية تشهد تزايداً في طلب الكهرباء يحتم تطبيق برامج طرح الأحمال وهو ما ترفضه مجموعات مسلحة تسيطر على بعض المناطق، ما يؤدي إلى قطع التيار أكثر في مناطق أخرى.

قضايا وناس
التحديثات الحية

من جهته، يؤكد سالم الأزهري، من حي خلة الفرجان، جنوبي طرابلس، أنّ مناطق جنوبي طرابلس التي كانت تشهد حرباً، ما تزال تعاني من غياب الكهرباء، موضحاً لـ"العربي الجديد" أنّه "في أفضل الأحوال نتحصل على خمس ساعات من الكهرباء يومياً، فيما عذر الشركة أنّ خطوط النقل متضررة، بعد مضي ستة أشهر على انتهاء الحرب".

المساهمون