ليبيا: التلوث يهدد الحياة البحرية

06 ابريل 2023
تلوث الشواطئ يقتل الأحياء البحرية (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

أعاد عثور صيّادين في شاطئ البريقة، شمال وسط ليبيا، على حوت "منك" نافق المخاوف حول زيادة منسوب التلوث في شواطئ البلاد، وتهديده للحياة البحرية، وخصوصاً الأنواع النادرة والمهددة بالانقراض. وأشارت جمعية العلوم والأحياء البحرية (أهلية)، في بيان، إلى إمكانية ارتباط أسباب نفوق الحوت بالتلوث البيئي، في حين ربط نشطاء بياناً أصدرته الشركة الليبية للأسمدة في البريقة، بشأن تسرب كميات من مادة الأمونيا إلى البحر في الفترة الأخيرة مع واقعة نفوق الحوت، مشيرين إلى إمكانية تسبب التسرب في نفوق الكثير من أنواع الحياة البحرية في المنطقة. وبينما اعتذرت الشركة الليبية للأسمدة عن التسرب الذي وقع باعتبار أنه مجرد خطأ، أشارت إلى أن "الفرق الفنية التابعة للشركة سارعت إلى معالجة الخلل خلال نصف ساعة من وقوع التسرب"، ووجهت تطمينات الى أهالي المنطقة بأن "الكميات التي تسربت من مادة الأمونيا قليلة، وضررها محدود لأن الأمونيا تكمن خطورتها في التعرض المباشر لها". 

قضايا وناس
التحديثات الحية

وليست تلك المرة الأولى التي يعثر فيها على حيتان نافقة على السواحل الليبية، ففي يونيو/ حزيران 2021 عثرت منظمة العلوم والأحياء البحرية على بقايا لعدد من حيتان "الزعنفي" في مناطق شرقي البلاد، ومن بينها سواحل مدينة بنغازي، وأرجعت المنظمة سبب نفوق تلك الحيتان إلى عوامل بيئية، موضحة أن فرقها لاحظت نفوق عدد من هذه الحيتان التي يبلغ طولها 27 متراً ووزنها نحو 75 طناً، بتأثير حالات من الجوع والتغيرات المناخية، وكذلك بسبب أنشطة بشرية ملوثة تعرضها لأذى كبير، يصل أحياناً إلى حد الموت. وقالت منصة "مدونون في علم الأحياء" الليبية إن هناك العديد من الأسباب التي ينتج عنها نفوق الحيتان، وآخرها حوت "المنك" الذي تم العثور عليه أخيراً على شاطئ البريقة، ومن بينها تشابك معدات الصيد، والضوضاء الناتجة عن حركة السفن، إضافة إلى التصادم مع السفن، وكذلك عوامل التغير المناخي، مشيرة إلى أنه أحد أنواع الحيتان النادرة، وأنه كاد ينقرض بسبب الصيد التجاري الجائر، وفي عام 1986، فرضت اللجنة الدولية لصيد الحيتان حظراً على صيده، وقد ساعد ذلك على زيادة أعداده، لكن لا يزال حوت المنك من الأنواع المعرضة لخطر الانقراض.

يواصل البشر تلويث الشواطئ (محمود تركية/فرانس برس)
يواصل البشر تلويث الشواطئ (محمود تركية/ فرانس برس)

ويرجّح عضو الجمعية الليبية للتنمية البيئية (محلية)، صبري الطالبي، أن يكون لتسرب الأمونيا علاقة بنفوق الحوت، لكنه يشير إلى أن الأسباب التي تتهدد الحياة البحرية عديدة، ويوضح لـ"العربي الجديد" أن "أزمات مكبات النفايات تتفاقم، وتحلل موادها يتسرب إلى البحر، وهناك طيور تعيش على الشواطئ باتت مهددة بسبب تلوث الأجواء". ويؤكد الطالبي أن "شواطئ البحار باتت وجهة للمصانع والمعامل للتخلص من نفاياتها الصلبة أو مراكمتها، حتى باتت أكواماً ظاهرة للعيان، ووجهنا العديد من المراسلات إلى الجهات المعنية بالبحر، لكن من دون أي رد، والمشكلة في تزايد"، معتبراً أن التقصير الحكومي في مراقبة الشواطئ يشكل عامل تشجيع للمصانع، وكذلك للمواطنين، لنقل نفاياتهم وتكديسها على الشواطئ، خصوصاً أن من يتحرك للدفاع عن البيئة هي جمعيات أهلية ونشطاء متطوعون لا يملكون قوة للردع وإنفاذ القانون.
ويوضح الطالبي أن ليبيا تضم أكثر من 450 نوعاً من أنواع الحياة البحرية التي ستختفي مع الوقت، إما بالموت أو الهجرة، مضيفاً "في العادة، ترصد وسائل الإعلام ما يتم العثور عليه على الشواطئ بسبب التلوث البشري والصناعي".

وكان قد أشار في وقت سابق إلى أن "تفعيل القوانين أهم من مبادرات تكاثر الأنواع المنقرضة من الكائنات البحرية، إذ لا فائدة لمكاثرة نوع حي نخشى انقراضه بينما أسباب الانقراض ما زالت قائمة".
وتُقلق المخاوف من ارتفاع منسوب التلوث المواطنين أيضاً، ففي سوق الحوت بمدينة طرابلس يلفت بائع الأسماك جمال العرادي إلى أن المواطنين عند ترددهم على السوق يبدون مخاوفهم من تسمم الأسماك، ويقول لـ "العربي الجديد" إنها "ظاهرة جديدة، فقد كانت الأسماك من أحب اللحوم بالنسبة للمواطنين، لكن بعد انتشار أخبار نفوق الأسماك والحيتان بأعداد كبيرة أصبح المواطن قلقاً، حتى إن بعض المواطنين يطرحون تساؤلات تتعلق بإمكانية تغذي الأسماك على جثث المهاجرين الغارقة". وفيما تضم الحكومة الليبية وزارات مختصة، من بينها وزارة البيئة ووزارة الثروة البحرية، إلا أنه لم يصدر عنهما طيلة السنوات الماضية أية مواقف أو برامج للحد من ارتفاع منسوب التلوث البحري، أو إنقاذ الحياة البحرية، وخصوصاً الأنواع النادرة والمهددة بالانقراض.

المساهمون