ليبيا: الأسر المنتجة تشكك في وعود الحكومة بدعمها

06 أكتوبر 2022
مشروع زيتون منزلي (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

تناقش السلطات الليبية حالياً استحداث هيئة رسمية تختص بشؤون "الأسر المنتجة"، وشهد اجتماع بين وزارتي الشؤون الاجتماعية والاقتصاد، التشديد على الأهمية البالغة لتشجيع هذه الأسر "باعتبارها موارد بشرية تسهم في تعزيز قيمة المنتجات المحلية".
وحسب بيان لوزارة الشؤون الاجتماعية، فقد ناقش الاجتماع "إمكانية إصدار تراخيص تتيح للأسر المنتجة العمل من منازلهم، وإمكانية تمويل مشروعات هذه الأسر، خصوصاً المشروعات الصغرى منها، من خلال التواصل مع المصارف، والاتفاق على معايير تضمن سلاسة تطبيق القرار، وصولاً إلى مرحلة التطبيق الفعلي". واعتبر البيان أن "دعم الأسر المنتجة يساهم في دعم الاقتصاد المحلي، ودعم هذه الأسر يساعد على خفض نسب البطالة".
في المقابل، أعربت وداد جمعة، من بنغازي، عن استيائها من محاولة تعويض السلطات فشلها بجهود الآخرين، وتساءلت: "ما قيمة الترخيص للأسر المنتجة لتعمل من منازلها، نحن بالفعل نعمل من المنازل، ولو كانت لدينا القدرة على فتح محال ما تأخرنا في فعل ذلك".
تعمل وداد رفقة صديقة لها تسكن معها في ذات البناية السكنية في صناعة إكسسوارات منزلية، وتقومان بتسويقها عبر صفحة خاصة بهما على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وتوضح أنها وصديقتها تمكنتا من تطوير الكثير من الإكسسوارات عبر إضافة لمسات محلية ذات بعد تاريخي ليبي، ما شكل تميزاً لهما في مجال الاكسسوار، ولفت لمنتجاتهما الأنظار، وكان سبباً في الإقبال الكبير.
وتؤكد وداد أن أسرتها وأسرة صديقتها باتوا شركاء في العمل بعد أن قررتا توسعته، وتقول: "هذا العمل يوفر مردودا ماديا مناسبا لأوضاعنا، وقد لجأنا إليه بسبب الظروف المعيشية الصعبة، وبعد الانتظار الطويل للحصول على عمل في القطاعات الحكومية بلا جدوى".

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

على غرار أسرة وداد، باتت أسرة مصباح السوكني، من الجفرة (وسط جنوب)، من الأسر المنتجة، وهي تشتهر بإنتاج مشتقات التمور، ويعبر مصباح عن رفضه لمحاولات استغلال السلطات لجهود الأسر المنتجة، واصفا التصريحات الحكومية في هذا الصدد بأنها "سلوك معتاد".
ويقول السوكني لـ"العربي الجديد"، إنها "تصريحات لذر الرماد في العيون، وسيقيمون معرضاً أو اثنين لعرض منتجاتنا، ثم تتبخر وعود الإقراض التي تهدف إلى دعمنا. هذه المشاريع اضطررنا إليها بعد فشل السلطات في توفير فرص الحياة الكريمة لنا". ويتابع: "مشاريعنا تحتاج إلى دعم مالي ورعاية حكومية بالفعل، لكننا كل يوم نسمع عن مشروع حكومي، ولا نرى شيئا على أرض الواقع، ولو كانت هناك رعاية، فمن يرضى أن يشتغل أطفاله ونساؤه في أعمال كلها كد وشقاء".
وانتشرت ظاهرة لجوء الأشخاص العاطلين عن العمل إلى الأعمال المنزلية الفردية خلال السنوات الأخيرة، والتي تتوسع في الغالب لتتحول إلى مشروعات أسرية، كحل بديل لمواجهة مصاعب الحياة، وغياب فرص العمل. حتى الأسر التي يعمل أفرادها في الوظائف العامة اضطروا إلى أعمال إضافية لمواجهة ارتفاع أسعار تكاليف المعيشة.

تحتاج المشروعات المنزلية إلى دعم حكومي (محمود تركية/ فرانس برس)
تحتاج المشروعات المنزلية إلى دعم حكومي (محمود تركية/ فرانس برس)

يستفيد أبوعجيلة الدوادي من العمل في مشاريع الزيتون الموسمية، موضحا أنها "توفر فرص عمل لأولادي، كما أن الزيت يعد من أساسيات البيت التي تعاني الأسر من أجل توفيرها، فأسعاره باهظة، والحصول عليه يؤرق الأسر".
وعلى عكس الآراء السابقة، يرحب الدوادي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، بمساعي وزارتي الشؤون الاجتماعية والاقتصاد، موضحاً أن سلعته ليست كالسلع الأخرى التي تُستهلك محلياً، وأن "الأسر التي تعمل في منتجات الزيتون تحتاج دعماً لتصدير ما تنتج، فالاستهلاك المحلي لا يكفي لتصريف ما ننتجه".
وتضم التشريعات الليبية بنوداً خاصة بالأسر المنتجة، لكن ضمن اهتمامها بأصحاب المعاشات الأساسية. وقررت الحكومة دعم صندوق الضمان الاجتماعي للأسر المنتجة "بما يكفل اعتمادهم على النفس في كسب العيش"، من دون تحديد كيفية الدعم.

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويعلق السوكني قائلاً: "الأسر المنتجة اضطرت إلى الأعمال المنزلية بسبب عدم قيام السلطات بتوفير موارد العيش الكريم، فكيف تزعم هذه السلطات نفسها قدرتها على دعمنا".
ونظمت السلطات في وقت سابق معرضين لمنتجات الأسر المنتجة، في عامي 2014 و2021، وشهدا إقبالاً كبيراً من الزوار. ويعلق السوكني، الذي شارك في أحد معارض إنتاج الزيتون، بالقول "لم تكن سوى احتفالية افتتاحية يحضر فيها المسؤولون بكثافة، ثم نترك في الغالب من دون أي اهتمام طيلة أيام المعرض، وأكثرنا يترك مكانه ويغادر. تلك المعارض تستقبل الزوار دون أي تفاعل من التجار أو الشركات الكبرى".

المساهمون