استمع إلى الملخص
- **إقبال المواطنين على المدارس الخاصة**: يلجأ المواطنون للمدارس الخاصة بسبب انهيار التعليم الحكومي، رغم الرسوم الباهظة والتساهل الكبير مع التلاميذ، مما زاد من الإقبال عليها.
- **جهود الرقابة والإصلاح**: قامت السلطات بحملات تفتيش واسعة وأوقفت مدارس خاصة عن العمل، لكن الخبراء يرون أن إصلاح القطاع الحكومي هو الحل الأمثل لدعم التعليم.
يُواجه قطاع التعليم الخاص في ليبيا مشاكل عدة، فمن جهة، تساهم المدارس الخاصة في تخفيف العبء عن تلك الحكومية، إلا أن السلطات لا تزال غير قادرة على ضبط مخالفاتها من جهة أخرى. إضافة إلى المشاكل الناتجة عن سوء الإدارة التعليمية منذ سنوات، تضررت العديد من المدارس الحكومية جراء القذائف الناتجة عن الحروب التي طاولت مختلف أنحاء البلاد، واتُّخذ من بعضها مقارّ ومراكز لإدارة العمليات العسكرية.
في هذا السياق، كانت المدارس الخاصة ملجأ للمواطنين، وشجع الإقبال عليها المستثمرين على إنشائها. في المقابل، لم تعد السلطات قادرة على ممارسة الرقابة وضبط العملية التعليمي بسبب الانقسام الحكومي، ما من حصر واضح لأعداد المدارس الخاصة في طرفي البلاد.
يقول المدرّس المتقاعد عبد الله البرني، والذي علّم في القطاعين العام والخاص، إن أعداد المدارس الخاصة باتت تفوق تلك الحكومية، موضحاً أن "التوظيف الرسمي لا يزال يقتصر على القطاع الحكومي، وهو ما يعد أحد أسباب استمرار التعليم الحكومي". يضاف إلى ما سبق، عدم قدرة الكثير من الليبيين على دفع الرسوم الباهظة التي تفرضها المدارس الخاصة.
ولا ينحصر الإقبال على المدارس الخاصة في انهيار التعليم في القطاع الحكومي فحسب، فمن بين الأسباب، بحسب البرني، "التساهل الكبير في المدارس الخاصة مع التلاميذ. فنسب الرسوب في المدارس الخاصة تكاد تكون منعدمة. الهدف الأساسي لهذه المدارس هو الحفاظ على بقاء التلميذ سعياً للربح على حساب أخلاق المهنة التعليمية". وتتساهل السلطات في منح التراخيص، وسط محاولات لضبط أعمالها والتزامها بقوانين "التعليم الحر".
لم تعد السلطات الليبية قادرة على ضبط الممارسات التعليمية
وأنشأت سلطات حكومة مجلس النواب في بنغازي وحدات لمتابعة المدارس الخاصة، مستعينة بجهاز الحرس البلدي للتفتيش. ومؤخراً، نفذت وحدة متابعة المدارس الخاصة في جهاز الحرس البلدي في بنغازي حملة تفتيش واسعة في عدد من المدارس الخاصة في المدينة، بمشاركة جهاز الإصحاح البيئي وإدارة التعليم الخاص.
ووفقاً لإعلان الإدارة، رصدت العديد من المخالفات، من بينها عدم توفّر الشروط الصحية والقانونية المطلوبة في بعض المدارس، وسوء المقاعد الدراسية، وانتشار الرطوبة، وغياب النظافة. كما ضبط عدد من المدارس العاملة من دون ترخيص من إدارة التعليم الخاص، وهو ما تؤكده أسماء المهذبي، وهي أم لتلميذين في المرحلة الابتدائية. وتقول: "لم تجدد المدرسة ترخيصها وبالتالي لم يعترف بالتحصيل العلمي لولديّ. إلا أن إدارة المدرسة تعهدت بتسوية الأمر".
وتقول المهذبي، في حديثها لـ"العربي الجديد"، إن "هناك الكثير من المخالفات في المدارس الخاصة، علماً أن غالبيتها عبارة عن فلل وبيوت". كما تشير إلى أن "البيئة التعليمية غير مناسبة في غالبية المدارس الخاصة. بعض الصفوف كانت عبارة عن مطبخ على سبيل المثال، وهذا يبدو جلياً. كما أنها لا توازن بين حجم الصف وأعداد التلاميذ، علماً أنها يجب أن تحرص على راحة التلاميذ".
وقبل سنوات، أعلنت وزارة التعليم في حكومة الوفاق الوطني إيقاف 107 مدارس خاصة عن العمل، وأحالت مسؤوليها إلى التحقيق بسبب التلاعب في النتائج، وتقديم بيانات غير صحيحة للإدارة العامة للامتحانات. كما حذرت وزارة التعليم بحكومة الوحدة الوطنية المدارس الخاصة من عدم التقيد بشروط التعليم الخاص. واختارت وزارة التعليم بحكومة طرابلس 12 مدرسة وصفتها بالنموذجية، لتنفيذ خطتها بشأن اليوم الدراسي الكامل، بحسب منشور لها في إبريل/نيسان الماضي.
وإن يُثني البرني على خطوات وزارة التعليم الأخيرة في دعم القطاع الخاص، إلا أنه يرى أن إصلاح القطاع الحكومي "أجدى لدعم العملية التعليمية"، مضيفاً أن هذه المدارس تحتاج إلى إصلاح وصيانة وتحديث المناهج وتوفير المختبرات اللازمة والتقنيات الجديدة للتلميذ.
وتتفق المهذبي مع البرني، وتقول إنها "مستعدة لنقل أولادها إلى مدرسة حكومية في حال تطور أسلوب التعليم فيها وتم توظيف مدرسين أكفاء، وهذا ما سيفعله العديد من أولياء الأمور". وتلفت إلى تفاوت المستوى التعليمي في المدارس الخاصة، قائلة: "هناك مدارس الأثرياء وتعد رسومها السنوية باهظة، حيث كل شيء متوفر للتلميذ، وأخرى تعد خدماتها أقل جودة، بالإضافة إلى أداء المدرس والنظافة وغير ذلك. إلا أنها تناسب متوسطي الدخل. ويهدف أصحابها إلى الربح على حساب التلميذ وجودة التعليم".