لولا دا سيلفا يواجه تحديات إنقاذ الأمازون خلال رئاسته الثالثة للبرازيل

01 يناير 2023
17% المساحة التي استُغلت حتى الآن من غابات الأمازون (مايكل دانتاس/فرانس برس)
+ الخط -

تبنى الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، إثر فوزه في الانتخابات الرئاسية، سياسة بيئية وصفت بالمعجزة، ومن المقرر أن يسعى إلى ترجمة وعوده، عقب تسلمه اليوم للمرة الثالثة رئاسة البرازيل، بإنقاذ غابات الأمازون، إذ تصب أهمية إنقاذ هذه الغابات في إطار الجهود الدولية للحد من أزمة المناخ.

وخلال السنوات الماضية، فقدت غابات الأمازون المطيرة، التي تغطي مساحة مذهلة تبلغ 550 مليون هكتار، قدرتها على امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الهواء. وفقاً لنتائج دراسة، نشرها موقع ساينس الأميركي، على مدى العقدين الماضيين، حيث كانت الأشجار في منطقة الأمازون تنخفض بمعدل متزايد، ما جعل الغابة الضخمة مركزاً لثاني أكسيد الكربون، الذي تمتصه النباتات أثناء عملية التمثيل الضوئي، وهو ما قد تكون له تأثيرات سلبية على المناخ، ليس فقط في البرازيل بل على المستوى الدولي.

يحذر العلماء من تحول غابات الأمازون إلى غابات السافانا الجافة

ورغم ترحيب المجتمع الدولي بوصول لولا دا سيلفا، نظراً لدوره السابق في حماية غابات الأمازون، إلا أنّ المهمة الملقاة على عاتقه ليست سهلة على الإطلاق، لأسباب وعوامل عديدة، ومن أبرزها:

  • الأمازون... مصدر للتلوث

تحولت غابات الأمازون خلال حكم الرئيس السابق جايير بولسونارو إلى مصدر للتلوث. إذ تؤكد البيانات الواردة من وكالة الفضاء البرازيلية أنه خلال فترة بولسونارو، زادت نسبة إزالة الغابات بمعدل 59.5%، كما قام بالإشراف على غزوات عشرات الآلاف من عمال المناجم غير القانونيين في أراضي يانومامي وموندوروكو وكايابو وغيرها، ما أدى إلى انتشار العنف في تلك المناطق، وزاد من انتشار المرض وتدمير المناظر الطبيعية والتلوث بالزئبق في أعظم الممرات المائية في الأمازون، كما انخفضت الغرامات البيئية بنسبة 38%، بحسب ما تورده صحيفة ذا غارديان البريطانية.

  • دعم المجتمع الدولي للرئيس البرازيلي

 يحتاج لولا دا سيلفا إلى دعم المجتمع الدولي، وهو ما يسعى إليه العديد من الخبراء، سواء من خلال دعم الخطط أو الدعم المالي، لأنّ مواجهة التغير المناخي، ليست صفقة أحادية الجانب.

وقد أدرج خبراء، في ديسمبر/ كانون الأول 2022، وفقاً لوكالة رويترز، فكرة إصدار سندات حكومية برازيلية كبيرة الحجم بقيمة 10 مليارات دولار، والتي ستُصمّم خصيصاً للمساعدة في وقف تدمير غابات الأمازون المطيرة.

ومؤخراً، طلب لولا دا سيلفا من الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وسويسرا، وكندا الانضمام إلى صندوق حماية الأمازون الدولي، الذي أُنشئ خلال إدارته الأولى من 2003 إلى 2010، والتزم التزاماً صارماً بعدم إزالة الغابات بحلول عام 2030، ولذا، فإنّ الاستجابة لمطالب لولا دا سيلفا لإنقاذ الأمازون لم تُترجم فعلياً، ولا تزال في إطار التمنيات.

  • سيطرة بولسونارو على الكونغرس البرازيلي

تصطدم مهمة لولا دا سيلفا في إنقاذ الأمازون بسيطرة جماعة الرئيس السابق جايير بولسونارو على الكونغرس البرازيلي، وبالتالي على إمكانية رفض مشاريع قوانين يتقدم بها، إذ تعد الانقسامات داخل البرازيل أكثر صعوبة وخطورة في تنفيذ مهام الرئيس. يُظهر فوز لولا في الانتخابات بفارق 1.8 نقطة مئوية فقط الانقسام في الرأي الوطني. إذ يمكن أن يواصل الجناح اليميني (التابع للرئيس السابق) رفض مشاريع القوانين التي تهدف إلى حماية البيئة.

الصورة
الأمازون ونقطة اللاعودة
الأمازون ونقطة اللاعودة (فرانس برس)
  • الرفض الشعبي

توجد بعض أشد المعارضات شراسة في مدن الأمازون الواقعة على "قوس إزالة الغابات"، حيث قام قاطعو الأشجار ومربو الماشية بإغلاق الطرق. في رورايما على سبيل المثال، حيث يعتمد معظم السكان المحليين بشكل مباشر على الذهب ويعارضون التحركات الفيدرالية لإعادة الأرض إلى أصحابها الأصليين، من المرجح أن تشهد تلك المنطقة احتجاجات شعبية في الفترة المقبلة.

  • الأمازون قريبة من نقطة اللاعودة

يحذر العلماء من أنّ الأمازون قريبة من نقطة اللاعودة، حيث لن تتمكن الغابات المطيرة الرطبة والمتنوعة بيولوجياً من التعافي وتتحول بدلاً من ذلك إلى غابات السافانا الجافة. بحسب الخبراء، فقد تحدث هذه الكارثة عندما تكون نسبة إزالة الغابات الكلية من الأمازون بين 20 و25%، في حين تبلغ المساحة التي جرى استغلالها حتى الآن من الغابات ما يقارب 17%، بحسب "ذا غارديان". وبناء عليه، فإنّ هذه النقطة باتت قريبة.

أبرز خطوات إنقاذ الأمازون

وأمام التحديات التي يواجهها الرئيس البرازيلي، يتحتم عليه القيام ببعض الخطوات الإنقاذية، وقد تكون إحدى أبرز هذه الخطوات تتعلق بتنشيط صندوق الأمازون و مواجهة "تجار السوق"، على النحو التالي:

  • تنشيط صندوق الأمازون

وهو برنامج للحفاظ على البيئة كان محورياً للحد من إزالة الغابات، ولكن تم تجميده في عام 2019. ويمتلك الصندوق 600 مليون دولار يمكن استخدامها لتمويل وكالة حماية البيئة الرئيسية في البلاد، والمعهد البرازيلي للبيئة الطبيعية متجددة الموارد، ووكالات أخرى.

  • مواجهة "تجار السوق"

يشير تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية إلى أنّ الاتحاد الأوروبي قد يسعى مع دول أخرى إلى حث الشركات متعددة الجنسيات إلى تجنب شراء فول الصويا، ولحم البقر المنتج في المناطق التي أزيلت منها الغابات.

وبموجب لوائح يعمل عليها الاتحاد الأوروبي، فقد يجبر الشركات على إثبات أنّ سلعها لم تؤد إلى إزالة الغابات وتدهورها، وقد يتعين على لولا دا سيلفا أيضاً السعي مع الصين إلى وضع شروط محددة لشراء فول الصويا تحديداً. تعد الصين واحدة من أكبر مشتري فول الصويا ولحم البقر والجلود من البرازيل، ولم تسعَ إلى تقديم أي خطوات لدعم مشاريع الرئيس البرازيلي.

ولإنقاذ الغابة، يتحتم على لولا إقناع بكين بوضع مبادئ توجيهية، لضمان إمكانية تتبع المنتجات من موردي فول الصويا والماشية في البرازيل.

وقد تتصدر منطقة أماكرو كساحة حاسمة في مكافحة إزالة الغابات. تعرف هذه المنطقة، التي تبلغ مساحتها 180 ألف ميل مربع في شمال غرب البرازيل، بأهميتها في دورة التنمية الاقتصادية، فالمنطقة تعد مشروعاً مهماً لإنتاج فول الصويا ولحم البقر. وفق بيانات من معهد أبحاث الفضاء، فإنّ المنطقة شهدت أكبر عملية إزالة للغابات لتنفيذ هذه المشاريع، وقد تتعين على لولا دا سيلفا موازنة التنمية الاقتصادية للبرازيل، ومواجهة التغيرات المناخية.

المساهمون