لهذه الأسباب النساء أكثر عرضة للإصابة بتأثيرات كورونا الطويلة

14 يونيو 2021
النساء أكثر عرضة لهذه التأثيرات بسبب مناعتهن وبنية أجسادهن (Getty)
+ الخط -

على الرغم من أن معظم الدراسات العلمية وجدت أن الرجال كانوا أكثر عرضة للإصابة بكورونا مقارنة مع النساء، إلا أن تأثيرات الفيروس أو ما يطلق عليه "الآثار الطويلة" طاولت النساء بشكل أكبر.

وبحسب صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، فإن نسبة كبيرة من النساء، قد تصل إلى 60 في المئة، قد تعاني من تأثيرات فيروس كورونا طويلة الأمد.

في دراسة أولية فرنسية، تناولت سجلات المرضى بين مايو/ أيار ويوليو/ تموز 2020، تبين أن كل أربعة نساء يعانين من تأثيرات كورونا مقابل رجل واحد. هذه النتيجة لم تكن محصورة فقط بالعاصمة الفرنسية، فخلال الأشهر الاثني عشر الماضية، ومن خلال تتبع عدد المرضى ودراسة حالتهم في مستشفيات بنغلادش وروسيا، عن طريق تطبيق  Covid Symptom Tracke، كانت النتيجة شبه متطابقة. وكذا على مستوى المملكة المتحدة، فقد ظهر بشكل مطرد أن النساء الشابات كن الأكثر عرضة لتأثيرت الفيروس.

نتائج مثمرة

وجدت الدكتورة سارة جولي، التي تدير عيادة رعاية ما بعد كورونا في أورورا - في كولورادو - أن حوالي 60 في المئة من مرضاها كن من النساء، بحسب ما أدلت به لصحيفة "ذا أوبزرفر".

في السويد، يشكّ الباحث في معهد كارولينسكا الدكتور بيتر برودين، الذي يقود دراسات حول تأثير فيروس كورونا على المجتمع في الاتحاد العالمي لـ Covid Human Genetic Effort  - اتحاد دولي يهدف إلى اكتشاف الأسس الجينية والمناعة البشرية للأشكال السريرية المختلفة لعدوى SARS-CoV2 - في أن النسبة الإجمالية لمرضى كورونا ذات الأثر الطويل عند الإناث قد تكون فقط 60 في المئة، ويرى أن أنها قد تصل إلى 70 و80 في المئة.

الأمر نفسه أكدته الدكتورة ميليسيا هايتمان، التي تدير عيادة لرعاية الأشخاص بعد الإصابة بفيروس كورونا، إذ وبحسب البيانات المسجلة عندها، فإن 66 في المئة من مرضاها كن من النساء، كما تبين أن الكثيرات منهن عاملات بدوام كامل، ولديهن أطفال صغار.

تشير هايتمان في معرض حديثها لصحيفة "ذا غارديان" إلى أن هذه النتيجة ليست اتجاها جديدا عندما يتعلق الأمر بالأمراض المعدية، بل هو اتجاه تم إهماله تاريخياً. وتقول "من المعروف أن النساء أكثر عرضة للإصابة بتأثيرات الأمراض، بنسبة تصل إلى أربع مرات، خاصة في ما يتعلق بأمراض (التهاب الدماغ والنخاع العضلي، أو متلازمة التعب المزمن)، وهي حالة يُعتقد أن لها أصول معدية في غالبية الحالات". وتضيف "أن الدراسات أظهرت أيضاً أن أكثر المرضى الذين يعانون من مرض "لايم المزمن"- حالة مرضية ناجمة عن بكتيريا - هن أيضاً من النساء".

وتعقيباً على الإصابة بمرض "لايم"، يقول الدكتور رافائيل ستريكر، باحث في مركز سان فرانسيسكو: "هناك أدلة متزايدة على أن النساء يستجبن لهذا النوع من العدوى أكثر من الرجال".

وعلى الرغم من أهمية هذه الدراسات، فإن المجتمع العلمي لم يحاول البحث بشكل أوسع عن أسباب إصابة النساء بمعدلات أكبر من الرجال.

ترجع جولي نوسباوم، الأستاذة المساعدة في كلية الطب بجامعة نيويورك لونغ آيلاند، أسباب عدم البحث في تأثيرات الأمراض المناعية على النساء إلى نقص الأموال، وترى أن غياب التمويل الخاص شكل السبب الرئيسي في زيادة معاناة النساء مع الأمراض وتأثيراتها الطويلة.

ظهرت مشكلة التأثيرات الخاصة بالأمراض المناعية لدى النساء بشكل بارز العام الماضي مع انتشار فيروس كورونا. فهناك تقارير عن الكثيرات من المريضات اللواتي اشتكين من تجاهل أعراضهن ​​المستمرة أو نسبتها إلى القلق بدلاً من متابعة حالتهن الصحية بالشكل السليم.

تقول الدكتورة جانيت سكوت، أخصائية الأمراض المعدية في جامعة جلاسكو، "إنه لا تزال هناك مدرسة فكرية داخل المجتمع الأكاديمي ترى أن النساء، وبسبب خوفهن من الأمراض، يلجأن إلى الإبلاغ عن أي إصابة يتعرضن لها، ما يفسر السبب في زيادة عدد النساء المريضات أو المتأثرات بالأمراض أكثر من الرجال".

ووفق سكوت، فإن المجتمع عادة ما يرى النساء هستيريات اتجاه الأمراض، ويملن إلى الوهم والقلق عند تعرضهن لوعكة صحية، وهو ما دفعها وفريقاً من الخبراء إلى  كسر هذه النمطية الفكرية، والاتجاه إلى دراسة العوامل المختلفة التي تجعل النساء أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المعدية، ومنها فيروس كورونا.

فرضيات مختلفة

في كلية الطب بجامعة ييل بولاية كونيتيكت، أمضت عالمة المناعة البروفيسورة أكيكو إيواساكي العام الماضي في دراسة كيفية تفكيك الاختلافات بين استجابة الرجال والنساء لفيروس كورونا.

وكانت إحدى النتائج الأولية التي توصلت إليها هي أن الخلايا التائية - وهي مجموعة من الخلايا المهمة لجهاز المناعة والتي تبحث عن الخلايا المصابة بالفيروس وتدمرها - تكون أكثر نشاطًا لدى النساء من الرجال في المراحل المبكرة من الإصابة، ويُعتقد أن أحد مكونات هذا يرجع إلى علم الوراثة.

وتوصلت إيواساكي إلى نتيجة مفادها بأن النسختين المتشابهتين من الكروموسوم  xx قد تكون السبب في ذلك، ما يعني أن الاستجابة المناعية المختلفة للكثير من الأمراض قد يتم التعبير عنها بقوة أكبر لدى النساء، بسبب تطابق الكروموسومات.

كما أظهرت دراسة الدكتورة إيواساكي أن النساء في سن الإنجاب لديهن استجابة مناعية أكثر تفاعلاً لوجود مسببات الأمراض.

يُعتقد أن هذه الاستجابة المناعية القوية هي أحد الأسباب التي تجعل النساء أقل عرضة للوفاة من فيروس كورونا خلال المرحلة الحادة من العدوى - لكنها تأتي مصحوبة بتأثيرات طويلة على المدى البعيد.

وبحسب إيواساكي، فإن بقاء أجزاء من الفيروس في ما يعرف باسم الخزانات - مناطق في الجسم تخزن الفيروس - لعدة أشهر، قد تكون أيضاً من أسباب بقاء النساء متأثرات بالفيروس فترة أطول.

ويعتقد الخبراء أن هذه الخزانات الفيروسية قد تؤدي إلى موجات من الالتهاب المزمن في جميع أنحاء الجسم، ما يؤدي إلى أعراض الألم والتعب وضباب الدماغ التي يعاني منها العديد من المصابين بفيروس كورونا طويلاً.

أمراض مختلفة

ومع ذلك، من غير المحتمل أن يكون هذا هو التفسير الوحيد. يعتقد العديد من العلماء، الذين يدرسون تأثيرات كورونا الطويلة، أن الفيروس قد تسبب في أحد أمراض المناعة الذاتية. منذ ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، نشرت إيواساكي وآخرون دراسات حددت مستويات مرتفعة لأكثر من 100 من الأجسام المضادة الذاتية المختلفة لدى مرضى كوفيد -19، وتبين أنه إذا بقيت هذه الأجسام المضادة الموجهة ذاتيًا في دم المرضى لفترة طويلة على مدار عدة أشهر، فقد تؤدي لاحقاً إلى حصول خلل وظيفي في الأجسام. ومن هنا، فإن تأثيرات فيروس كورونا قد تكون أطول مما يعتقد، وأن النساء قد تكون أكثر عرضة للإصابة بهذه التأثيرات بسبب مناعتهن وبنية أجسادهن".

 

المساهمون