لماذا يتجاهل الرجال مشاكل الصحة العقلية؟

05 يوليو 2021
الرجال قد لا يعترفون بتدهور صحتهم العقلية (جيفري غرينبرغ/Getty)
+ الخط -

سلّط جوزيف هاربر، المدير التنفيذي لمركز الصحة السلوكية الشاملة في إيست سانت لويس، الضوء على قضية "الأمراض العقلية التي تصيب الرجال" باعتبارها أحد المواضيع التي لا تزال غامضة ويتجنبها كثيرون، وصولاً إلى كونها من المحرمات في مجتمعات كثيرة.
وكتب هاربر في تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست": "لا تفرق الأمراض النفسية بين الرجال والنساء. لكن الرجال يعتبرون أن التطرق إلى مواضيعها أمر محرج لهم، ما يُظهر ضعفهم خلال زيارتهم الطبيب النفسي، لدرجة معاناة بعضهم من صعوبة في الكلام، كما أنهم يتجنبون حتى التواصل البصري مع الطبيب، أو النظر إليه، وهي علامة على أن حالاتهم في درجات متأخرة".

ويفيد المعهد الوطني للصحة العقلية (NIMH) بأن "انتشار الأمراض العقلية لدى الرجال أقل من النساء، ما يطرح علامات استفهام حول عدم معاناتهم فعلياً من مشاكل عقلية، أم أنهم أكثر قدرة على تجاهلها"، في حين يؤكد هاربر وفق خبرة 25 سنة في مجال الصحة العقلية، أن "التعامل مع المرضى الرجال أمر سهل، لكن عدداً كبيراً منهم لا يحصل على مساعدة نفسية في نهاية المطاف".
ويضيف: "عرفت أمهات وزوجات يُحضرن أحباءهن الرجال إلى عيادتي، وكنت أجد غالباً صعوبة كبيرة في الحصول على معلومات منهم حول مشاكلهم العاطفية، وحاول كثيرون منهم التقليل من تأثير المشكلات المحيطة بهم من خلال التلميح إلى أن الزوجة، أو الأم، تحب تضخيم الأمور، وأنهم لا يعانون من أي مرض".

يتمسك رجال كثيرون بالصورة النمطية لإبراز أنهم أقوياء، والتي لا تتناسب مع معاناتهم من أمراض نفسية، ويفسر ذلك عدم اعترافهم بإصابتهم بأي مرض حين يحصل ذلك، ويصرّون على محاربته بطريقتهم. من هنا تمنع هذه المعتقدات الخاطئة الرجال من الحصول على المساعدة التي يحتاجونها من أجل تحسين صحتهم العقلية، علماً أن كثيرين منهم لا يزالون يعتبرون أن الصحة العقلية، أمر يمكن تجاهله لأنه يشكل ببساطة وصمة عار.

ويشير هاربر، إلى طرق كثيرة قد تساعد الرجال في تخطي هذه المعتقدات، في مقدمتها "إقرارهم بأن المعاناة موجودة في الحياة، وليست حكراً على النساء، ما يجعل طلب المساعدة أمراً ضرورياً، علماً أن حالات القلق والاكتئاب لا تصيب النساء أو الأطفال أو المراهقين فقط، بل تصيب الجميع، ومن بينهم الرجال، لأنها تكون متجذرة غالباً بعمق في كيمياء الدماغ واختلالاته".

ويضيف أن "المرض النفسي غير مرئي، لكن يجب علاجه، فقد يكون خطيراً في المستقبل، وقد يتسبب في مشاكل جسدية، مثل ارتفاع ضغط الدم، أو ضعف جهاز المناعة، ومشاكل في المعدة، وتغيرات في الوزن، كما قد يؤدي إلى تعاطي المخدرات، أو حتى الانتحار، علماً أن خيارات العلاج متنوعة، ومن بينها الأدوية، والعلاجات البديلة مثل اليوغا، والوخز بالإبر، والتأمل".
ويشير هاربر إلى أن "رجالاً كثيرين سيقدمون الأعذار حين لا تسير الأمور على ما يرام، ولكن هناك علامات لا يجب تجاهلها مثل تغيرات المزاج، ونوبات الغضب، أو فترات الحزن الطويلة، وانعدام الشهية، أو اكتساب الوزن، أو فقدانه، والشعور باليأس، وفقدان الاهتمام بالنشاطات الممتعة، والشعور بالتوتر والقلق المفرطين". 

ويرى أن "زيارة الطبيب النفسي أمر مهم. لكن قبل تنفيذ هذه الخطوة، يمكن أن يتحدث المريض مع صديق حول مشكلاته النفسية، أو يلجأ إلى الإنترنت ليقرأ نصائح تقدمها جمعيات مثل جمعية القلق والاكتئاب الأميركية، كما يمكن المشاركة في الجلسات التي تقدم عبر الإنترنت، والتي تخفف التوتر، وتمنع الإحراج".

ويختم هاربر قائلاً: "توعية الرجال بأهمية الصحة النفسية ليست مجرد أولوية، بل حاجة ضرورية"، علماً أن المؤسسة الأميركية لمنع الانتحار أحصت وفاة رجال أكثر بـ3.63 مرات من النساء. ويبقى الخبر السار أن بدء الاهتمام بالصحة العقلية في وقت مبكر يجعل الأشخاص يلاحظون الأعراض المؤثرة على حياتهم اليومية، فيحاولون الاتصال بخبير نفسي يمنعهم من التفكير في شكل سلبي، أو الاتجاه نحو المخدرات، أو الانتحار.

المساهمون