لبنان: وفاة طفل في مسبح نسائي وسط تضارب الروايات

05 يونيو 2023
جهات التحقيق في انتظار تقرير الطب الشرعي لتحديد سبب الوفاة (أرشيف/Getty)
+ الخط -

فُجع اللبنانيون، يوم الأحد، بوفاة الطفل علي عساف (8 سنوات)، في حادثة مؤسفة تعرّض لها خلال قضاء عطلته الأسبوعية مع والدته في أحد المسابح النسائية في جنوب العاصمة بيروت، ووُري في الثرى اليوم الإثنين، وسط روايات متضاربة بين شاهدات العيان وإدارة المسبح.

وفي اتصالٍ مع "العربي الجديد"، رفض عم الطفل، توفيق عساف، الحديث للإعلام، قائلاً: "نحن أَولى بتوضيح الرواية الحقيقية، كما أنّنا نعرف بالأصول، وفي حال لدينا حق عند أحد نأتي به، لكن ليس لنا حق عند أحد. الله أعطانا إيّاه والله أخذه".

ووفق مصدر مقرّب من العائلة، فضّل عدم الكشف عن هويته، فإنّ "علي هو الصبي الوحيد في العائلة، وقد وُلد بعد عذابٍ وانتظارٍ طويل، إذ لديه شقيقتان شابّتان، لكن لا نصيب لعائلته به. والده موظف في أحد مستشفيات لبنان ووالدته ربة منزل. أصلهم من مدينة جبيل (شمال بيروت)، لكنّهم وُلدوا ويعيشون منذ سنوات طويلة في منطقة زقاق البلاط (وسط العاصمة)"، ولفت إلى أنّ "رواية المسبح حول الحادثة غير دقيقة".

وبحسب تسجيل صوتي متداول، ذكرت شاهدة عيان أنّ "الطفل كان عائماً على وجه المياه، إذ لاحظت شقيقتي ذلك عندما نزلت إلى بركة السباحة لتلهو مع أولادها، لكنّها ظنّت أنّه يمارس هواية الغطس أو السباحة على ظهره، كونه كان يضع غطاء على عينيه. وبعد نحو نصف ساعة من خروجها من البركة، ذهبتُ بدوري لأتفقد ابني، الذي رآه على حافة المسبح، وقال لي "ماما ماذا يفعل هذا؟)"، قلت له "ربما يبحث عن شيء"، ووقفت أنتظر تحرّكه لكنّه لم يتحرك، فوضعتُ يدي عليه، ولم يتحرك. عندها، سحبتُه وبدأتُ بالصراخ "أسرعوا، أسرعوا"، وكان بطنه منتفخاً ولا أثر لأيّ نبض، كان قد فارق الحياة. وأضافت أن "الفريق المعني بالإغاثة في المسبح أكد أنّ الطفل استعاد وعيه ولا يعاني من أي شيء، حتّى أنّهم حلفوا بالقرآن الكريم، لكن تبيّن كذبهم لاحقاً". 

من جهةٍ أخرى، نفى مصدر من المسبح، فضّل عدم الكشف عن هويته، الروايات المتداولة، وقال لـ"العربي الجديد": "لم يمت علي في بركة السباحة المخصّصة للأعمار الوسطى، وهي بركة ليست شديدة العمق، ولم تكن "ضايعة الطاسة" كما يدّعي البعض، إنّما كان الطفل يضع قناعاً للغطس على وجهه، لكنّه بعدما خرج من البركة ومشى قليلاً، أُصيب فجأة بحالة اختناق ناجمة عن ابتلاعه كمية من المياه. وهذا ما كشفته التقارير الأمنية بعد تحقيقاتها مع شاهدات العيان، إذ لا وجود لكاميرات مراقبة، كونه مسبحاً نسائيّاً لا يتيح هذه الإمكانية. حتّى أنّ أهل الطفل لم يرفعوا أيّ دعوى بحقنا، ولم يتمّ إغلاق المسبح، في دليل على أنّنا غير مسؤولين عن الحادثة الأليمة".

وأضاف المصدر ذاته: "أجرى فريقنا كلّ الإسعافات الأولية اللازمة، وقمنا بنقله إلى مستشفى الزهراء في بيروت. كما أنّ الادّعاء بأنّه ما من حارسات للإنقاذ والنجاة، فهو كلام غير دقيق على الإطلاق، إذ نضع الحارسات عند كل بركة وعلى شاطئ البحر وعند الألعاب المائية. كما أنّنا نلتزم بمعايير السلامة العامة، ولم نشهد حادثة مماثلة طيلة سنوات عملنا"، مستغرباً كيف يسأل البعض: أين كانت والدة الطفل؟ وكأنّهم حريصون عليه أكثر منها. مع العلم أنّ علي لم يكن بمفرده في البركة، ولو حدث شيء كان يمكن أن يلحظه مَن هم بجواره".

وفي حديثه مع "العربي الجديد"، أفاد الأمين العام لاتحاد النقابات السياحية في لبنان جان بيروتي بأنّهم في الاتحاد "يتابعون القضية بانتظار صدور نتائج التحقيقات"، مشيرا إلى أن وزارة السياحة والنيابات العامة هي المسؤولة عن الإجراءات، فـ"دورنا يقتصر فقط على التوجيهات والتأكد من وجود منقذين، فلا دور ولا سلطة لنا بعكس النقابات الأخرى، حيث إنّ الانتساب للنقابة غير إلزامي، ولا فكرة لدي عما إذا كان المسبح المذكور منتسباً أم لا، علماً أنّه في كل دول العالم العمل السياحي يتطلب الالتزام والمصداقية. لكن ما يهمني اليوم هو وجود منقذين أم لا في المسبح المذكور، وإلا فالمسؤولية تقع على المنقذين".

وفي حين تعدّدت الروايات المتداولة حول أسباب الوفاة، لفت مصدر أمني في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "القوى الأمنية باشرت تحقيقاتها، بانتظار تقرير الطبيب الشرعي لتبيان الأسباب الحقيقية، غير أنّ والد الطفل لم يتقدّم بشكوى، إذ اعتبر الحادثة قضاء وقدراً".

وكانت مواقع التواصل الاجتماعي قد ضجّت بالخبر المؤسف، وسط استياء عارم من حجم الإهمال والفساد الذي وصلت إليه الأمور في لبنان. كما عبّر ناشطون عن حزنهم العميق "لخسارة طفل بعمر الورد، وملاك حُرم منه ذووه على غفلة، سيفتقده رفاق مدرسته وزملاؤه في العمل الكشفي".

دلالات
المساهمون