لبنان: مرضى الكلى في خطر ونقيب المستشفيات يرفع التحذير ووزارة الصحة تأسف للتهويل

10 اغسطس 2022
القطاع الصحي مهدّد في حال توقّف استيراد المستلزمات الطبية (فضل عيتاني/Getty)
+ الخط -

أطلقت نقابة مستوردي الأجهزة والمستلزمات الطبية في لبنان تحذيراً، مفاده أنّ البضائع المتوافرة في مستودعاتها حالياً بالكاد تكفي حتى آخر شهر أغسطس/ آب الجاري. واقترحت النقابة "تطبيق السياسة نفسها التي كانت متّبعة من قبل مصرف لبنان المركزي بالنسبة إلى المحروقات عموماً والبنزين خصوصاً، أي تحويل المبالغ المطلوبة قبل طرح البضائع في الأسواق اللبنانية بأسعار مدعومة، أمّا خلاف ذلك فنحن عاجزون عن الاستمرار بالاستيراد".

وأوضحت النقابة في بيان أصدرته اليوم الأربعاء: "تبلغنا من الشركات الموردة للمستلزمات الطبية، ولا سيّما مستلزمات غسل الكلى التي هي بالمبدأ مدعومة من قبل المصرف المركزي أنّ التحويلات من قبل مصرف لبنان، أخذت تعاني من تأخير غير مبرر يفوق التسهيلات المقدّمة من الشركات المورّدة، إذ إنّ بعض الفواتير العالقة يعود تاريخها إلى أكثر من سنة". أضافت: "بما أنّ هذا التأخير لم يعد يُحتمل من قبل الشركات المورّدة، أبلغت هذه الأخيرة وكلاءها في لبنان استحالة تلبية أيّ طلبية جديدة ما لم تسدّد مستحقاتها القديمة أوّلاً، ومن ثمّ دفع قيمة الطلبية الجديدة مسبقاً".

وأشارت النقابة إلى أنّه في "السياق نفسه، تطلب الشركات وقف الدعم لمستلزمات القلب كلياً من قبل وزارة الصحة وتحويله إلى المريض مباشرة أو إلى المستشفيات، وعليه تلتزم الشركات بأسعار الدعم حتى آخر سبتمبر/ أيلول المقبل، ريثما ينتهي المخزون في مستودعاتها، آخذين في الاعتبار المستلزمات المنتظر وصولها. وتأمل أن تتجاوب وزارة الصحة مع مناشدتها، علماً أنّ الشركات لن تستطيع أن تستورد بعد هذا التاريخ بحسب آلية الدعم الحالية، ولا سيّما أنّ الشركات المورّدة في الخارج ستتوقّف عن توريد مستلزمات إضافية بسبب مستحقاتها العالقة لدى المصرف المركزي".

وطالبت النقابة المصرف المركزي بـ "الإفراج عن دفع فواتير كلّ الشركات الأخرى العالقة فيه منذ أكثر من سنتَين بقيمة ما يزيد على 50 مليون دولار أميركي والمتعلقة بجميع المستلزمات الطبية الأخرى، وذلك منعاً للوصول إلى انقطاع في جميع المستلزمات".

في الإطار نفسه، ينبّه نقيب المستشفيات الخاصة في لبنان سليمان هارون في حديث إلى "العربي الجديد"، من "أنّنا مقبلون على أمر خطر جداً إذا ما توقّفوا عن الاستيراد". ويشدّد على أنّ "الموضوع يحتاج إلى حلّ، فنحن نتحدّث عن مرضى كلى وقلب، وعلى سبيل المثال ثمّة 4500 شخص يخضعون لغسل كلى في لبنان، ماذا نفعل بهم؟ هم ذاهبون إلى كارثة".

يضيف هارون أنّ "المستوردين يطالبون برفع الدعم، على أن يتمّ في المقابل تحويل الأموال مباشرة إلى المريض أو المستشفى أو الجهة الضامنة بدلاً من إعطائها للمستورد الذي بالنتيجة لا يحصل على الأموال. من هنا ضرورة إيجاد حلّ سريعاً".

ويوضح هارون أنّ "جلسة غسل الكلى الواحدة تُكلّف مليوناً و250 ألف ليرة لبنانية تذهب إلى المستشفى، و200 ألف ليرة إلى الطبيب، وفي العادة يخضع المريض لجلستَين أو ثلاث في الأسبوع، في الغالب ثلاث جلسات". ويتابع أنّ "الأسعار تتغيّر بحسب سعر صرف الدولار (سعر الصرف الرسمي للدولار الأميركي هو 1507 ليرات، فيما يتأرجح في السوق الموازية ما بين 30 و31 ألف ليرة). فقبل شهر مثلاً، كانت الجلسة تكلّف مليون ليرة للمستشفى و200 ألف للطبيب، أمّا قبل الأزمة المالية والنقدية في البلاد فكانت تبلغ 154 ألف ليرة للمستشفى و37.500 ليرة للطبيب".

ويلفت هارون إلى أنّ "المرضى الذين يحتاجون إلى غسل كلى، بأغلبيتهم الساحقة، يجرون جلساتهم على حساب الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أو وزارة الصحة أو تعاونية موظفي الدولة أو الطبابة العسكرية وغيرها من الجهات الضامنة الرسمية".

من جهة أخرى، يتوقف هارون في حديثه إلى "العربي الجديد" عند أبرز المشكلات التي تواجهها المستشفيات اليوم، وفي مقدّمتها "أزمة الطاقة وربطاً تأمين مادة المازوت في ظلّ ارتفاع الأسعار بشكل كبير. وهذا ما يشكّل استنزافاً للمستشفيات، بالإضافة إلى التعرفة المعتمدة من قبل الجهات الضامنة. مثلاً تعرفة الضمان الاجتماعي تأتي على دولار 1500 ليرة، والطبابة العسكرية ستة آلاف ليرة، والأمر نفسه بالنسبة إلى تعاونية الموظفين، فيما قوى الأمن الداخلي 3900 ليرة. ويتحمّل المريض الفروقات التي صارت كبيرة جداً، وهو الأمر الذي أدّى إلى انخفاض لافت وكبير في دخول المرضى إلى المستشفيات إذ إنّهم باتوا عاجزين عن دفع الفاتورة الاستشفائية. ويأتي هذا إلى جانب مشكلات أخرى، من بينها النقص المستمرّ في الأدوية والمستلزمات الطبية".

وفي سياق متصل، أسف وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض لاستخدام شركات المستلزمات الطبية وخلافاً لما تدّعيه عن نفسها، "أسلوب تهديد المرضى في علاجهم. فهذه الشركات التي تذرف دموع التماسيح تمارس في الواقع سياسة الضغط والابتزاز والتهويل".

وقال إنّ "هذه الشركات حقّقت في فترات الرخاء التي لم تصبح بعيدة بعد أرباحاً طائلة من مبيعاتها في السوق اللبناني وما زالت تجني ما يخوّلها تحقيق الاستمرارية إن لم يكن أكثر من ذلك"، مشدّداً على أنّ "المطروح في ظلّ هذا الوقت العصيب الذي يشهده لبنان تحلّي الشركات بالمسؤولية الاجتماعية والوطنية في مرحلة يحتاج اللبنانيون، لا سيّما المرضى، إلى من يسعفهم على تحمل الأعباء الهائلة التي فرضها انقلاب الأحوال في وطننا".

وأوضح أبيض في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي أنّ "مصرف لبنان يسدّد شهرياً وبشكل دوري مستحقات المستلزمات المدعومة لغسل الكلى تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء استخدام حقوق السحب الخاصة وبموجب الآلية التي وضعتها وزارة الصحة العامة". أضاف "بالفعل، فإنّ شركات استيراد مستلزمات غسل الكلى من أقلّ الشركات التي تعاني من تأخير تلبية تحويلاتها"، مشيراً إلى أنّ "الوزارة طلبت تكراراً منذ شهرَين من واحدة من شركات الاستيراد الكبرى تقديم فواتيرها المتأخرة إلا أنّ الشركة أوضحت أنّ أسباباً داخلية خاصة بها تحول دون ذلك، وهو ما انعكس تلقائياً على عدم إنجاز تحويلاتها".

وتابع الأبيض: "في المقابل، فإنّ الشركات الأخرى المعنيّة باستيراد المستلزمات أكّدت في اجتماعات عقدتها في الوزارة أنّها تتلقّى مستحقاتها المالية".

وانطلاقاً مما تقدّم، أكّد الأبيض "استمرارية الوزارة في دعم مستلزمات غسل الكلى لأنّ لا قدرة للمرضى على تحمّل أيّ أعباء إضافية في ظلّ غياب سياسة واضحة لدعم الجهات الضامنة"، مذكّراً بأنّ "وزارة الصحة العامة عملت أكثر من مرّة على زيادة تعرفة جلسة غسل الكلى بهدف ضمان حصول المريض على علاجه من خلال زيادة مستحقات المستشفيات وشركات المستلزمات".

المساهمون