لم يعد بعض التلاميذ يبتهجون باللوازم المدرسية كما في السابق، حين كانت العودة إلى المدارس ترتبط بكل ما هو جديد من حقائب وقرطاسية، بالإضافة إلى لقاء الأصدقاء بعد العطلة الصيفية. وكانت المكتبات تعرض كل ما هو ملفت لجذب أنظار التلاميذ والأهل. لكن هذا العام، اكتفى كثيرون بشراء الأساسيات بسبب الوضع المعيشي الصعب.
في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، وفي محاولة للحد من وطأة الأزمة الاقتصادية، افتتحت جمعية الفرقان للعمل الخيري معرضاً للقرطاسية، بهدف تخفيف العبء عن كاهل الأهالي. يقول المدير التنفيذي للجمعية رمضان محمد: "جاء هذا المعرض استجابة لارتفاع أسعار القرطاسية بشكل كبير. وفي ظل عدم قدرة الناس على تحمّل تلك الأعباء، قررنا بيع القرطاسية بصفر أرباح، حتى يتسنى للأهل شراء ما يحتاجه أولادهم".
يتابع: "يضم المعرض اللوازم الأساسية فقط. على سبيل المثال، لا يبيع الآلات الحاسبة لأن سعرها مرتفع جداً، وبالتالي لن يشتريها الأهل لأولادهم". ويطالب منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بتأمين حاجة التلاميذ من القرطاسية، حتى لا يتحمل الأهل هذا العبء، بالإضافة إلى العمل على تأمين نقل التلاميذ إلى المدارس، خصوصاً أولئك القاطنين خارج المخيم، والذين ليس بمقدورهم تأمين بدل المواصلات في ظل ارتفاع أسعار الوقود.
ويحذّر رمضان من أن هذا الوضع قد يؤثر على التعليم لدى الفلسطينيين في لبنان، ويؤدي إلى التسرب المدرسي بسبب عدم قدرة الأهل على تحمل هذه الأعباء، في ظل أوضاع اقتصادية سيئة وارتفاع نسبة البطالة. يضيف أن الكثير من أرباب الأسر خسروا أعمالهم، الأمر الذي اضطر الأبناء إلى ترك المدارس والعمل في أية مهنة لإعالة أهلهم. كما يشير إلى أن الجمعية تعمل على إطلاق مبادرة "شنط (حقائب) مدرسية" للتلاميذ في المخيم.
في هذا السياق، تقول فتحية التي تقيم في المخيم: "لدي أربعة أولاد، اثنان في المدرسة، فيما يعمل آخران للمساعدة في تأمين مصاريف البيت، إذ لم يعد زوجي قادراً على تحمّل الأعباء المادية وحده". وتتمنى على "الفصائل الفلسطينية والأونروا تحمّل مسؤولياتها خشية تجهيل شعبنا، علماً أن لدى الفلسطينيين كفاءات عالية".
من جهتها، تقول أم عبد الرازق التي تقيم في المخيم: "لديّ خمسة أولاد سوريين غير مسجلين في مدارس الأونروا وقد ألحقوا بمدارس أخرى، وزوجي عامل، وليس لدي قدرة على شراء القرطاسية والحقائب المدرسية وغيرها من المستلزمات الضرورية بسبب ارتفاع الأسعار. جئت إلى المعرض لأشتري لأولادي الحاجات الضرورية اللازمة وبكلفة أقل من المكتبات".
في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في بيروت معرض آخر للقرطاسية، تحت عنوان "معرض أبو طاقة الأول". في هذا السياق، تقول خديجة أبو طاقة: "نحن أربع شقيقات، وكل واحدة تعمل في مجال معين، كالأحذية، والملابس، والحقائب المدرسية. ومع بدء العام الدراسي، قررنا العمل على تقديم مساعدات للتلاميذ لبيع اللوازم المدرسية، بهدف التخفيف عن كاهل الأهل، وبأسعار مقبولة".
تضيف: "قبل افتتاح المعرض، بحثنا عن أرخص الأسعار حتى لا نثقل كاهل الأهل، وركزنا على الأساسيات بسبب عدم قدرة الأهل على التحمل. في السابق، كان موسم المدارس فرصة لنا، وكان الأهل يقبلون على شراء القرطاسية لأولادهم كالدفاتر والأقلام. أما اليوم، فالأهل يشترون ما هو ضروري جداً".
أما نهى يوسف التي تقيم في مخيم برج البراجنة، فتقول: "لدي أربعة أولاد، ثلاثة منهم في المدارس. وبسبب ارتفاع سعر صرف الدولار المتواصل، لم يعد باستطاعتنا التحمل، وبالكاد نستطيع تأمين الحاجات الضرورية. كيف يمكن للأهل شراء القرطاسية لأولادهم؟ في السباق، كنت أشتري حقيبة لكل طفل، إلا أن ذلك لم يعد ممكنا اليوم. بدلت الحقائب بين أولادي، واضطررت إلى شراء واحدة جديدة لابنتي الكبرى، لأنها انتقلت من مرحلة تعليمية إلى أخرى، وتحتاج إلى حقيبة أكبر". تتابع: "أرغب في شراء حقيبة لكل فتاة، لكنني لا أستطيع ذلك. في السابق، كنا نشتري كل ما يريده أولادنا. أما اليوم، فأتمنى لو كان في الإمكان شراء دفتر واحد لكل المواد".
وكانت "الأونروا" قد أطلقت نداءً طارئاً لحشد التمويل الدولي للاجئين الفلسطينيين في لبنان واللاجئين الفلسطينيين المهجرين من سورية إلى لبنان. وقال مدير عام الوكالة كلاوديو كوردوني إن "اللاجئين الفلسطينيين يكافحون من أجل البقاء، وقد ازدادت احتياجاتهم بشكل كبير مع وصول معدلات الفقر إلى 73 في المائة في صفوف اللاجئين في لبنان".