لبنان: عيد العمال يحلّ غداة انفجار مطعم في بيروت

01 مايو 2024
ما بعد انفجار مطعم في بيروت أمس الثلاثاء، 30 إبريل 2024 (إكس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في لبنان، وقع انفجار مأساوي في مطعم ببيروت أدى إلى وفاة تسعة أشخاص وإصابة أربعة، بينهم عمال لبنانيون وغير لبنانيين، وسط حزن وغضب عارم.
- ضحايا الحادثة تركوا وراءهم قصصًا مؤلمة، مثل وليد دنكور الذي ترك زوجة حامل وطفلًا مريضًا، وحسين هرموش أب لطفلتين، وآية مرمر التي كانت تعمل في التسويق بالمطعم.
- الحادثة أثارت دعوات للتحقيق الشامل والمساءلة، مع تأكيدات على جاري التحقيقات لتحديد الأسباب. هناك مطالبات بتعديل قانون العمل لتحسين تدابير السلامة المهنية وحماية العمال.

يحلّ يوم عيد العمال في لبنان غداة حادثة مأساوية نجمت عن انفجار مطعم في بيروت أودى بحياة تسعة أشخاص فيما جُرح أربعة آخرون، من موظّفين وعمّال لبنانيين وغير لبنانيين. وبحسب المعلومات المتوفّرة، فإنّ قارورتَي غاز انفجرتا في أحد مطاعم العاصمة بيروت من دون معرفة الأسباب، حتى كتابة التقرير. وقد شُيّع العدد الأكبر من ضحايا الانفجار في بلداتهم، اليوم الخميس، وسط حزن كبير وغضب.

بلوعة يحكي موسى دنكور، ابن خال وليد دنكور الذي قضى في الحادثة، عن حجم المأساة التي طاولت عائلتهم. ويقول لـ"العربي الجديد": "خسرنا وليد وهو شاب في الثامنة والعشرين من عمره، ترك خلفه زوجة مفجوعة وطفلاً مريضاً لا يتجاوز عمره عاماً ونصف عام". ويشير إلى أنّ "وليد كان يتنقّل بابنه الوحيد بين المستشفيات، لتوفير علاج مناسب له. كذلك كان ينتظر موعد وضع زوجته الحامل في شهرها السادس"، غير أنّ "القدر كان أسرع، فخطفه على عجل. كذلك رحل تاركاً غصّة في قلب والدَيه وشقيقه وشقيقاته الثلاث".

يضيف موسى أنّ "وليد كان يعمل في شركة لتعبئة وتوزيع الغاز في بيروت. وهو كان أمس (الثلاثاء)، برفقة زملاء له، يسلّمون أربع قوارير غاز إلى المطعم حيث وقع الانفجار الذي لم نعرف أسبابه بعد". وإذ يقول موسى "سمعنا بوقوع تسرّب غاز"، يلفت إلى أنّ الأمر قد ينطوي على "استهتار أو تقصير، لكنّنا ننتظر الكشف عن المعطيات الدقيقة من خلال التحقيقات الجارية". ويؤكد أنّ انفجار مطعم في بيروت "فاجعة بالفعل"، ويشرح أنّ "النيران اشتعلت فجأة خلف وليد وزملائه لجهة مدخل المطعم، الأمر الذي دفعهم إلى الهروب نحو الداخل ثمّ إلى التوجّه صوب غرفة تحت الأرض تشبه مستودعاً. وهكذا علقوا في الأسفل وقضوا اختناقاً".

في الإطار نفسه، يتحدّث عباس هرموش، خال الفقيد حسين هرموش، عن "حجم الألم الذي أصاب العائلة". ويقول لـ"العربي الجديد" إنّ "حسين يبلغ من العمر 33 عاماً وهو أب لطفلتَين، وكان في المطعم لحظة وقوع الانفجار مع زميله وليد دنكور وسائق من شركة الغاز التي يعمل فيها منذ نحو أربعة أعوام، إذ كانوا يسلّمون قوارير غاز". بدوره، يشير أيمن هرموش، ابن عم حسين، إلى أنّ نسيبه كان "موظّفاً كادحاً يعمل لساعات طويلة بكلّ اندفاع، لتأمين قوت أسرته. كان محبّاً لأهله وبلدته، ومن خيرة شبابنا". يضيف أنّهم ينتظرون نتائج التحقيقات، قبل "الاتّجاه نحو رفع دعاوى قضائية في حقّ المسؤولين عن الانفجار".

أمّا الطبيب محسن عاصي، خال الشابة آية مرمر البالغة 27 عاماً التي قضت في الانفجار نفسه، فيتحدّث بحرقة عن ابنة أخته التي لم يُكتَب لها العمر الطويل. ويخبر "العربي الجديد" أنّها "كانت تعمل في مجال التسويق في المطعم، وهي كانت قد انتقلت قبل نحو شهر فقط إلى فرعه في بيروت، بعدما كانت تعمل في فرع الضاحية الجنوبية لبيروت". ويبيّن عاصي أنّ "يوم عمل آية الأخير في فرع العاصمة كان يوم أمس، وقد شاء القدر أن يكون كذلك يومها الأخير في الحياة".

في سياق متصل، يفيد رئيس شعبة العلاقات العامة في فوج إطفاء بيروت النقيب علي نجم "العربي الجديد"، اليوم الخميس، بأنّ "عنصراً من الفوج من بين الجرحى الأربعة" الذين أُصيبوا في انفجار مطعم في بيروت أمس، موضحاً أنّ "التحقيقات والكشف الفني والميداني والأدلة الجنائية والقضائية سوف تحدّد الأسباب وتبيّن إذا كانت الحادثة مفتعلة أم طبيعية أم بحكم القضاء والقدر".

من جهته، يتحدّث المدير التنفيذي لدى المرصد اللبناني لحقوق العمّال والموظفين أحمد الديراني لـ"العربي الجديد" عن "مصيبة حقيقية". ويرى أنّ "من المؤسف جداً، أن نكون قد شهدنا، عشيّة عيد العمال، سقوط ضحايا أبرياء كادحين يسعون خلف لقمة العيش حتى يوفّروها لعائلاتهم التي تُركت لقدرها ومصيرها"، في انفجار مطعم في بيروت أمس. يضيف: "ولا يكفي ما يقاسيه العمّال في لبنان من جرّاء الرواتب الزهيدة وعدم زيادتها وسط انهيار العملة الوطنية، فيحلّ عيد العمال وقد خسرنا شبّاناً ذهبوا ضحيّة الإهمال".

وأكّد الديراني أنّه ينتظر نتائج التحقيقات، غير أنّه أسف لـ"انعدام الرقابة والتفتيش من قبل الجهات المعنية"، مبيّناً أنّ "حادثة أمس دليل على النقص في تدابير الحماية والسلامة المهنيّتَين، على الرغم من أنّ قانون العمل اللبناني يشترط توفير بيئة عمل آمنة وسليمة". وحمّل "المسؤولية الأساسية لوزارة العمل المنوطة بها مهام الإشراف على مدى مطابقة المطاعم شروط السلامة العامة ومواصفاتها، إلى جانب مصلحة الصحة في العاصمة وكذلك بلدية بيروت".

وإذ يعبّر الديراني عن أسفه إزاء "عدم تأسيس الفرع المتعلق بطوارئ العمل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي حتى اليوم، علماً أنّه أُقرّ منذ عقود طويلة"، يفيد بأنّ مرصده يعمل بالشراكة مع الاتحادات النقابية من أجل تعديل شامل لقانون العمل اللبناني، خصوصاً في ما يتعلّق بتدابير السلامة المهنية والحماية من الصرف التعسّفي ومن ظروف العمل غير الآمنة".

المساهمون