أصدرت قاضية التحقيق الأولى في شمال لبنان، سمرندا نصّار، اليوم الخميس، قرارها الظني في قضية وفاة الطفلة لين طالب بعد تعرّضها لاعتداء جنسي متكرّر، وذلك قبل أكثر من شهرٍ، طالبةً عقوبة الإعدام لخالها المغتصِب، ولكلّ من أمّها وجدّها وجدّتها لإخفائهم معالم الجريمة، وتركها لمصيرها تموت أمامهم من دون إسعافها.
تجدر الإشارة إلى أنّ لبنان لا ينفذ أحكام الإعدام منذ آخر حكم صدر عام 2004.
وينطبق فعل خال الطفلة لين طالب، نادر فواز بو خليل، بحسب القرار الظني على جنايتي المادتين 503 و504 من قانون العقوبات اللبناني، بحيث تنصّ المادة 503 على أنه "من أكره غير زوجه بالعنف والتهديد على الجماع، عوقِبَ بالأشغال الشاقة خمس سنوات على الأقل، ولا تنقص العقوبة عن سبع سنوات إذا كان المعتدى عليه لم يتم الخامسة عشرة من عمره".
أما المادة 504 من قانون العقوبات اللبناني، فتنصّ على أنه "يعاقب بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات على الأقل من جامع شخصاً غير زوجه لا يستطيع المقاومة بسبب نقص جسدي أو نفسي أو بسبب ما استعمل نحوه من ضروب الخداع، ولا تنقص العقوبة عن سبع سنوات إذا كان المعتدى عليه لم يتم الخامسة عشرة من عمره".
واعتبرت القاضية نصّار في القرار الظني أيضاً فعل المدعى عليهم، خال الطفلة لين طالب، ووالدتها، وجدها وجدتها لأمها، من نوع جناية المادة 549 من القانون نفسه، أي القتل قصداً، التي يُعاقَب عليها بالإعدام. كما طلبت محاكمة المدعى عليهم أمام محكمة الجنايات في الشمال، وتغريمهم نفقات المحاكمة كافة.
واستند القرار الظني في الأدلة إلى جملة عوامل منها التحقيقات الأولية والاستنطاقية، التقرير الطبي، تقرير مكتب الحوادث، تقرير المختبرات الجنائية، بالإضافة إلى "داتا" الاتصالات، ومضمون الهواتف الخلوية المضبوطة، وشهادة الشهود، والتناقض في أقوال المدعى عليهم، وغير ذلك.
وجاء في القرار أنّ "فعل المدعى عليهم لجهة إقدامهم على قتل الطفلة لين طالب عمداً وعن سابق تصوّر وتصميم عبر تركها لمصيرها وعدم إسعافها ورفض تقديم العناية الطبية اللازمة لها وهي تموت أمامهم، يؤلف الجناية المنصوص عليها في المادة 549 من قانون العقوبات".
وأضاف نصّ القرار، أنّ "كل ذلك حصل والمدعى عليهم يتفرّجون على الطفلة وهي تذوب كالشمعة من دون إسعافها بشكل جدّي بل كان اهتمامهم محصوراً بإخفاء معالم جريمة الخال، لا إنقاذ الطفلة من براثنه وإعادتها للحياة".
وتبيّن تبعاً للقرار، أن "النزيف استمرّ لأيام عديدة وتتابعت مغاطس الماء والملح باعتراف المدعى عليهم وارتفعت حرارة الطفلة وزاد التقيّؤ، ولم يحرّكوا ساكناً لا بل بادروا بالطفلة بحثاً عن شيخ ليقرأ لها آيات من القرآن الكريم علّها تتعافى، كلّ شيء إلّا الدخول إلى المستشفى خوفاً من كشف المستور".
وضمن الأحداث المروّعة التي تعرّضت لها الطفلة، فقد ذكر نصّ القرار أنه بتاريخ 29/6/2023، ارتفعت حرارة لين بشكل كبير، فأجبر المدعى عليهم، على نقلها إلى الطوارئ في مستشفى المنية بخجل، وإذ بمجرد ما رفضت أن يعاينها طبيب الطوارئ بالنظر إلى خوفها المستجدّ من الرجال وفور طلب طبيب الطوارئ منهم أخذها إلى طبيب أطفال غادروا المستشفى من دون إدخال الطفلة وتوجّهوا إلى طبيب أطفال ذُهل من خوف الطفلة وعدم السماح له بفحصها أو الاقتراب منها ومن حالة الطفلة العصبية ولا سيما عند محاولة الدخول إلى الحمام حيث كانت تصرخ وتهرب، وذلك كما ذكر الطبيب في إفادته أمام قاضي التحقيق".
وتابع الطبيب أنه "طلب إدخالها إلى المستشفى فوراً وقال لهم: "البنت رح تموت ما بتضاين" (أي لن تصمد)، إلاّ أنّ جدّها طلب منه تعليق المصل للطفلة فرفض ذلك وأصرّ على إدخالها إلى المستشفى، فكان جواب المدعى عليهم، الجدّة والأمّ والجدّ، الطلب من الطبيب إعطاءهم دواء لتخفيف الوجع والتقيؤ وهذا ما حصل".
وتبيّن أيضاً أنّ الطبيب استدرك الوضع وطلب حمايةً لنفسه، ورقة دخول المستشفى كي يحتفظ بصورة عنها فتردّد المدعى عليهم قبل إعطائه إيّاها لأنهم لم تكن بنيّتهم أصلاً إدخالها إلى المستشفى، وعوضاً عن التوجه مباشرة إلى الطوارئ بسبب حالتها الصحية السيئة، أقدم ابن عمّ الوالدة، الذي كان يقود السيارة ويرافق الأمّ والجدّ والجدّة على التقاط صورة للطفلة بحالتها هذه بطلب من المدعى عليهم كي يقولوا في حال حدوث أي مكروهٍ لها أن والدها أحضرها بهذه الحالة، وتبيّن أنهم عادوا بالطفلة إلى المنزل من دون الذهاب إلى المستشفى وكانت الساعة حوالي الثانية من بعد الظهر، وتبيّن أنه حوالي الساعة الرابعة من بعد الظهر تقيّأت الطفلة مرتين دماء وتبيّن أنهم أبقوا على الطفلة في المنزل وهم يتفرّجون عليها تحتضر.
وتبيّن أيضاً أنه حوالي الساعة السابعة والنصف، فقدت الطفلة وعيها ونُقِلت حينها بين الحياة والموت إلى المستشفى من قبل عمّ الوالدة وزوجته ولم تُكلِّف أمها نفسها الذهاب معهما كما لم يتوجّه جدّها وجدّتها وخالها إلى المستشفى إلّا بعد وفاة الطفلة.
وتبيّن أنه لدى وصولها توفيت وكانت حرارتها تتجاوز الأربعين درجة مئوية وتعاني من فقر دم حاد ومن ارتفاع كبير في الكريات البيضاء والصفائح من جرّاء الالتهاب الكبير والنزف الدموي البسيط والمستمرّ لأيّامٍ، وذلك وفق ما ورد في التقرير الطبي وفي إفادة الطبيبَيْن الشرعيَيْن أمام قاضي التحقيق الأول.
وتبيّن لدى الكشف عليها من قبل طبيب الطوارئ أنّ الطفلة تعرّضت لاغتصاب وحشي أظهرته الكدمات، كما ظهرت كدمات بين الفخذين وعلى شفّة الطفلة العلوية وتورّم في فمها. كما تبيّن أنّ المدعى عليهم حاولوا ترويج رواية وفاة الطفلة في حادث سير إلاّ أنهم لم يفلحوا.