انطلقت، اليوم الاثنين، الامتحانات الرسمية في لبنان للشهادة الثانوية بكل فروعها، بالتزامن مع اعتراضات من قبل الاتحاد الطلابي العام واحتجاجات طلابية على إجرائها في ظل غياب العدالة والفروقات التعليمية الفاضحة بين القطاعين الرسمي والخاص.
وأطلق أعضاءٌ من الاتحاد الطلابي العام هتافات بوجه وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي أثناء تفقّده سير اليوم الأول من الامتحانات في ثانوية شكيب أرسلان الرسمية في فردان - بيروت، مشددين على أنهم لن يدفعوا ثمن سياسات المنظومة الحاكمة من مستقبلهم، كما اعترضوا موكبه لدى مغادرته.
كما عمد الاتحاد إلى نشر بوسترات على جدران عددٍ من المدارس في العاصمة اللبنانية بيروت وضواحيها احتجاجاً على غياب العدالة في إجراء الامتحانات.
وقال مصدرٌ من الاتحاد الطالبي العام، لـ"العربي الجديد"، إن مصالح الطلاب أولوية بوجه مصالح السلطة السياسية الحاكمة التي لا تأبه بمستقبل الشباب والظروف التي يعانون منها، مشيراً إلى أن "الاعتراض اليوم هو على طريقة تقليص المنهج للشهادة الثانوية من دون سابق إنذار، في ظل فروقات تعليمية كبيرة بين التعليم الرسمي والتعليم الخاص، وغياب أي إجراءات تراعي ظروف الطلاب".
وأشار المصدر إلى أن هناك جدولاً يُظهر الفروقات التعليمية بين المدارس الخاصة والرسمية لطلاب الشهادة الثانوية للعام 2022 – 2023، إذ على سبيل المثال، الصف ثالث ثانوي علوم حياة، نسبة المعدل العام من المنهج كانت 38% للرسمي و55% للخاص، أما ثالث ثانوي اجتماع واقتصاد فكانت النسبة 36% للرسمي مقابل 55% للخاص، في حين ثالث ثانوي آداب وإنسانيات 32% للرسمي مقابل 50% للخاص، أما ثالث ثانوي علوم عامة فأتت النسبة 35% للرسمي و51% للخاص.
وشدد المصدر على أن "قضيتنا هي قضية كل الطلاب في المدارس والجامعات سواء الخاصة أو الرسمية، نحن لا نقف بوجه التعليم الخاص، ولكن هناك فروقات ظالمة بحق الطلاب في القطاع الرسمي، الذين مرّوا بظروف نفسية وتعليمية صعبة هذا العام في ظل الإقفالات المتكررة والإضرابات التي أثرت على المناهج وساعات التعليم التي حظوا بها لهذا الموسم، وقضيتنا قضية الأساتذة المحقين في إضراباتهم وتحركاتهم في ظل معاناتهم على وقع الأزمة الاقتصادية الحادة".
وأشار المصدر إلى أن الطلاب سبق أن نفذوا أكثر من تحرك احتجاجي لكن لم يؤخذ بها، وهم في الوقت نفسه لا يمكنهم مقاطعة الامتحانات، فهذا مستقبلهم والطريق الإلزامي للالتحاق بالجامعة، ما يجعلهم اليوم ينجزون هذا الاستحقاق تحت ضغط السلطة، ونحن في تحركاتنا نراعي ظروف الطلبة النفسية.
وانطلقت اليوم الامتحانات الرسمية للثانوية العامة بفروعها الأربعة بعد تأكيد وزارة التربية والتعليم العالي اكتمال الاستعدادات الإدارية واللوجستية والأمنية لإنجاز الاستحقاق على كافة الأراضي اللبنانية، وذلك بعدما أعطيت هذه الشهادة الأولوية على حساب الشهادة المتوسطة (البريفيه)، التي ألغيت لهذا العام نتيجة صعوبات لوجستية وأمنية حالت دون إجرائها.
وتجول وزير التربية على عدد من المدارس ومراكز الامتحانات للاطلاع على مجرياتها وحسن سيرها، وتحدث إلى الطلاب خلال دخولهم إلى الصفوف، مكتفياً بالتعليق على التحركات التي تحصل بأن لكل شخص رأيه وهو حرٌ في التعبير، معتبراً أن الذين ينفذون الاحتجاجات ليسوا بطلاب وإلا لكانوا موجودين في هذه الأثناء داخل مراكز الامتحانات.
وأكد مصدرٌ في وزارة التربية والتعليم، لـ"العربي الجديد"، أن "الأجواء اليوم إيجابية جداً، خصوصاً بعدما أتممنا كل الاستعدادات لحسن سير العملية، وقد جرت مراعاة ظروف الطلاب الذين لم يتلقوا كل المناهج التربوية، فالعام كان صعباً على الجميع، وزارة وأساتذة وطلاباً، ونحن نعلم الظروف الصعبة التي مرّوا بها في موسم اقتطعت الإضرابات جزءاً كبيراً منه".
وأشار المصدر إلى أن "نحو 40 ألف طالب يخوضون امتحانات الشهادة الثانوية، ونقدّر تضحيات الأساتذة في التعليم الرسمي الذين تجاوبوا لإتمام هذه العملية بنجاح، رغم أوضاعهم وظروفهم الاقتصادية الصعبة".
في السياق، تقول رئيسة اللجنة الفاعلة للأساتذة المتعاقدين في التعليم الرسمي الدكتورة نسرين شاهين، لـ"العربي الجديد"، إن "الامتحانات اليوم هي تنفذ شكلياً وصورياً، ولعدم خسارة التمويل الذي تقدمه الجهات المانحة".
وتلفت شاهين إلى أن "وزير التربية أصرّ على إجراء الامتحانات لأنه بذلك يظهر نفسه نجح في مهامه، وذلك رغم الظروف التي يمرّ بها الطلاب والفروقات التعليمية الكبيرة ليس فقط بين التعليم الرسمي والتعليم الخاص، بل حتى على صعيد الرسمي نفسه، وكنا نتمنى وضع معايير لترفيع الطلاب في هذه المرحلة من دون الخضوع لهذه التجربة القاسية، فهم بحالة يرثى لها".
وتشير شاهين إلى أن "الوزارة برّرت الإجراء كذلك بأنها قلّصت المواد والمنهج، وسهّلت الأسئلة وستسهّل تصحيح الامتحانات، لكن بهذه الحالة ماذا بقي من القيمة الحقيقية للشهادة؟".
وترى شاهين أن هناك تخبطاً في الوزارة وسط معلومات غير دقيقة تصدر عنها في ما خص عدد الأساتذة الذين يتولون المراقبة وإدارة العملية، ساعة يكون الرقم 12 ألفاً وساعة 7 آلاف، مع الإشارة إلى ضغوطات مورست على الأساتذة لا سيما أساتذة الخاص لتغطية الفراغ الذي تركه أساتذة التعليم الرسمي، وأكبر دليل على التخبط والعجز في مراقبة الامتحانات، هو إجرائها للفروع الأربعة معاً، وفي 3 أيام، بعكس كل المواسم الماضية.