لبناني يقتل زوجته بإضرام النار فيها: الأم تروي تفاصيل الجريمة المروّعة
لم تصمد السيدة اللبنانية هناء خضر طويلاً أمام آلامها وأوجاعها، فكان أن فارقت الشابة العشرينية الحياة بعد ظهر اليوم الأربعاء، متأثرةً بحروقها الخطيرة، بعد قيام زوجها، عثمان عكاري، من منطقة باب الرمل في مدينة طرابلس شمال لبنان، بإضرام النار في زوجته، بعد مشادّات كلامية وصلت حدّ تعنيفها وممارسة أبشع أنواع التعذيب والتسبّب في أخطر أنواع الحروق.
وتركت هناء خلفها والدَين مفجوعين وولدين طالما شهدا على عذابات والدتهما ومجمل أساليب التعنيف التي مارسها والدهما بحقّها. هناء، التي لم يُكتب لها أن تهنأ بحياتها منذ طفولتها، أسلّمت الروح، لتسجّل بذلك مأساةً جديدة وجريمةً مروّعة بحقّ النساء في لبنان.
ويبدو أن العنف الأسري في لبنان بات حدثاً دورياً يتكرر في أكثر من منطقة وبمختلف الأساليب الوحشية والإجرامية، وكان آخر فصوله جريمة قتل هناء، وأفادت مصادر أمنية لـ"العربي الجديد" بأنه تم توقيف الزوج.
هناء، التي أجهضت جنينها وهي في الشهر الخامس، تخضع منذ قرابة عشرة أيام لعمليات جراحية في مستشفى السلام في طرابلس، وفق ما أفاد مدير المستشفى ورئيس قسم الجراحة الدكتور غبريال السبع، في حديثه لـ"العربي الجديد".
وأوضح السبع، أن "هناء حضرت إلى المستشفى يوم السبت الماضي، وكانت قد فقدت جنينها قبل وصولها، بعد أن عنّفها زوجها ومن ثم أحرقها بالغاز، وأصيبت بحروق بنسبة مائة في المائة من مساحة الجسد من الدرجة الثالثة وما فوق بواسطة الغاز المشتعل، وتخضع من حينها لأهم وسائل الإنعاش والجراحة اليومية".
ونبّه إلى أن وضعها الصحي كان خطيراً للغاية "نظراً لمساحة وعمق الحروق"، مناشداً الأيادي الخيرة "مساعدة أهلها، فهم من الأشد فقراً، وهي متروكة اليوم على نفقة المستشفى، رغم أننا بادرنا إلى حسم نصف كلفة العلاج، بحيث خفّضنا القيمة من 800 دولار أميركي كل يوم إلى 400 دولار".
وكانت والدة هناء، عائشة الشيخ، أوضحت لـ"العربي الجديد"، أن ابنتها "متزوّجة منذ ست سنوات ولديها فتى بعمر الأربع سنوات وطفلة بعمر السنتين، وهي تتعرّض منذ سنوات عديدة للعنف والضرب والشتم والتهديد بالقتل والمعاملة السيئة من زوجها وعائلته. كما أنه يخونها ويتعاطى الكحول والممنوعات، وحاولتْ الانفصال عنه، أكثر من مرة، لكنه كان يهدّدها بحرمانها من ابنها وابنتها، وبإلحاق الأذى بهما. كما منعها من التواصل معي منذ ستة أشهر، وكان يصادر كلّ هاتف أشتريه لها، ويقوم ببيعه".
عائشة، التي تركت ابنتها بعمر السنتين بعد أن طلّقت زوجها، قالت "تولّت والدتي تربيتها حتى عمر الثماني سنوات، قبل أن يستعيدها والدها ويرغمها على الزواج وهي قاصر بعمر الـ14 عاماً"، مشيرةً إلى أن "ابنتها فرّت إلى منزل أبيها قبل الحادثة بأربعة أيام، لكنّ زوجها أرغمها على الرجوع تحت تهديد السلاح أو آلة حادة، وفق ما أذكر من رواية ابنتي في المستشفى، قبل أن تفقد وعيها نهائياً منذ يومين".
الوالدة المفجوعة كانت قد وصفت حالة ابنتها الصحية بالمتأزمة، قبل أن تفارق الحياة "فهي تعيش على التنفس الاصطناعي، وقد عانت أول خمسة أيام في المستشفى من الأوجاع والكوابيس. فقد عمد زوجها يومها إلى ضربها بالعصا واللكمات أمام عينَي والدته، التي قالت لها "بدّو يربّيكِ"، قبل أن يدخلها إلى منزلهما بالقوة ويتقصّد حرقها ثلاث مرات بقارورة الغاز المشتعلة التي حملها بيد ووثّق فعله الإجرامي باليد الأخرى عبر تقنية الفيديو".
وقالت بحسرةٍ "لقد قفزت ابنتي من نافذة المطبخ والنيران مشتعلة في جسدها، وحاولت إطفاء نفسها من خلال التدحرج على التراب. لكنّه كان يلاحقها بالقارورة، ومن ثمّ رماها عليها، قبل أن يدوس عليها بقدمه، غير آبهٍ لقتل روحين بريئتين، مردّداً "سأشوّهك وألقنك درساً، كيف تطلبين الطلاق".
واستنكرت الوالدة كيف أنّ "أحداً من عائلته وجيرانه لم يتحرّك لإنقاذها، وكيف انتشر الخبر بأنّ حادثة ابنتها قضاء وقدر، وأنّ زوجها قام بفعلته للتخلّص من الجنين، بسبب الضائقة المالية والوضع المعيشي، في حين أن كلّ هذه الأخبار ملفّقة، وهو لم يكن تحت تأثير الكحول أو أيّ مادة مخدّرة. كما أنّ والدته شريكة معه، وهناك شهود".
وختمت عائشة بالقول "هل هناك أفظع من سماع استغاثة روحٍ تحترق وتصرخ، من دون أن يرف جفن لأحدٍ. ابنتي اليوم تموت أمام عينيّ، بعد أن زحفت وحدها باتجاه مركز الصليب الأحمر اللبناني، المحاذي لبيتها".