كيف تعيش أسرة لبنانية براتب 500 دولار في رمضان؟

01 يوليو 2015
عائلة تتناول إفطارها في رمضان(جوزيف عيد/فرانس برس)
+ الخط -
تفكر نائلة مرتين قبل التوجه إلى السوبرماركت لشراء حاجيات البيت. تجمع وتطرح، تقسم راتب زوجها الذي لا يتعدى 500 دولار، وتخرج بمعادلة واضحة، "الراتب لا يكفي لشراء خبز وماء". نائلة (45 عاماً)، متزوجة من سائق يعمل في شركة خاصة لنقل البضائع، تعيش مع زوجها وطفلين في بيت لا تتعدى مساحته 100 متر مربع في إحدى ضواحي العاصمة بيروت. تقول لـ"العربي الجديد": "أبحث دوماً عن العروض التي تجريها المحال الكبيرة لشراء حاجيات البيت، وفي العديد من الأيام لا أذهب إلى السوق للتبضع، بل أحاول قدر الإمكان إطعام أولادي من بعض المؤنة داخل البيت".

تشير نائلة إلى أن الظروف الاقتصادية اليوم صعبة للغاية في ظل ارتفاع الأسعار، وتشير إلى أن راتب زوجها لا يكفي لشراء خبز وماء طيلة الشهر. وفي عملية حسابية بسيطة، نلاحظ أن راتب زوجها فعلاً لا يكفي لشراء خبز وماء. تباع ربطة الخبز (7 أرغفة) بسعر دولار واحد، تحتاج الأسرة المكونة من أربعة أفراد إلى ربطة خبز يومياً، ما يعني أن العائلة تحتاج إلى 30 دولاراً شهرياً لشراء الخبز، أما بالنسبة إلى الماء الصالح للشرب، فيباع الليتر الواحد أيضاً بما بقارب الدولار، ما يعني أن العائلة تحتاج إلى 120 دولاراً شهرياً لشراء الماء بمعدل 4 ليترات يومياً لأفراد الأسرة. وفي حال رغبت الأسرة بشراء البيض أو الأجبان والألبان، فهنا قصة أخرى، بحسب نائلة، حيث يباع الكليوغرام الواحد من الجبنة بسعر يصل إلى 8 دولارات، ما يعني أن العائلة تحتاج كل يومين إلى كيلوغرام من الجبن لتناوله مع الخبز، بمعدل يصل شهرياً إلى 120 دولاراً شهرياً، وبالتالي فإن تناول الجبن والخبز والماء يستحوذ على 270 دولاراً من أصل 500 دولار، فكيف يمكن شراء الحاجيات الأخرى من اللحوم أو الدجاج، والخضار والحليب؟ وكيف يمكن لهذه الأسرة أيضاً شراء الأطعمة الخاصة بشهر رمضان في ظل الارتفاع غير المسبوق في الأسعار؟ فهل يكفي راتب الزوج الذي لا يتعدى 500 دولار لشراء حاجيات رمضان؟

يقول رئيس جمعية حماية المستهلك اللبناني، زهير برو، إن الحد الأدنى الذي تم الاتفاق عليه منذ سنوات، كان الضربة الصاعقة في وجه العمال والأجراء، حيث تم احتساب 675 ألف ليرة لبنانية (ما يعادل 450 دولاراً) حداً أدنى للأجور، بالرغم من أن مؤشر الغلاء يشير إلى أن العائلة المكونة من أربعة أفراد تحتاج إلى مليون و600 الف ليرة لبنانية، أي ما يعادل (1050 دولاراً). ويضيف لـ"العربي الجديد": "نلاحظ دوماً ارتفاع الأسعار في لبنان، منذ سنوات، ونحن نعاني من جشع التجار، وطالبنا وزارة الاقتصاد والتجارة التحرك، خاصة في شهر رمضان، ولكن دون جدوى، ومنذ بداية الشهر الكريم، قمنا برصد أسعار بعض السلع، ولاحظنا ارتفاعها بأكثر من الضعف عن الأيام العادية".

أسعار مهولة
في شهر رمضان، تتنوع الوجبات التي يتميّز بها المطبخ اللبناني، إلا أن هناك أساسيات معينة يحاول اللبناني دوماً المحافظة عليها في مائدته الرمضانية، ولعل أبرزها طبق الفتوش (وهو طبق مكوّن من الخضار والخبز)، إلا أن هذا الطبق لم يعد في متناول العديد من اللبنانيين. بحسب أرقام بيانات مؤشر الإستهلاك الصادرة عن وزارة الاقتصاد اللبنانية، فإن كلفة طبق الفتوش تناهز 8000 ليرة لبنانية، أي ما يقارب 5 دولارات، ما يعني أن اللبناني يحتاج خلال شهر رمضان إلى 150 دولاراً فقط من أجل طبق الفتوش، وهو ما يعد كارثة بالنسبة لذوي الدخل المحدود.

بحسب رئيس الاتحاد العمالي العام اللبناني، غسان غصن، فإن الأوضاع السياسية القائمة في البلاد منذ سنوات ساهمت في شل الحركة العمالية، وأوقفت الاتحاد عن المطالبة بضرورة زيادة الأجور لكي تتناسب ومؤشر الأسعار. ويقول غصن لـ"العربي الجديد": "إن غياب العمل السياسي، وتوقف مجلس النواب عن التشريع، وعدم التوافق لانتخاب رئيس للجمهورية، عوامل صبّت ضد مصلحة العمال، إذ لم يعد بمقدور الاتحاد التحرك للمطالبة بضرورة تصحيح الأجور". ويضيف: "لا شك أن أجرة العامل التي لا تناهز 500 دولار لا تكفي لسد حاجاته الأساسية، بدءاً من المأكل والملبس وصولاً إلى إيجار البيت ودفع فواتير الكهرباء والماء وغيرها، ولذا من موقع مسؤوليتنا نرفع الصوت عالياً، ونطالب بضرورة تفعيل العمل السياسي، كي نستطيع المطالبة بحقوق العمال والفقراء".

المساهمون