مساء يوم الثلاثاء، عشية تنصيب الرئيس جو بايدن، اتصلت والدة مانيا درباني من إيران بابنتها في الولايات المتحدة. كانت الفرحة تغمر الأم، لأنّ بايدن على وشك إلغاء قرار إدارة ترامب الذي أطلق عليه اسم "حظر المسلمين"، واستهدف منع الناس من عدد من الدول ذات الغالبية المسلمة، بما فيها إيران، من دخول الولايات المتحدة. وقالت الأم، مريم تقديسي جاني، التي تقدّمت بطلب للحصول على تأشيرة هجرة للّحاق بابنتها درباني (36 عاماً) التي تعمل موظفة استقبال، وتعيش مع زوجها في لوس أنجليس: "هذا معناه أنّ بوسعي أن آتي إليكم قريباً جداً".
قالت درباني إنّها عجزت عن استجماع شجاعتها لكي تشرح لوالدتها أنّ عراقيل أخرى لا تزال قائمة قبل أن تتمكّن من اللحاق بها. إذ بالإضافة إلى حظر السفر الأصلي الذي فرّق بينهما لسنوات، أصدر ترامب حظراً آخر في 2020، يمنع إصدار تأشيرات هجرة معيّنة بسبب جائحة فيروس كورونا. وكانت درباني الحاصلة على الجنسية الأميركية، قد تقدّمت في 2019 بالتماس لإصدار تأشيرة هجرة لوالدتها التي تعمل ممرّضة وتبلغ من العمر 71 عاماً، لكن إدارة ترامب أوقفت تقريباً إصدار كلّ بطاقات الإقامة الخضراء لأسباب أسرية، في إبريل/ نيسان الماضي، وقالت إنّ هذه الخطوة ستحمي الوظائف الأميركية وسط الجائحة. ولم يذكر بايدن بعد ما إذا كان سيلغي هذا القرار، وستبقى تقديسي جاني، في إيران، إلى أن يأخذ هذه الخطوة.
قالت درباني: "أنا حزينة جداً الآن، ولا يسعني سوى انتظارها. فقد توفي أبي وأصبحت أمي وحيدة. وأنا أحتاج إليها هنا". وتوضح بيانات وزارة الخارجية أنّ حوالى 40 ألف شخص مُنعوا من دخول الولايات المتحدة بموجب هذا الحظر منذ ديسمبر/ كانون الأول 2017، وبعد إقرار المحكمة العليا الأميركية نسخة معدّلة من حظر السفر الأصلي. غير أنّ التئام الشمل ليس مطروحاً في المستقبل القريب لعدد كبير من الأسر التي فرّقها حظر السفر، بسبب قيود مختلفة على السفر والتأشيرات تتعلّق بالجائحة.
تطور إيجابي
في 18 يناير/ كانون الثاني، قالت جين ساكي، سكرتيرة بايدن الصحافية إنّ الإدارة الجديدة سترفض محاولة ترامب رفع أي قيد على المسافرين القادمين من أوروبا والبرازيل. وأضافت أنّ إدارة بايدن تعتزم "تدعيم تدابير الصحة العامة في ما يتعلّق بالسفر الدولي". ولم ترد إدارة بايدن بعد على طلب للتعليق على ما إذا كان ينوي رفع قرارات الحظر المتعلّقة بالهجرة. ويمثّل المحامي كيرتس موريسون، المتخصّص في شؤون الهجرة، أكثر من 5000 شخص في دعاوى قضائية للطعن في حظر الهجرة المرتبط بكورونا، وهو ينصح موكّليه منذ أسابيع بأنّ قرار بايدن رفع حظر السفر لن يفتح الباب أمام الراغبين في السفر. وقال: "هذا تطور إيجابي، لكن لا يمكننا حقاً أن نحتفل حتى الآن".
اليمنية، لمياء البرمكي (25 عاماً)، الحاصلة على بطاقة خضراء، والتي هاجرت إلى الولايات المتحدة عام 2015 مع اشتداد الحرب في بلادها، لا تزال تنتظر التئام شملها مع زوجها. وتعيش لمياء مع ابنتها الصغيرة ووالديها وأربعة أشقاء في بالتيمور. وقالت إنّ ابنتها وثلاثة من أشقائها مصابون بإعاقات، وإنها تحتاج المساعدة. وأضافت: "أحتاج إليه، أن يكون معي فقط. هذا كل ما أحتاج إليه وأرجوه". كذلك، إنّ بعض المهاجرين الذي ينتظرون منذ سنوات فرصة التئام شملهم مع أحبائهم، مضطرون الآن إلى التفكير في مخاطر السفر خلال الجائحة. وقال، أريان جعفري، الذي ضاعت على والديه فرصة حضور خطوبته ومولد ابنه بسبب حظر السفر، إنّه تفاءل بعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/ تشرين الثاني عندما اتضّح أنّ حظر السفر سيُلغى. واتصل جعفري (31 عاماً)، الذي يعمل مهندس تصميم ميكانيكي بوالديه في إيران وأبلغهما بأنّهما سيتمكنان قريباً من زيارة حفيدهما الأول ولقائه. غير أنّه قال إنّ الأسرة لم تشعر بفرح شديد يوم الأربعاء، رغم إلغاء قرار الحظر رسمياً. ولا يعتقد جعفري أنّ من الأمان أن يركب والداه (59 و67 عاماً) طائرة ويتجها إلى لوس أنجليس التي تُعدّ بؤرة ساخنة لمرض كوفيد-19، دون تطعيمهما باللقاح. وأضاف: "في الوقت الحالي، أنا أتطلّع إلى اليوم الذي يصبح فيه الوضع آمناً بما يكفي لسفر الناس. فنحن لا نريدها أن تكون رحلتهما الأخيرة. ونريد أن يكون السفر آمناً للجميع".
(رويترز)