يرزح مخيّمان للاجئين السوريّين في بلدة عرسال (على حدود لبنان الشرقية مع سورية)، تحت وطأة انتشار فيروس كورونا، بعد تسجيل 16 إصابة في مخيّمي "بنيان القلمون" و"مساكن القلمون"، في منطقة وراء الجفر، ما دفع بلدية عرسال إلى عزل المخيّمين عزلاً كاملاً، ومنع الدخول والخروج منهما، إلّا للفرق الإغاثية والمنظمات الدولية المعنيّة، مناشدةً عبر صفحتها على "الفيسبوك"، التزام التعليمات للحدّ من انتشار الفيروس.
وفي اتصالٍ مع "العربي الجديد"، يوضح رئيس لجنة "صوت اللاجئ السوري في لبنان"، محمد خالد صيبعة (أبو أحمد)، أنّه "منذ نحو أسبوعٍ، توفي رجل خمسيني في مخيم "بنيان القلمون" الملاصق لمخيم "مساكن القلمون"، جرّاء إصابته بالفيروس على الأرجح. إذ هو عانى من العوارض نفسها، وأُصيب بضيق تنفّس شديد قبل وفاته، علماً أنّه لم يكن يعاني سابقاً من أيّ مشاكل صحية، وكان يعمل سائق "فان". وبناءً على ذلك، أُجريَت فحوص لكلّ المخالطين له، الذين بدورهم خالطوا عائلاتهم وأصدقاءهم، وتراوح أعمار غالبيتهم بين 25 و50 سنة. وأُجري 41 فحص في المخيمين اللّذين يضمّان نحو 110 عائلات، أي قرابة 600 لاجئ، من الرجال والنساء والأطفال، من القرية السورية نفسها، قرية "حوش عرب"".
ويكشف صيبعة أنّ "فرق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ووزارتي الصحة العامة والشؤون الاجتماعية في لبنان، وبلدية عرسال وخلية أزمة كورونا في محافظة بعلبك - الهرمل، ومختلف المنظمات الدولية والهيئات الإغاثية العاملة في المنطقة، هي المخوَّلة فقط الدخول. وقد أجرت هذه الفرق، أمس السبت، تقييماً لاحتياجات المخيّمين، اللذين عُقِّما ووُزِّعَت مستلزمات النظافة والتعقيم والكمّامات والقفازات فيهما، كما الخبز والمازوت للتدفئة، ومساعدات غذائية تكفي لمدة شهر، ليُعمَل على حجر المخيم كاملاً. كذلك رُفعَت نسبة مياه الشرب التي تُزوّد بها المخيمات عادةً".
ويشير صيبعة إلى أنّ "المصابين الـ16 وضعهم مستقر، وليسوا بحالة حرجة لغاية اليوم. وقد حُجِر كلّ منهم في غرفة معزولة داخل خيمته، بعد عزل الغرف المفتوحة باستعمال الخشب والشوادر، كي لا ينقل العدوى إلى عائلته". وأبدى أسفه لـ"عدم التزام أهالي البلدة واللاجئون الإجراءات الوقائية، حيث شهدنا في الفترة الأخيرة مناسبات اجتماعية ساهمت في انتشار الفيروس".
وإذ يؤكّد أبو أحمد أنّ "الوقاية خير من قنطار علاج"، يناشد المفوضية "التدخل والاستجابة السريعة على مستوى مخيّمات عرسال كافة، لتقديم المساعدات الإنسانية والغذائية وسبل التدفئة والتعقيم والأدوية والمياه، ما يحدّ من الأزمات ومن اختلاط اللاجئين عند إغاثة بعضهم بعضاً، كما وإجراء الفحوص العشوائيّة للتأكّد من خلوّها من الإصابات، خصوصاً أنّ البلدة تضمّ نحو 60 ألف لاجئ، موزّعين على 150 مخيماً (قرابة 6500 خيمة) و24 تجمعاً سكنياً، عدا البيوت المتفرقة".
وحذّر أبو أحمد من أنّ "الوضع بات خطيراً، ويجب اتخاذ خطوات احترازية ووقائية شديدة، ولا سيّما بعد تسجيل 30 حالة وفاة بين لاجئي البلدة، خلال شهر واحد، وهي وفيات لأسباب متنوّعة، لكنّها بلغت معدل حالة وفاة واحدة في اليوم. فضلاً عمّا يعانيه اللاجئون من خطر تشرّد جديد، مع بدء العواصف والأمطار، التي ألحقت أخيراً الضرر بـ 85 في المائة من الخيم، بسبب تأخر توزيع الشوادر والخشب للترميم".