لم يمرّ طول أمد جائحة كورونا والتوقعات بموجتها الثانية، من دون أن يلقيا بظلالهما على أوضاع عشرات آلاف الطلاب الأجانب في روسيا، مع استمرار إغلاق الحدود أمام الوافدين من معظم دول العالم ووقف إمكانية استصدار التأشيرة الدراسية من الخارج، ما يضطرهم إلى مواصلة الدراسة أو حتى بدئها بنظام التعليم عن بُعد للملتحقين بالسنة الأولى أو السنة التمهيدية المخصصة لتعلم اللغة الروسية.
وعلى الرغم من مرور أكثر من نصف عام على بدء تمدد جائحة كورونا، ورفع أغلبية القيود المفروضة على إثرها، لكن لم يجرِ حتى الآن إدراج الطلاب ضمن الفئات المسموح لها بدخول روسيا باستثناء الوافدين من بيلاروسيا وكازاخستان وقرغيزستان وكوريا الجنوبية. وجددت وزارة التعليم والعلوم الروسية في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، تأكيدها على أنّ السماح للطلاب الأجانب بتلقي التعليم حضورياً مرهون برفع القيود عن دخولهم إلى البلاد.
وفي هذا الإطار، يشير نائب رئيس اتحاد الطلاب الأجانب في روسيا، ألسيندور روبينسون، إلى أنّ الطلاب الجدد هم الأكثر عرضة للمشاكل الناجمة عن جائحة كورونا، بالإضافة إلى الخريجين الذين لا يستطيع العديد منهم مغادرة البلاد حتى الآن. ويقول روبينسون، وهو طالب دكتوراه من هايتي (قسم من جزيرة هيسبانيولا في الكاريبي تحتل القسم الآخر منه جمهورية الدومينيكان) في تخصص الجيولوجيا، في حديث لـ"العربي الجديد": "يتعرض الطلاب الجدد لأكبر المشاكل، إذ إنّهم يبدؤون الدراسة بنظام عن بعد، لكنّ الوضع أسهل بالنسبة لطلاب السنوات الأعلى والماجستير والدكتوراه. كذلك، ثمة مشاكل تواجه من غادروا روسيا لقضاء العطلة الصيفية ولا يستطيعون العودة حتى الآن، إذ كانت هناك وعود متكررة بقرب فتح الحدود، لكنّ ذلك لم يتم حتى الآن". وحول المشاكل التي تواجه خريجي دفعات عام 2020 بسبب كورونا، يضيف: "لا يستطيع الخريجون مغادرة روسيا بسبب استمرار تعليق حركة الطيران مع أغلب الدول، فيترقبون استئناف حركة الطيران على نحو كامل. لكن لحسن الحظ، سمحت السلطات الروسية ببقاء الأجانب حتى ممن انتهت تأشيراتهم مع تمديد التسجيل بمحل الإقامة تلقائياً، كما توفر الجامعات لهم فرصة البقاء بسكن الطلاب".
وينص المرسوم الرئاسي رقم 274 الذي تم تمديد مفعوله مرة أخرى في سبتمبر/ أيلول الماضي، على السماح ببقاء الأجانب والأشخاص بلا دولة على الأراضي الروسية حتى 15 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، وإلى حين السماح لهم بمغادرة البلاد بموجب أوراق هوية منتهية، مما يجنبهم أيّ مساءلة قانونية عن كسر مدة التأشيرة أو تصريح الإقامة.
وكان وزير العلوم والتعليم العالي الروسي، فاليري فالكوف، قد قدر في منتصف سبتمبر/ أيلول الماضي، عدد الطلاب الأجانب العالقين في روسيا بأكثر من 130 ألفا لم يتمكنوا من العودة إلى بلدانهم بسبب جائحة كورونا، مؤكداً مساعدتهم في إيجاد عمل وتقديم العون المادي لبعضهم. كذلك، هناك أكثر من 100 ألف آخرين لم يتمكنوا من دخول روسيا والالتحاق بزملائهم بحلول ذلك الوقت، وفق فالكوف.
ولم يسلم آلاف الطلاب العرب بالجامعات الروسية من التداعيات الناجمة عن طول أمد جائحة كورونا. شادي، طالب مصري في مرحلة الماجستير في اختصاص اللغويات بإحدى جامعات موسكو، واحد من هؤلاء، يقول لـ"العربي الجديد": "منذ الربيع الماضي تحولنا إلى نظام التعليم عن بعد، لكنّ العملية التعليمية لم تتأثر كثيراً بذلك، لأنّ اللغويات اختصاص نظري إلى حد كبير. كذلك، يحظر علينا التحرك داخل سكن الطلاب من دون كمامة". يوضح شادي أنّه اضطر لتعديل خطته لزيارة مصر لإمضاء عطلته الصيفية مع أسرته، مضيفاً: "بالرغم من تعليق حركة الطيران، فإنّ شركة مصر للطيران، كانت تنظم بين الحين والآخر رحلات غير منتظمة بالتنسيق مع السفارة المصرية بموسكو. مع ذلك، فإنّ كلفة السفر كانت أعلى من المعتاد، كما كنت أخشى ألاّ أتمكن من العودة، فعندما وجدت الدنيا بأكملها مغلقة، قررت إمضاء الصيف في موسكو، ولحسن الحظ كان الجو جميلاً، لكنّ الأنشطة كانت محدودة بسبب استمرار بعض القيود".
ووصل عدد الطلاب الأجانب بالجامعات الروسية في العام الدراسي 2019 / 2020 إلى 300 ألف، في نحو 700 جامعة، بمقدمتها "قازان الفيدرالية" و"الصداقة بين الشعوب" و"المدرسة العليا للاقتصاد". ومعظم الطلاب الوافدين هم من الجمهوريات السوفييتية السابقة والصين والهند، بحسب وزارة العلوم والتعليم العالي.