تشهد مستشفيات تونس اختناقا غير مسبوق بسبب تضاعف عدد مصابي كورونا الباحثين عن العلاج نحو أربع مرات في ظل توقعات بمزيد من الإصابات خلال الأسبوعين القادمين مع بلوغ ذروة الموجة الرابعة للتفشي.
وقال أطباء بأقسام الطوارئ في مستشفيات بالعاصمة والمدن الكبرى، إن المستشفيات لم تعد قادرة على استقبال المزيد من المرضى رغم قيامها بزيادة أعداد الأسرة لرفع طاقة الإيواء، وتوفير كميات إضافية من مخزون الأوكسجين. وأطلق أطباء المستشفيات الحكومية نداء استغاثة لطلب الدعم اللوجستي والبشري من الأطباء والإطارات شبه الطبية والمتطوعين لمساعدتهم، إلى جانب توفير المستلزمات الأساسية للمرضى.
وقال أطباء إن الإقبال على أقسام الطوارئ زاد بأكثر من 60 في المائة، وينتظر عشرات المرضى في طوابير أمام المستشفيات التي وصلت إلى مرحلة الإغراق، وأكد رئيس قسم الطوارئ بمستشفى عبد الرحمان مامي بالعاصمة تونس رفيق بوجدارية إن "أقسام الطوارئ تعمل تحت ضغط كبير، وانتقلت إلى مرحلة طب الكوارث، ونطالب المجتمع المدني بالتدخل السريع للمساعدة في ظل الوضع المالي الصعب الذي يمنع من ضخ أي أموال إضافية لتحسين الخدمات، أو القيام بالتوسعات اللازمة، أو اقتناء المستلزمات الطبية".
وأوضح بوجدارية، لـ"العربي الجديد"، أن "الأمر لا يقتصر على مستشفيات العاصمة، أو تونس الكبرى فقط، بل يمتد إلى كل محافظات البلاد التي تواجه موجة رابعة شديدة من الوباء، وتحتاج إلى مجهود تضامني لتجاوزها بأخف الأضرار الممكنة. أقسام الطوارئ تستوعب يوميا ما بين 80 إلى 100 إصابة، ويتم فرزهم حسب درجة الخطورة، فيما ينتظر آخرون دورهم في العلاج نظرا لعدم توفر أسرة أجهزة الأوكسجين، أو الأسرة لإيواء الحالات الحرجة".
وتعاني مستشفيات تونس من نقص كبير في الموارد المالية، وزادت الأوضاع تأزما بعد الجائحة الصحية نتيجة الكلفة المرتفعة للعلاج وإيواء المرضى في القطاع الحكومي، والتي تتحملها وزارة الصحة بمعدل ألفي دينار يوميا للمريض الواحد، وأصبحت الخدمات الصحية مهدّدة في ظل تفاقم عجز المستشفيات الحكومية بسبب عدم قدرتها على استعادة مستحقاتها لدى صندوق التأمينات الصحية، والذي يواجه بدوره مشاكل مالية.
وحسب بيانات رسمية لوزارة الصحة، فإن مستحقات المستشفيات لدى الصندوق تناهز 700 مليون دينار، وتكابد الوزارة من أجل استعادة بعض من هذا المبلغ لضمان استمرار الحد الأدنى من الخدمات في المستشفيات الحكومية.
وتقرع النقابات الصحية أجراس الخطر بعد رفض المزودين التعامل مع المستشفيات بسبب عدم حصولهم على مستحقات قديمة، ما فاقم من تدهور الخدمات، إذ تكتفي العديد من الأقسام بالفحوص فقط في غياب إمكانيات توفير باقي الخدمات، ومنها التحاليل، والأشعة، والدواء. ومع غرق المستشفيات في الموجة الأحدث للجائحة، أصبح الوباء يستهدف المصابين الأصغر سنا، وأصبح إرهاق العمل يهدد صحة الكوادر الطبية.
وتتلقى تونس لقاحات كورونا عبر برنامج "كوفاكس" التابع لمنظمة الصحة العالمية، لكن الإمدادات بطيئة، وتلقى 574 ألف شخص فقط الجرعة الثانية من مجموع 3 ملايين تونسي مسجلين على المنصة الإلكترونية بعد 113 يوما من انطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ضد فيروس كورونا.