"كوب 27": مفاوضات الساعات الأخيرة المعقدة للوصول إلى اتفاق

19 نوفمبر 2022
ما زالت المفاوضات والنقاشات متواصلة في شرم الشيخ (محمد عبد الحميد/الأناضول)
+ الخط -

تتواصل، السبت، مفاوضات صعبة في مؤتمر المناخ (كوب 27) الذي مُدِّد ليوم واحد على الأقل في غياب الاتفاق على نقاط خلافيّة عدّة، بدءاً بتمويل الأضرار الناجمة عن التغيّر المناخي التي تتكبّدها الدول النامية.

وعقد مفاوضو حوالى 200 دولة مجتمعين في منتجع شرم الشيخ المصري على البحر الأحمر، اجتماعات ومباحثات ثنائية طوال ليل الجمعة السبت، في محاولة للتقدّم على صعيد النقاط الشائكة، مثل مصير الطاقة الأحفورية، أو التعويض على الأضرار الحاصلة جراء التغير المناخي في ما بات يعرف بملف "الخسائر والأضرار".

ووعدت الرئاسة المصرية للمؤتمر، التي انتقدت التأخّر الحاصل في هذه المفاوضات المعقّدة، الجمعة بتولّي زمام المبادرة.

وحضّ رئيس كوب 27، وزير خارجية مصر، سامح شكري، الأطراف على تكثيف الجهود في المفاوضات.

وقالت وزيرة انتقال الطاقة الفرنسية أنييس بانييه روناشير الجمعة، إنّ "الاتفاق ليس بالضرورة في متناول اليد".

وأكّد مانويل بولغار فيدال، من الصندوق العالمي للطبيعة: "يجب تكثيف المفاوضات سريعاً. لا يمكن ترك هذا العدد من مواضيع التفاوض من دون نتيجة حتى المؤتمر المقبل".

ومن أكثر المسائل تعقيداً، مسألة "الخسائر والأضرار" التي لا تزال في صلب النقاشات بعد الفيضانات غير المسبوقة التي شهدتها باكستان ونيجيريا. وتطالب دول الشمال بإنشاء صندوق خاص لتعويض هذه الأضرار.

الاتحاد الأوروبي يرفض مقترحاً بشأن الانبعاثات 

رفض الاتحاد الأوروبي مقترحاً قدمته الرئاسة المصرية لقمة المناخ "كوب 27"، معتبراً أنه "غير مقبول"، لأنه سيعرض الالتزامات السابقة بشأن خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحترار، للتشكيك.

وقال مسؤول في وزارة انتقال الطاقة الفرنسية لوكالة "فرانس برس": "في هذه المرحلة، تشكك الرئاسة المصرية في المكاسب التي تحققت في غلاسكو بشأن خفض الانبعاثات"، في إشارة إلى نتائج مؤتمر الأطراف حول المناخ "كوب 26" العام الماضي، مؤكداً أن "هذا أمر غير مقبول بالنسبة إلى فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي".

 تقدم خجول 

ومساء الجمعة سرى اقتراح جديد غير رسمي بعد مشاورات قادتها المملكة المتحدة، على ما أفاد مصدر مطلع على المفاوضات. ويتضمن الاقتراح طرق تمويل "جديدة ومحسنة"، من بينها "صندوق" محتمل يموله شركاء من القطاعين العام والخاص.

وعُرضَت مسوّدة قرار بشأن هذه المسألة اقترحت ثلاثة خيارات، أحدها يشير إلى إنشاء صندوق تحدّد آليّات عمله في وقت لاحق.

وقالت وزيرة التغير المناخي الباكستانية شيري رحمن باسم مجموعة 77+الصين التي ترأسها بلادها وتضم 130 دولة، إن هذا الخيار مقبول "مع بعض التعديلات القليلة التي اقترحناها".

وتتحفظ الدول الغنية منذ سنوات من فكرة إنشاء آلية خاصة لتمويل هذه الأضرار، خشية أن تواجه مسؤولية قانونية قد تفتح الباب أمام تعويضات لا تنتهي.

وكان الاتحاد الأوروبي قد سعى لحلحلة هذه العقدة بقبوله بشكل مفاجئ الخميس مبدأ إنشاء "صندوق استجابة للخسائر والأضرار". إلا أن هذا الصندوق يجب أن يمول من جانب "قاعدة واسعة من المانحين"، أي من دول تملك قدرة مالية على المساهمة، في إشارة إلى الصين حليفة الدول النامية في هذا الملف.

ويطالب الأوروبيون بدعم من مجموعات أخرى بإعادة تأكيد أهداف قوية على صعيد خفض انبعاثات غازات الدفيئة.

وقد رحب سيفيه باينيو، وزير المال في أرخبيل توفالو المهدد بارتفاع مستوى مياه البحر، بالعرض الأوروبي، معتبراً أنه "تنازل واختراق كبيران".

ولم تكشف الولايات المتحدة ولا الصين موقفهما من الاقتراح، فيما شخصت إصابة المبعوث الأميركي الخاص للمناخ جون كيري بكوفيد-19 في خضم المفاوضات.

 الطاقة الأحفورية 

ومصير الطاقة الأحفورية التي تتحمل المسؤولية الأكبر في الاحترار المناخي منذ الثورة الصناعية، محور مناقشات مكثفة في كوب 27.

وكان مؤتمر المناخ في غلاسكو العام الماضي قد حدد للمرة الأولى هدفاً يقضي بخفض استخدام الفحم الذي لا يترافق مع نظام لالتقاط ثاني أكسيد الكربون. وتريد بعض الدول تعزيز هذا الهدف من خلال ذكر النفط والغاز صراحة، الأمر الذي لا يلقى حماسة لدى الدول المنتجة.

ونشرت الرئاسة المصرية للمؤتمر مسودة وثيقة نهائية لا تلحظ إحراز تقدم في هذه النقطة، لكنها تشير للمرة الأولى إلى ضرورة تسريع اعتماد الطاقة المتجددة.

دعت الوثيقة إلى "مواصلة الجهود لحصر الاحترار بـ1.5 درجة مئوية" في إشارة واضحة إلى أهداف اتفاق باريس للمناخ المبرم عام 2015 التي كانت تخشى بعض الدول خفضها.

نصّ اتفاق باريس بشأن المناخ الذي يشكل الحجر الأساس في مكافحة التغير المناخي، على هدف حصر الاحترار دون الدرجتين المئويتين، وإن أمكن بحدود 1,5 درجة مئوية، مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية.

إلا أن الالتزامات الحالية للدول المختلفة لا تسمح بتاتاً بتحقيق هذا الهدف. وتفيد الأمم المتحدة بأنها تسمح بأفضل الحالات بحصر الاحترار بـ2,4 درجة مئوية في نهاية القرن الحالي.

(فرانس برس)

المساهمون