في ديسمبر/كانون الأول الماضي، هاجمت كلاب طفلين في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، ليُنقلا على الفور إلى مستشفى غزة الأوروبي في المدينة، وهما في حالة صعبة. واضطر الأطباء إلى إجراء عملية جراحية لأحدهما وتمكنوا من إنقاذ حياته. هذه الحادثة أثارت غضب الأهالي الذين باتوا يخشون على أطفالهم من كلاب الشوارع.
وتتكرر الحوادث المماثلة في الوقت الذي تزيد أعدادها، خصوصاً في الأراضي الفارغة على مقربة من المخيمات والأحياء المأهولة بالسكان، الأمر الذي يخيف الأهالي.
وتُحاول الجهات المعنية، منها البلديّات، جمع الكلاب في أرض خصّصتها بلدية غزة شرقي مدينة غزة مؤخراً، من أجل إيوائها من دون أن تحل المشكلة. في المقابل، يلاحظ الناس أن أعداد الكلاب إلى تزايد. ويرى المراقبون أن مشكلة كلاب الشوارع تتفاقم في ظل ضعف الإمكانيات المتاحة، في مجتمع يفتقر إلى مقومات الحياة الأساسية.
وهاجمت كلاب طفلي أحمد الغول (38 عاماً)، إلا أنه سمع نداءهما لدى اقترابه من باب المنزل في اللحظة الأخيرة قبل أن يتعرضا لأي أذى، إذ يقيم على مقربة من شارع المخابرات غربي مدينة غزة حيث هناك أرض مفتوحة. ويقول الغول لـ "العربي الجديد": "أصبحنا نخشى خروج أطفالنا بعد غروب الشمس، إذ أن الكلاب تسير في مجموعات بحثاً عن طعام. وهذا خطر". يضيف: "نحذّر الأطفال من دخول الأراضي المحاذية لنا بسبب تواجد الجراء فيها، وحتى لا تعتقد الكلاب أننا نقترب منها فتزيد شراسة. غزة بيئة لا تتحمل أن تصبح الحيوانات الأليفة فيها مؤذية لنا. مجتمعنا صغير ولن يتقبل مشاكل أخرى، وهي ظاهرة بحاجة لحلّ عاجل".
ويعرب جار الغول، محمد مهنا، عن انزعاجه ممّا يحدث بشكل كبير. ويقول: "منذ ثلاث سنوات، يزعجنا نباح الكلاب في كل مساء حين تتجمع في الشارع، الأمر الذي يخيف الأطفال". يضيف: "ذات مرة، وخلال عودتي إلى البيت بعدما أديت صلاة العشاء في المسجد، هاجمتني مجموعة كلاب، وقد أنقذني الناس في اللحظة الأخيرة".
في المقابل، يحرص فادي سكيك على وضع طعام للكلاب على مقربة من شارع منزله في حي تل الهوا، لافتاً إلى أنّ الكلاب أصبحت مسالمة ولا تؤذي أحداً من المارة، على عكس المناطق الأخرى حيث تتعرض للأذى. ويقول سكيك: "كلاب الشارع أليفة جداً في غزة وإن كنت أسمع يومياً عن مدى انزعاج الناس منها"، مشيراً إلى أنّ "أكثر ما يزعجني هو صوتها عند منتصف الليل وفي ساعات الصباح المبكر. لكن للأسف، نعيش في مجتمع فقير ومنهار اقتصادياً. وحتى عندما تبحث الكلاب في القمامة، لا تجد طعاماً. لذلك، أبادر إلى إطعامها حتى باتت تتجمع أمام منزلي".
من جهته، يلاحظ الطبيب البيطري أيمن عوض الانفتاح الكبير في غزة على تربية ورعاية الكلاب خلال السنوات الأخيرة، لافتاً إلى أنّه عالج الكثير من كلاب الشوارع. ويحمّل الجهات الرسمية المسؤولية لتقصيرها في الاعتناء بكلاب الشارع.
ويقول عوض لـ"العربي الجديد" إنّ بعض المناطق ترفض وجود الكلاب خشية أن تقترب من البيوت، فيما يعمد البعض الآخر إلى قذفها بالحجارة، في وقت يعجز المعنيون عن إيجاد حلول لمشكلة كلاب الشوارع".
وتعتبر عائلة العرّ من العائلات التي تهتم بالكلاب. وأسس سعيد العرّ أول جمعية لرعاية الحيوانات الضالة، وما زال يحاول إيجاد مساحة كبيرة لإنشاء ملجأ يجمع فيه الكلاب والقطط الضالة. لكنّه يؤكد أنّ الأمر يحتاج إلى تكاتف الجهود من البلديات والحكومة والمجتمع المدني.
ويلفت العر إلى أنّ أعداد الكلاب زادت بفعل الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، كونها تهرب من المناطق الشرقية التي تشهد قصفاً إسرائيلياً بحثاً عن الأمان. ويقول: "الكلاب الضالة غير مؤذية، لكنّها تخيف المواطنين بمجرد أن تلحق بهم أو تنبح في وجههم، خصوصاً الأطفال والنساء. وقلة منها تهاجم الناس".
في نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلنت بلدية غزة بالتعاون مع الصندوق الفلسطيني للتشغيل عن وظائف شاغرة مؤقتة لمدة شهرين، على أن تكون لدى المتقدم للوظيفة مهارة في التعامل مع الكلاب، وذلك في إطار مشروع إيواء الكلاب الشاردة في مدينة غزة الذي تعمد إلى تنفيذه (يجب أن تكون للعامل القدرة الجسدية والمهارات الفنية اللازمة لتنفيذ الأنشطة المقترحة في المشروع) وذلك بعدما ارتفعت الشكاوى التي تتلقاها من الأهالي حول الكلاب الشاردة.