كارثة صحية بسبب منع "طالبان" تعليم الأفغانيات

18 سبتمبر 2024
شح الكادر الطبي النسائي مشكلة كبيرة في أفغانستان (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **نقص الكوادر الطبية النسائية**: تعاني أفغانستان من نقص حاد في الكوادر الطبية النسائية، خاصة في المناطق النائية، نتيجة لسياسات طالبان التي تمنع الفتيات من التعليم الجامعي، مما يزيد من صعوبة الحصول على الرعاية الصحية اللازمة.

- **إغلاق المستشفيات بسبب شح الميزانية**: تعاني المستشفيات من شح الميزانية، مما أدى إلى إغلاق مستشفى شهير في ولاية بدخشان كان متخصصاً في علاج النساء، مما زاد من معاناتهن في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.

- **دعوات لتحسين الوضع الصحي**: تطالب الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية بتحسين الوضع الصحي للمرأة الأفغانية، مؤكدة أن الحل يكمن في السماح للفتيات بالتعليم لتخريج كوادر طبية نسائية قادرة على تلبية الاحتياجات الصحية المتزايدة.

بالتزامن مع إصرار حكومة حركة "طالبان" في أفغانستان على منع الفتيات من الذهاب إلى المدارس والجامعات، تفيد تقارير بأن مشكلات كثيرة ظهرت في الآونة الأخيرة في مجال الرعاية الصحية الخاصة بالنساء والأطفال، أبرزها وأكثرها عمقاً شحّ الكوادر الطبية النسائية، خاصة في المناطق النائية. ويتوقع أن تتفاقم المشكلة في الأشهر القادمة لأن الجامعات لم تخرّج كوادر طبية نسائية سواء طبيبات أو ممرضات، وبات المواطنون يدفعون الثمن، خاصة النساء والأطفال.
وليس عدم وجود كوادر طبية نسائية المشكلة الوحيدة، رغم أنها الأكثر تعقيداً، إذ يُضاف إليها شحّ الميزانية. إذ ت أغلق مستشفى شهير متخصص في علاج النساء بولاية بدخشان (شمال) بسبب عدم وجود ميزانية كافية. وكانت منظمة الصحة العالمية تموّل هذا المستشفى الذي قدم خدمات مميزة طوال سنوات قبل أن يعلن قرار إغلاق أبوابه فجأة بسبب فقدان الميزانية، ما خيّب آمال سكان ولاية بدخشان خاصة النساء. 

تقول رقية إنعام، إحدى النساء الحوامل في ولاية بدخشان، لـ"العربي الجديد": "كنت أنتظر وقت وضع طفل في هذا المستشفى بعدما سبق أن أنجبت طفلين فيه، واستفدت من تقديمه خدمات جيدة مجاناً وتوفيره كل مستلزمات النظافة، لذا كان خبر إغلاقه مخيباً جداً. يعمل زوجي سائقاً ينقل الناس من مديرية بهارك إلى مركز الولاية مدينة فيض آباد، ووضعنا متردي في ظل الغلاء المستشري، ومن ثم لا يمكن أن نذهب إلى مستشفيات خاصة، وباقي المستشفيات الحكومية تقدم خدمات متدنية. كنت أتوقع أن أضع طفلي في هذا المستشفى، لكن إغلاقه شكل لي ولنساء أخريات أعرفهن صدمة".

مهمات محدودة للرجال في الرعاية الصحية للنساء في افغانستان (Getty)
مهمات محدودة للرجال في الرعاية الصحية للنساء في أفغانستان (Getty)

ويقول الزعيم القبلي في ولاية بدخشان، أمير الله عباد، لـ"العربي الجديد" إن "الوضع الصحي في المديريات كان هشاً منذ القدم لكنه يتدهور الآن حتى في المدن الرئيسية، ومن أبرز الأسباب عدم اهتمام الحكومة والمجتمع الدولي بقضية الميزانية، وشحّ الكادر الطبي النسائي، والمشكلات تتفاقم لأن الحكومة لا تبدي أي اهتمام، علماً أنه من المعروف أن الرجال لا يعملون في الجانب الصحي النسائي. وفي ظل عدم تخرّج الفتيات من الجامعات يزداد الاحتياج كل سنة، ويقل عدد الطبيبات خصوصاً أن كثيرات خرجن من البلاد، وتسعى أخريات لفعل ذلك". 
يضيف: "واضح أيضاً أن اهتمام المؤسسات الدولية لا يتجه نحو أفغانستان، وإغلاق المستشفى النسائي في ولاية بدخشان من قبل منظمة الصحة الدولية خير مثال على ذلك، وهو ما تأثر أيضاً بسياسات طالبان التي توجه ضربات كبيرة إلى قطاع الصحة".
والعام الماضي أعلنت الأمم المتحدة أن أفغانستان تعتبر من بين الدول التي يموت فيها عدد كبير من الأطفال عند الولادة بسبب عدم وجود رعاية صحية مناسبة، مشيرة إلى أن السبب الرئيسي وراء الوفيات هو عدم الحصول على رعاية صحية خلال الحمل أو عند الولادة وحتى بعدها، كما أن النساء والأمهات يواجهن مشكلات صحية وخسائر في الأرواح.
وطالبت الأمم المتحدة كل الأطراف بأن تعمل معها لتغيير الوضع الصحي للمرأة الأفغانية من أجل تحسين الحالة السائدة.

وتقول المتخصصة في الأمراض النسائية، الطبيبة شغوفة كبيري، من مدينة جلال آباد، لـ"العربي الجديد": "عدد الأطفال الذين يموتون عند الولادة قد يكون أكبر مما تذكره المؤسسات الدولية، خاصة أن هذه المؤسسات لا توجد في المناطق النائية حيث يتوفى عدد أكبر من الأطفال، والسبب في معظم الحالات عدم وجود الرعاية الصحية والكوادر الطبية. ونحن لا نلوم المؤسسات الدولية ولا نحمّلها المسؤولية الكاملة، بل الحكومة الأفغانية التي تمنع سلوك الأمور المسار الطبيعي ما يزيد المشكلات والأمور سوءاً". 
تتابع أنه "حتى لو فعلت المؤسسات الدولية كل ما تريده حالياً فهي لن تجلب طبيبات وممرضات من خارج أفغانستان، لذا يجب أن تسمح حكومة طالبان بتعليم البنات كي تخرّج الجامعات طبيبات وممرضات. المشكلة الأساسية في مجال الرعاية الصحية الخاصة بالنساء ليست قلّة الدواء والاحتياجات اللوجستية فحسب، علماً أنها موجودة وحقيقية فعلاً، لكن حجمها ليس بحجم شحّ الكادر الطبي. 
وتشرح أنّ "العيادات الخاصة والمستشفيات الحكومية تواجه مشكلات كبيرة، من بينها عدم العثور على طبيبات وممرضات، أما في السابق، فكانت طوابير من النساء تقف أمام العيادات والمستشفيات لدى إعلان توظيف كوادر جديدة لأن الجامعات كانت تخرّج الكوادر، والحقيقة أنه عندما تكون الجامعات والمدارس مغلقة في وجه البنات، يجب أن نتوقع هذه المشكلات وأكبر منها أيضاً".

المساهمون