قوس قزح على كتب مدرسية يثير قضية المثلية الجنسية في المغرب

11 سبتمبر 2024
من الكتب المدرسية التي أثارت جدالاً في المغرب بسبب رسم قوس قزح، 10 سبتمبر 2024 (فيسبوك)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- حزب العدالة والتنمية المغربي اتهم وزير التربية الوطنية بدعم المثلية الجنسية بسبب أغلفة كتب مدرسية تحمل ألوان قوس قزح، وطالب بفتح تحقيق وسحب الكتب.
- الحزب وصف تداول هذه الكتب بـ"السابقة الخطرة" واعتبرها فعلاً شنيعاً ينافي قيم المغاربة، محذراً من نية لزعزعة النسيج الاجتماعي.
- الجدال حول مضامين الكتب المدرسية ليس جديداً في المغرب، حيث تكررت شكاوى من مضامين مخالفة لثوابت المغرب، وتم سحب كتاب مدرسي في أغسطس 2023 بسبب ترويجه للمثلية الجنسية.

بعد أيام من انطلاق العام الدراسي الجديد 2024-2025، اتَّهم حزبُ العدالة والتنمية في المغرب وزيرَ التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى بـ"دعم المثلية الجنسية"، وذلك على خلفيّة سلسلة كتب مدرسية رُسم على أغلفتها قوس قزح بألوانه السبعة؛ الأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر والأزرق والنيلي والبنفسجي، تدريجياً من الخارج إلى الداخل. بالنسبة إلى المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية في مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى من البرلمان) فإنّ أغلفة تلك الكتب "تحمل ألوان علم المثليّين"، علماً أنّ العلم الذي يشير إليه الحزب يتألّف من ستّة ألوان، وليس سبعة، كما حال الرسم على الكتب المدرسية.

وطالبت المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، في سؤال كتابي وجّهته إلى وزير التربية، أمس الثلاثاء، بفتح تحقيق في ما وصفته بأنّه "فضيحة"، بـ"ترتيب الجزاءات المناسبة في حقّ كلّ من ثبت في حقه القيام بهذا العمل الشنيع"، بالإضافة إلى سحب الكتب المشار إليها من الأسواق. والأمر يتعلّق بسلسلة كتب "متعتي في بداية التعليم"، باللغتَين العربية والفرنسية، المُعَدَّة للمستويات التعليمية الأوّليّة الثلاثة؛ للأطفال ما بين ثلاثة أعوام وأربعة، ولمن هم ما بين أربعة أعوام وخمسة، ثمّ للصغار ما بين خمسة أعوام وستّة.

ورأت المجموعة النيابية، في سؤالها الكتابي نفسه، أنّ تداول تلك الكتب "سابقة خطرة"، خصوصاً أنّها مرخّصة من قبل وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، وأكدت أنّ ذلك "فعل شنيع ينافي قيم المغاربة المستمدّة من دين الإسلام الحنيف". وأشارت إلى أنّ الأمر "قد ينطوي على نيّة ومخطّط مبيّتَين لزعزعة النسيج الاجتماعي المغربي". يُذكر أنّ البرلماني المغربي مصطفى الإبراهيمي هو الذي وجّه السؤال الكتابي باسم المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، الذي وُصف بأنّه "دقّ لناقوس الخطر".

لم يتسنَّ لـ"العربي الجديد" الحصول على تعقيب من قبل الوزارة بشأن السؤال الكتابي المقدَّم، لكنّ رئيس "مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية" رشيد لزرق قال إنّ "حزب العدالة والتنمية، على غرار قوى التديّن السياسي، يعمل لتوظيف الهوية والمعارك الأخلاقية أداةً سياسيةً، إذ إنّها تثير هواجس المجتمع وقيمه الأصيلة من خلال طرح نفسها حامية للأخلاق والهوية".

وأوضح لزرق، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "طرح السؤال الكتابي من قبل المجموعة النيابية للحزب الإسلامي هو هدف سياسي، بمبرّر حماية المجتمع والناشئة من المثلية الجنسية والشذوذ الأخلاقي، من أجل كسب الدعم الشعبي وتوسيع قاعدتها الانتخابية". وأضاف أنّ "في وقت يعيش فيه المجتمع أزمة اقتصادية واجتماعية نتيجة عشرة أعوام من تدبير هذا الحزب، فإنّ الأخير يحاول راهناً الركوب على هذه القضايا وتخويف الأسر على أطفالهم".

وهذه ليست المرّة الأولى التي يُثار فيها الجدال في المغرب بخصوص مضامين الكتب، إذ يشتكي أولياء أمور التلاميذ والمدرسون، بين الحين والآخر، من مضامين مخالفة لـ"ثوابت المغرب"، لا سيّما ما يتعلّق بالترويج للمثلية الجنسية وحقوق المثليين في المقررات التي تعتمدها مدارس أجنبية مرخص لها في مناطق مغربية عديدة. ولعلّ آخرها، في أغسطس/ آب من عام 2023، عندما أثار كتاب مدرسي باللغة الفرنسية جدالاً بالبلاد، بسبب ما يتضمّنه من "ترويج" للمثلية الجنسية، علماً أنّ السلطات المغربية المعنية سحبت ذلك الكتاب من المكتبات والأسواق الكبرى. يُذكر أنّ التشريعات تجرّم المثلية الجنسية في المغرب، وتنصّ المادة 489 من القانون الجنائي بشأنها على عقوبة الحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات.

تجدر الإشارة إلى أنّ مذكّرة وزارية كانت قد أُصدرت في 13 يوليو/ تموز 2023، وعُمّمت على الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، شدّدت على أنّ "بعض مضامين الكتب المدرسية والدعائم البيداغوجية (التربوية) المعتمدة في بعض المؤسسات التعليمية التي تقدّم برنامجاً تعليمياً أجنبياً لا تحترم قدسية الثوابت والقيم الوطنية والدينية لبلادنا".

ودعت المذكرة مديري الأكاديميات إلى "اتّخاذ التدابير الضرورية من أجل ضمان الالتزام الصارم والدائم لمؤسسات التعليم المدرسي التي تقدّم برنامجاً تعليمياً أجنبياً، من ضمن برامجها الدراسية وكتبها المدرسية، باحترام الثوابت الوطنية والدينية القائمة على الدين الإسلامي السمح والوحدة الوطنية والترابية والهوية الوطنية الموحّدة بانصهار مكوّناتها وتحدّد روافدها، والملكية الدستورية، والاختيار الديمقراطي، وقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار، والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية".

كذلك، طالبت المذكرة المديرين بـ"التحلي باليقظة اللازمة، وإعمال آليات التتبّع والمراقبة التربوية والإدارية الضرورية، من أجل ضمان احترام الثوابت والقيم الوطنية والدينية ومقدّسات الأمة المغربية من طرف المؤسسات المعنية التابعة للنفوذ الترابي للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين التي تشرفون عليها، مع الحرص على التطبيق الصارم، في حقّ المخالفين، للإجراءات الإدارية والعقوبات المقرّرة بموجب المقتضيات التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل".

المساهمون